الديوانيَّة: عباس رضا الموسوي
في صيف العام 1973 كانت أول سفرة لي بالسيارة حيث أخذني خالي القروي بصحبة أمي الى محافظة النجف الأشرف للتخفيف عنها كون والدي توفي حديثاً، آنذاك كان عمري أربع سنوات تقريباً، لذا غاب عن ذاكرتي الكثير من أحداث تلك الرحلة، غير أنَّ لحظة وقوفي أمام أحد التماثيل لإحدى الشخصيات في مكانٍ ما، بقيت عالقة في الذاكرة المتعبة خصوصاً عندما همس خالي الذي تعدّه أمي في طليعة المتمدنين في قريتنا قائلاً: «خويه الحكومة گدرت كلشي تصنع بس الروح ما كدرو يصنعونها»، بينما راحت أمي المسكينة تغطي وجهها عن الرجل التمثال من باب الحياء.
في صيف 2023 أوقفت والدتي العجوز أمام أحد التماثيل في مدينة الديوانيَّة أثناء عودتنا من شارع الأطباء وذكرتها بمقولة خالي الشهيرة عائلياً فتبسمت ولكنها لم تغط وجهها عن نظرات الرجل التمثال هذه المرة.
بين هذين التاريخين لطالما استوقفتني النصب التذكاريَّة ورحت أتأملها وكأني أقرأ ذاك الحدث الذي ترمز إليه خصوصاً عندما يجذبك إبداع الفنان الذي يقف وراء هذا العمل الفني مثلما تشدني أكثر أهميَّة الحدث التاريخي المجسد، فالبعض من النصب التذكاريَّة يشبه قصيدة أو قصة متكاملة.
في حديثه لنا يقول رئيس تحرير جريدة (صباح الديوانيَّة) حيدر الكرد: إنَّ «النصب التذكاريَّة تتنوع موضوعاتها، إذ منها ما يخلد الحدث أو الشخصيَّة التاريخيَّة ومنها ما هو إرشادي أو توعوي وغير ذلك من جوانب حياتيَّة مهمة»، مشيراً الى «أهميَّة الاعتناء بالنصب التذكاريَّة خصوصاً النصب القديمة التي باتت من شواهد المدينة».