بين حكمة {حزب الله} وحرب لبنان ماذا بعد نصر {حماس} ومغامرات العدو الإسرائيلي؟

ريبورتاج 2023/11/01
...

 غفران حداد


بعد الانتصار "البسيكولوجي"، الذي حققته "حماس" في عملية " طوفان الاقصى"  بانهيار صورة وسمعة ومخابرات العدو الإسرائيلي، يدفع اليوم الشعب الفلسطيني ثمن فرحة النصر بعد سقوط أكثر من (8000 )شهيد معظمهم من النساء والأطفال.

"حماس" ، توقعت من أصدقائها الوقوف مباشرة معها، بعد هذا الانتصار المؤقت، لكن إيران على سبيل المثال تتحرك دبلوماسياً، لوقف الحرب على المدنيين، ولا تريد القفز إلى النار مع العدو الاسرائيلي فالأولوية الإيرانية اليوم بالنسبة اليها برنامجها النووي وهي على بعد ستة أشهر من حيازة طهران القنبلة النووية. 

الرسالة الأمريكيَّة لوصول أساطيل الطائرات للشرق الأوسط واضحة لحلفاء " حماس" بتوجيه ضربات عسكرية إلى المفاعل النووية الإيرانيَّة، اذا تدخلت مباشرة في الحرب. 

 إيران إلى جانب المملكة العربيَّة السعوديَّة يتحركان دبلوماسيَّاً، لوقف مآسي الشعب الفلسطيني، وإلى جانب العراق والكثير من الدول العربية، يرسلون مساعدات لأهالي غزة، فهم  بلا طعام أو دواء أو وقود والخدمات الطبية في المستشفيات أصبحت "صفر"، الأطباء هناك يجرون بعض العمليات الجراحية  بلا مخدر وفي ردهات المستشفيات، لأن غرف العمليات مليئة بالجرحى. أما مصر والأردن أحبطت نوايا إسرائيل بتهجير الفلسطينيين في غزة إلى سيناء، ومن ثم من الضفة الغربية إلى الأردن لاحقاً، بينما روسيا فهي  خارج " لعبة حرب" في الشرق الأوسط، فالمنافسة بينها وبين أميركا ليست قائمة اليوم، ونرى الصين  مستاءه من حرب "حماس" والعدو الإسرائيلي، لأنها خطفت الأنظار عن إطلاقها مبادرة تعد لها منذ سنوات، مبادرة "الحزم والطريق" فما يهم الصين في الوقت الحالي أولوياتها النفطية وإنجاح مبادرتها، وفي طليعتها الاتفاقية السعوديَّة -الإيرانيَّة.  شهداء وجرحى غزة ودمار البنية التحتية ساهمت في كشف الازدواجية للغرب ومصالح بعض الدول الداخلية  من جهة، وقرارات الفصائل الفلسطينية العقائدية الدينية، التي لا علاقة لها بالحقوق الوطنية لأهل غزة من جهة أخرى.  "حماس" اليوم تطلق صواريخ معظمها بدائية الصنع على  المستوطنات الإسرائيلية، لكنها لا تملك أي ورقة رابحة في هذه الحرب سوى مفاتيح الرهائن والأسرى، لكن نصرها في عملية "طوفان الأقصى" جعل تأكيد ادارة بايدن أن مستقبل انشاء الدولة الفلسطينية يجب أن يكون من دون "حماس"، وبعد بدء التوغل البري المحدود لقوات العدو الإسرائيلية لغزة واستهداف في مواقع "حماس"، وسقوط الكثير من أعضائها وجنودها كيف سيكون مشهد القيادة في "حماس" حين ستحول حرب العدو، شمال غزة إلى ساحة أمنية  بلا بنيان أو انفاق وبلا حياة يسكنها المدنيون. 


