بغداد: نوارة محمد
- مات؟
سأل أحد المتجمهرين والفزع يملأ وجهه من منظر جسد شاب تتدلى نصف ساقه
- ذهب لرحمة ربه.
-رد المُسعف بعد أن حّرك يد صاحب الدراجة النارية يمينا وشمالاً بثت حادثة موت الحسن صاحب الدراجة النارية، الذي كان يعمل معلما لمادة الرياضيات الرعب في نفوس أبناء الحي في ذلك الصباح، وبعد أن هّرَع ممرضو سيارة الإسعاف مثل أشباح أفلام الكارتون لتفحص الضحية.
أمر الطبيب المناوب بوجه غير مبالي بنقل الجثة إلى ثلاجة الموتى، وهو يدّون اسمه الذي احتل التصنيف الأول في سجل وفيات حوادث سير الدولة العراقية.
على الطرف الآخر من الحياة أعلنت وزارة الداخلية منع حركة الدراجات النارية غير المسجلة، بدءا من كانون الأول في بيان رسمي ذكرت فيه «مديرية المرور العامة ستقوم بمنع حركة الدراجات النارية غير المسجلة في جميع أنحاء البلاد، تنفيذا للقانون وللحفاظ على الامن والسلامة العامة ابتداء من كانون الأول المقبل». إضافة إلى «مديرية المرور ستتخذ اجراءات رادعة بحق المخالفين».
وحث وزير الداخلية عبد الأمير الشمري في اجتماع أمني بحضور الفريق المتقدم في الوزارة وقائد عمليات بغداد وقادة الشرطة في العاصمة وفي المحافظات عبر الدائرة التلفزيونية «على المواطنين الإسراع في تسجيل دراجاتهم النارية غير المسجلة، إذ سيتم منع سير أية دراجة لا تحمل لوحات تسجيل وسنوية وإجازة سوق بداية شهر كانون الأول المقبل.»
وعلى خلفية هذا القرار تباينت ردود الأفعال بين معارض ومؤيد من أصحاب الدراجات النارية، إذ يرى غيث محمد، وهو مرتحل بدراجته الهوائية ممارسا هوايته، باجتياز شارع أبي نواس نحو الجادرية عصر كل يوم في محاولة للخلاص من رواسب ما تتركه كآبة الطرقات والأحياء السكنية السيئة: «في كل ليلة أحاول الخلاص من شعبوية الأمكنة، واجدني في دراجتي النارية أجتاز أبا نواس إلى الجادرية عبر الجسور المُطلة على النهر، هذه هوايتي، شغفي لا يقف عند هذا الحد، وقرارات مثل هذه لا أظنها مُجدية لإيقاف الحوادث المرورية التي تتسبب بها الدراجات النارية، على الجهات المعنية منع المخمورين من ركوب الدراجات الهوائية، ووضع قوانين مرورية صارمة تحد من هذه الأزمة».
من جهته، يقول حسين محمد، 23 عاماً، وهو عامل توصيل في مطعم لم يسمع به أحد «بدأت عملي كسائق توصيل بدراجتي الهوائية بعد أن تخرجت من كلية الآداب قسم التاريخ، ولم أحصل على وظيفة لدى الدولة العراقية، ورفضتني الشركات الأهلية لأنني لست مؤهلاً بما يكفي بحسب توجيهات مدرائها، فماذا عساي أن أفعل في ظروف كهذه إن لم ألتحق بصفوف أصحاب الدراجات النارية المُسجلة؟».
هدى أياد موظفة في وزارة التخطيط هي واحدة ممن يجدون أن هذا القرار يصب في مصلحة الشارع العراقي، كما تقول: قرارات مجلس الوزراء منع سير الدراجات النارية على الطرق السريعة للحد من الحوادث، إلا أنها تستنكر منع سيرها داخل الطرق العامة في المدن.
في السياق متصل، أكد مصدر في مديرية المرور العامة - فضل عدم الكشف عن هويته أن قرارات مجلس الوزراء جاءت بعد توصيات مديرية المرور العامة، وأنها تهدف للحد من الفوضى التي تشهدها المدن العراقية بسبب العدد الكبير للدراجات النارية، لا سيما أن غالبيتها غير مسجلة رسميا لدى مديريات المرور، وهي تتسبب في كثرة الحوادث المرورية في المدن وعلى الطرق العامة والجسور.