مرقد السيد أبو سدرة.. تاريخٌ وموروثٌ وعبقٌ روحي

ثقافة شعبية 2023/11/09
...

 نصير الشيخ


هناك العديد من المزارات والمراقد الدينيَّة التي تضمها محافظة ميسان، وكلها تشكل مراكز استقطاب للزائرين ووقتاً سانحاً للترويح عن النفس وتلبية العبادات وطلب الحاجات، ومن أبرز هذه المراقد (العزير ــ عبدالله بن علي ــ علي الشرجي "علي الشرقي" ــ علي الغرابي "علي الغربي" وغيرها .
ويعدُّ مرقد السيد "أحمد الماجد أبو سدرة" من المراقد الحيويَّة التي يؤمها الناس من كل حدب وصوب، والذي يتميز ببنائه وقبته الزرقاء وصحنه الواسع.
وعن المرقد وتاريخه ومراحل تجديده حدثنا السيد أحمد زاير الحميداوي سادن المزار قائلاً: "السيد أحمد الماجد أبو سدرة هو من أحفاد الإمام موسى الكاظم "ع"، ومنذ خمسينيات القرن الماضي توارثنا خدمة هذا المقام الشريف الذي يزوره المئات من جميع المحافظات، وتاريخياً كان المزار أو المرقد الحالي عبارة عن مضيفٍ من القصب والطابوق الفرشي القديم، ومرَّ المرقد بمراحل تطوير في كل فترة وأبرزها عام 1984 بشكلٍ بارزٍ وموسعٍ ومشيد، لكنْ في العام 1990 صدر أمرٌ بهدم هذا المرقد من قبل النظام المباد، ثم بعد فترة طويلة صدر أمرٌ معنونٌ بكتابٍ موجه الى ملاحظيَّة الوقف الشيعي في ميسان بإعادة بنائه، كونه وجد موثقاً ومثبتاً في سجلات وزارة الأوقاف والشؤون الدينيَّة موقعياً وتاريخياً ومؤرشفاً في ملفاتها، وتحملت أسرتي الكثير من أجل إعادة بنائه وترميمه، وبعد العام 2003 انضمَّ المرقد للأمانة العامة للمزارات الشيعيَّة، إذ تمَّ خلالها إعمار المرقد وتوسعة صحنه، وفي العام 2016 تمَّ تشييد المبنى كاملاً مع قبته الخضراء وبحلته كما ترون، والتطوير ما زال مستمراً حتى
الآن".
وأضاف الحميداوي "لا تزال الحملات الدينيَّة تأتي تباعاً وأعداد الزائرين في تزايد، لموقع هذا المزار في أرضٍ زراعيَّة وإطلالته على نهر دجلة، ما شجع على أنْ يكون مكاناً للزوار فيه من النفحات الإيمانيَّة تصحبهم الهدايا
والنذور".
السيد طه حميد المالكي ممثل الحوزة العلميَّة التقيناه في المرقد الشريف وحدثنا قائلاً: "نحن الآن في مرقد السيد أحمد الماجد أبو سدرة وهو عميد السادة الموسويَّة في ذلك الزمان، والذي ينتهي نسبه الشريف الى الإمام موسى بن جعفر (ع) والمعلوم أنَّ للأمام موسى بن جعفر الكثير من الأولاد من ذريته، وأحد هؤلاء الأبناء هو السيد إبراهيم الأصغر وابنه السيد موسى الثاني الملقب أبو سبحه، وتذكر الروايات أنَّ تسميته بـ"أبو سبحة" جاءت لأنَّه صاحب العبادات الطويلة أي "السبحة"، وله كرامات وألقاب، وقال عنه السيد "ابن عَنَبه في كتابه عمدة الطالب كان خير من يجر الطيلسان وكان رجل سيف وثورة". ومن هؤلاء الذريَّة الصالحة السيد "أحمد الماجد أبو سدرة" وهنا نذكر أننا حين نسميه الإمام فلأنَّ من صفات الإمام القيادة، وكونه كان قائد العلويين الطالبيين في زمانه في نهاية حكومة بني العباس".
ونقرأ شجرة نسبه الشريف هو السيد محمد بن المحسن ابن موسى نقيب شيراز ابن الحسين أو عبد الله نقيب البصرة ابن علي أبو الحسين ابن المحسن أبو طالب ابن إبراهيم العسكري ابن موسى أبو سبحه ابن إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى الكاظم "ع".
بنيت القبة بمساحة 17 / 20م وبارتفاع 6 م، وكان قطرها 10 م وبارتفاع 11.5 م وعلى الطراز العباسي. وكلها تشكل مساحة من الأرض بلغت 7
دوانم.
ويذكر الكاتب الدكتور كريم علكم الكعبي في كتابه "الحياة الشعبيَّة في ميسان" في معرض حديثه عن المزارات الدينيَّة في المحافظه أنَّ "مكان المزار على ضفة نهر دجلة من جهة الغرب يبعد عن شمال قضاء المجر الكبير بـ 2 كم على طريق البصرة ـ عمارة، والمزار متوسط الحجم ولقب بـ "أبو سدرة" لكثرة شجر السدر حوله ولجمال الطبيعة، يؤمه الزوار في أغلب المناسبات".
وتوثيقاً لهذ المزار والمرقد وتاريخه هناك كتاب بعنوان "أبو سدرة في مدونات الرحالة والمؤرخين" للكاتب السيد وليد البعاج تناول فيه الكثير عن هذا المزار وأبرز الرحالة الأجانب الذين مروا فيه ودونوا عنه في كتاباتهم، مستنداً فيه الى العديد من المدونات والمؤلفات والمصادر التوثيقيَّة.