حرب لبنان

"حزب الله " اليوم يلتزم الصمت ويتحلى بالحكمة، أزاء الحرب البريّة على قطاع غزة، يكتفي بالمناوشات الصاروخية، التي تُطلق من جنوب لبنان على اعتداءات العدو، ورغم صمت "السيد حسن نصر الله"، بعدم خروجه للإعلام يقلق العدو وما أثار قلقه أكثر ظهور طيفه، لثوانٍ معدودة في فيديو بثه إعلام المقاومة اللبنانية، إنها رسالة واضحة له أن هدوءه الذي سيسبق العاصفة، وأن الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد.

ولكن ماذا عن مستقبل لبنان في هذا كله؟ ماذا لو تدخل "حزب الله " بشكل مباشر في هذه الحرب وامتدت نيرانها إلى الضاحية الجنوبيَّة ومدن العاصمة بيروت.

حماس تريد من "حزب الله" أن يخوض معها "مغامرة الحرب" لوقف الاجتياح البري الموسّع للعدو، لأنه سيدمر "حماس" بشكل نهائي. 

الشعب اللبناني يتمنى ان لا يدخل "السيد حسن نصر الله" بهذه الحرب والا يستفزه نصر "حماس"، يتمنى المواطن اللبناني اليوم من  "حزب الله" أن يأخذ حكمة التأني الاستراتيجية الإيرانية وان يكون بمستوى المسؤولية تجاه شعبٍ انهكته الإنهيارات الإقتصادية  المتتالية منذ ثورة تشرين الاول 2019 ، رغم هذه الأمنيات، اللبنانيون على يقين ان ساعة الصفر للحرب وشيكة فبماذا يفسر تصريح وزير التربية "عباس الحلبي" بخطة الطوارئ التي اعدتها وزارته للتعليم في حال نشوب الحرب، اعدت دروس للتعلم "غير المتزامن" إرسال "الدروس للطلاب على هواتفهم"، ولكن هل ستنجح هذه الخطة في حال إندلاع الحرب، بعدم توفر القدرة النفسية للطلاب واهلهم للتعلم تحت القصف، بل إن أبسط الأمور التقنية لن تكون موجودة، أي الإنترنت والكهرباء ستكون غير متوفرة. 

نعم الحرب ستكون وشيكة على مدن لبنان عندما نسمع التأكيد ايضاً من وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية "جوني قرم" أن الوزارة وضعت خطة احتياطية لأي حرب قادمة لمنع فقدان الاتصالات في لبنان، وأن الخطة التي عملوا عليها هي استبدال الأجهزة بستالايت خاص في حال حصول أي عمليات عسكرية واستهداف مراكز الاتصالات، لإبقاء الخدمات الإسعافية كالصليب الأحمر والدفاع المدني وغيرها جاهزة.

بكلام صريح وليس تشاؤماً من أحد، الحرب ستتوسع من جانب العدو الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وجنوب لبنان، وبيروت ستنزلق في هذه الحرب، ودبلوماسية جميع الدول الغربية والعربية لن تكون قادرة على وقف هذه الحرب التي حصلت والتي ستتوسع بشكل أكبر، من دمار شامل وسقوط آلاف جديدة من الضحايا بين قتيل وجريح ونازح على أراضي فلسطين ولبنان.

العدو الإسرائيلي لا يريد عملية سلام جديدة، ولن يكفّ عن الغطرسة والجشع والاقتناع بحل الدولتين، ولا يريد أن يعيش بسلام مع جيرانه، أما "حزب الله"، الذي استملك قرار الحرب وصادره من الحكومة اللبنانية السيادية، فنقول له حزبكم شجاعٌ وقوي، ولكن لا نريد نصراً يعيد بيروت  إلى " العصر الحجري"، كما يهدد العدو الاسرائيلي دائماً في حال وقفتم إلى جانب المقاومة الفلسطينية، لا نريد منكم رفع راية النصر على أشلاء أجساد الأطفال والأمهات والمسنين.  نريد أن نستيقظ كل صباح آمنين في بيوتنا، لا أن تظهر جدرانها ركاماً وأجسادنا باردة بلا روح، تتناقلها شاشات وسائل الإعلام، لا نريد أن نكون أرقاماً تضاف إلى أرقام ضحايا حرب اليوم، نريد العيش بسلام.