بغداد: عماد الإمارة
حث مختصون بالشأن الاقتصادي، على ضرورة وضع خطط ستراتيجية تهدف إلى التوسع العمراني خارج المدن، مؤكدين أهمية ذلك في تحقيق جملة مكاسب، بضمنها التخفيف من الزخم السكاني الحاصل، والقضاء على أزمة السكن والعشوائيات، مبدين استغرابهم من ضعف الإجراءات الخاصة بالتخطيط لأحياء جديدة مخدومة من ناحية البنى التحتية الأساسية، وقصور الخدمات المقدمة للأحياء الحالية خارج المركز.
وعلى الرغم من الجهود الحكومية الحثيثة الهادفة إلى القضاء على أزمة السكن، سواء عبر منح مزيد من قروض البناء أو لشراء الوحدات السكنية، إلا أن مختصين طالبوا بوضع ضوابط صارمة تحد من ارتفاع أسعار العقارات، داعين إلى تكثيف المبادرات والخطط الهادفة إلى بناء المجمعات السكنية وتوزيعها بين المستحقين بهدف الحد من الارتفاعات الجنونية للوحدات السكنية.ويقدر المختصون بالشأن الاقتصادي، حاجة البلاد إلى ثلاثة ملايين وحدة سكنية، محذرين من أن تزايد معدلات النمو السكاني يمكن أن يفاقم الأزمة خلال السنوات المقبلة، لاسيما أن معدلات ذلك النمو بلغت بحدود 2.6 % .
المختص بالشأن الاقتصادي الدكتور عدنان بهية، حدد عددا من النقاط التي تقف وراء اتساع أزمة السكن وبناء العشوائيات في العديد من مناطق البلاد، منها ضعف الإجراءات الخاصة بالتخطيط لبناء أحياء سكنية جديدة مخدومة من ناحية البنى التحتية الأساسية خارج الحدود الإدارية للمدن، مع قصور الخدمات المقدمة للأحياء السكنية الحالية خارج المركز، وعدم إنشاء أحياء سكنية جديدة تستقطب رؤوس الأموال بعيدا عن مراكز المدن التي بدأت تكتظ، وبالتالي تتصاعد أسعار العقارات فيها، لافتا إلى أن العامل الآخر الذي أدى إلى استفحال أزمة السكن، هو تضخم رأس المال المتوفر لدى العديد من الأفراد نتيجة الفساد، مما دفعهم إلى البحث عن منافذ أخرى لتوسيع استثماراتهم عبر بيع وشراء العقارات.وأوضح الدكتور بهية، أن الإجراءات الصارمة والناجحة لمختلف الجهات الحكومية، والتي أفضت إلى منع تهريب العملة، أدت إلى تركز كتلة مالية كبيرة داخل العراق، ما أدى إلى توجيه هذه الكتلة النقدية لشراء العقارات والمولات والمطاعم داخل المدن، مبينا أن السبب الآخر وراء أزمة السكن هو عدم وجود توسع لبناء المدن الحديثة خارج حدود المركز، فضلا عن وجود قصور في بناء وحدات لمحدودي الدخل ولشرائح الموظفين.
ولمعالجة أزمة السكن والبناء العشوائي يقول الدكتور بهية، إن ذلك يتمثل في بناء مدن جديدة بجانب المدن الحالية، وتكون ذات مخدومية عالية وبنى تحتية أساسية، والعمل بشكل جدي على استقطاب رؤوس الأموال لبناء المجمعات السكنية خارج المدن لتقليص الزخم السكاني الحاصل.
من جانبها أوضحت عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة النهرين الدكتورة نغم حسين، أنه "نظرا للظروف غير المستقرة التي عاشها العراق، فقد عانى التخطيط والإدارة من مشاكل عديدة، تمثلت في ضعف الكفاءة وعدم الإفادة من الخبرات في مجال التخطيط السكني وانتشار الفردية والعشوائية في اتخاذ العديد من القرارات في مضمار السكن، لاسيما توزيع الأراضي وتحديد مواقع المجمعات".
كما لفتت الدكتورة حسين، إلى أن من بين الأسباب التي فاقمت مشاكل السكن، عدم إنجاز مشاريع ومجمعات واطئة الكلفة يمكن لمحدودي الدخل شراءها، كذلك عدم فسح المجال للاستثمار في مجال السكن بشكل كبير، وكذلك عدم وجود مخططات أساس للعديد من المدن وإن وجدت فهي قديمة وغير محدثة، مشيرة إلى أن تلك العوامل "أفرزت واقعا اقتصاديا مترديا نتجت عنه صعوبات كبيرة أثرت في واقع السكن في العراق، لذا لابد من أن تنطلق جملة من الآليات لمعالجة ومواجهة أزمة السكن أو ما يسمى سكن الطوارئ وتمكين الفئات المستهدفة من دفع الإيجار في حال عدم امتلاك الوحدة السكنية عبر منح نقدية مناسبة".
وأكدت عميد كلية إدارة الأعمال، ضرورة فسح المجال واسعا أمام القطاع الخاص للاستثمار في المشاريع السكنية، والعمل الجاد وفق مبدأ تشييد المساكن والمجمعات الخضراء الصديقة للبيئة وسن التشريعات اللازمة للتطوير في مجال السكن، بما يمكن المستثمرين من العمل في بيئة ناجحة.