وفرة الملاكات التدريسيَّة في المدن وسوء التوزيع في الأرياف

الباب المفتوح 2023/11/01
...

  قاسم موزان 

 تصوير: مصطفى الجيزاني

 لا شك أن الارتقاء بالواقع التعليمي في العراق،  وجعله في مصاف الدول الأخرى، يتطلب جهودا استثنائية وتهيئة ملاكات  تدريسيَّة كفوءة تأخذ على عاتقها هذه المهمة التي واجهت الانتقادات في السنوات السابقة، والدولة معنية بتوفير المستلزمات الضرورية لإنجاح العملية التربويَّة في المدن والأرياف والقصبات من دون تمييز، ولكن ما يمكن لمسه أن البون شاسع بين مدارس مراكز المدن  وبين القرى والأطراف.

والأخيرة تواجه عدم التحاق المعلمين والمدرسين لوظائفهم  تأثيرات جهوية، فضلا عن مشكلة غياب الاختصاصات العلميَّة لمدرسي الفيزياء والرياضيات والكيمياء  وهذا يشكل خللا في مسار التعليم ما يعني ضرورة تطبيق القوانين السائدة المتعلقة بخدمة الكوادر التعليمية في انحاء متفرقة من البلاد،  من بينها القرى والارياف والمناطق النائية، إلى ذلك أشار التربوي محمد صادق الى أن مدارس القرى النائية والنواحي تعاني من نقص حاد في الكوادر التدريسيَّة، مع غياب الاختصاصات العلمية في الوقت الذي تزخر مدارس المدن بوفرة عدد المعلمين لحد التخمة، وذلك لامتناع المعلمين الالتحاق بوظائفهم في الأرياف بذريعة بعد المسافة، وتحمل أجور النقل وتتدخل المحسوبيَّة والضغوطات الفئوية   في هذا الملف، ما خلق البون الشاسع بين مدارس المركز ومدارس القرى والقصبات. ولفت صادق إلى أن سوء التوزيع وغياب العدالة دفعا الطلبة الى الدروس الخصوصية، وهذا بحد ذاته يكلف الأسرة أعباءً مالية ترهق ميزانيتها، ولعلَّ عدم الالتحاق، يعني مخالفة صريحة للأنظمة والقوانين والضوابط السائدة.   


كثرة الإجازات 

بينما ذكر مدير مدرسة ناظم شاكر في منطقة الحسينية بأطراف بغداد يحيى رمضان حمادي، أن المعاناة السنوية تكرر نفسها مع بداية كل عام دراسي في نقص الكتب والرحلات والأبنية المدرسية.وأضاف حمادي منذ تأسيس المدرسة تعاني من نقص في الكوادر العلمية الاختصاصات، الفيزياء، الكيمياء، الأحياء، الرياضيات وتخمة في اختصاصات أخرى، مثل الاجتماعيات والإسلاميَّة وندرة في الاختصاصات العلميَّة، فضلا عن ذلك إجازات  الأمومة  للمعلمات والمعيل والخمس سنوات براتب اسمي واجازات الدراسات العليا.  ويحاول المعلم في الأطراف خلال فترة بسيطة من تعيينه الانتقال إلى مدرسة أخرى قريبة من المركز، لكونه يتحمل أجور النقل الذي يرهق كاهله.


خدمة الأرياف

 وأوضح التربوي المتقاعد قتيبة الموسوي أن ثمة قرارا ينص على خدمة المعلم الجديد ثلاث سنوات في المدارس الريفيَّة، ومن ثم يُنقل مَن يرغب لمدارس المدينة، إلا التعيينات عادة تخضع للمحسوبية أو الرشوة أو الامتناع عن الالتحاق بعملهم بأعذار شتى.


أدوارٌ تكميليَّة 

وقال التربوي موسى حسين، لعل هذا الاختلاف المشار إليه يفصح عن حالة إرباك في سير العملية التربوية وحدوث تباين في مستويات الطلبة، لا سيما أن مدارس الأرياف والمناطق النائية، تعاني من نقص في الكوادر التدريسيَّة في الاختصاصات العلميَّة تحديدا، وهذا يكشف واحدا من أسباب الرسوب والمطالبات بأدوار تكميليَّة أو معالجة الدرجات الحرجة للمراحل غير المنتهية.


خدمة مضاعفة

 من جانبه بين  إبراهيم الزركوشي  تربوي على ملاك الثانوي، يعاني الكثير من مدارس المركز والقرى من نقص في الاختصاصات العلمية، الرياضيات والفيزياء والكيمياء، إضافة إلى اختصاص اللغة الإنجليزية، لافتا إلى أن التعيين الجديد يجب أن يكون لديهم خدمة في الأرياف لمدة معينة، ولكن الظروف الحالية قد تمنع التعليمات من التنفيذ، وهناك نقص شديد في القرى البعيدة عن مركز المحافظة، بسبب صعوبة التنقل، فضلا عن الجهد الذي يبذله المعلمون في  المدارس الريفية، فإن وضع الحلول لهذه الظاهرة لا يأتي إلا من خلال زيادة أجور ومخصصات  المعلمين الذين يدرسون في الأرياف، علما أن فرق أجور النقل ليست كافية لجذب المدرسين للأرياف، واقترح الزكوشي أن تكون الخدمة في القرى والأرياف محسوبة لأغراض العلاوة الترفيع، وتكون مضاعفة أي السنة بسنتين.