عبد الكريم القصاب شاعر الرغبات العميقة

ثقافة شعبية 2023/11/02
...

سعد صاحب 

من الضرورة ان يحافظ الشعر على ما هيته المتعارف عليها، وعلى جمالياته المتفق على شروطها بين النقاد، من لغة متجانسة وصور شعرية جديدة، ومن تراكيب محلقة في الاعالي، وافكار ورؤى واشكال حداثية متطورة، وموسيقى تشد اليها الاسماع، وحين يفقد هذه الخواص الجوهرية، يتحول في المستقبل الى سلعة تجارية، تباع في الاسواق بابخس الاثمان.(حيل ايغيضني الخيط اليحز بجناح فختايه/ اليعت بالخاطر المكسور/ حيل ايغيضني/ القيد اليلف روحه على الخطوة/ دواير خرزة المامور/ بالغيظ الحجي آيجمر على الساني/ حلك تنور).


موتٌ حقيقي

 عندما تتسلل الامراض المزمنة الى جسد الشعر المعافى السليم، ويدب الخواء في المفاصل، حينها لا نجد شاعرا مشغولا بالامور الاساسية للكتابة، وسوف يحمل الجميع ازاميلهم لتحطيم الهالة المضيئة، وافراغ القصيدة من حمولتها الفلسفية والفنية والمستقبلية، وهذا يعني الموت الحقيقي للتجدد والابتكار.

(الشعر للحك امان وغصن ريحان/ وعلى الباطل احد من السجاجين/ الشعر مو مزرعة لفلان وافلان/ تروي اجذورها ادموع الملايين).


تناقضاتٌ غريبة

 عبد الكريم القصاب ولج عالما من التناقضات الغريبة، حولت الانسان السوي الى كائن مشوه، والشعر الى حاجة مبتذلة، وكل الاشياء متشظية بشكل مريب، والتشيء بات امرا واقعيا، في زمان غاب فيه التوازن.(انته مو اول كلب مدغوش بيه كلبي ايتورط/ وانته مو اول حبيب الدكلي صدره وتالي زغلط/ يا ما هبت ريح  واهتز الشجر والطار ما حط/ وهيه ركضه اعلى 

الرمل/ والمايدفعه الشوك يفحط).


تساؤلات

 القصاب واحد من الشعراء الذين شوشوا المخيلة، بما يكتبون من القصائد، الملأى بالوجع والمخاوف والتساؤلات والعدمية والجنون، ولم يفسحوا مجالا للتنهد والتنفس والاستراحة والهدوء، فكل اشعارهم تتسامى فوق المجاني والرخيص والمبتذل، وتعطي للشعر العديد من المهام المثالية، البعيدة عن النسخ والاجترار والضعف والاقتباس. (صفنة موت/ مرجوحة العيد وضحكة الاطفال/ واغصان الشجر والرازقي الفواح/ دخان وعشب اسود/ واثياب السواجي ارمال/ الدنيا مغبره/ ولا ندى اليغسل ورق شجره/ ويفك اعيون الولاية/ ويشع منها الضوه شلال).  


نضالٌ إنساني

قصائد تمجد النضال الانساني العفيف، الخالي من الغايات الدنيئة، وهي بالضد من البغضاء والقتل والحسد و الفتن والتعذيب والتفرقة، والغيرة السلبية على الحبيب والنظرة الدونية الى الاخر، وتقف بمواجهة الموت والإقصاء والصراع على السلطة، لأجل الحصول على المكاسب والامتيازات الخاصة. وفنيا تنأى بنفسها عن الغموض والتعقيد والالتباس، والاستعراض المعرفي الذي يثقل القصيدة، بالمصطلحات والمفاهيم والتراكيب المشوشة والجمل الشعرية المغلقة.(يذاك/ ينجمه اتطوف بالخاطر/ يذاك اشكد جريت انته/ احن وتجيبك الصفنه ابصواريك/ هذا انته دليل اتكود كل خطوه/ اعشكت طيبة حراثيكك/ مهيوب ويبس جرحك ابجفك سيف/ كطع جف الجريمه/ وغسل وجه اليتم الصفر بماي الكيف/ مهيوب انتقامك مغفره لسيوف المقصرين/ بيك اتباهت الديره).