إدارة الأزمات الاقتصادية

اقتصادية 2023/11/12
...

د. سعد الطائي



تمر الاقتصاديات بأنواع إداراتها المختلفة بظاهرة الأزمة، والتي تواجه الاقتصاد دورياً. وفي دول العالم المتعددة، لا سيما في العصر الراهن وما يحمله من تقلبات سياسية واجتماعية وطبيعية وصحية وما تتسبب به من آثار اقتصادية تتفاوت في قوتها من آثار محدودة الى آثار كبيرة أو أحياناً آثار مدمرة قد تترك تأثيراتها لسنوات في الاقتصاد الوطني. فضلاً عن الأزمات الاقتصادية في العصر الراهن هي نتاج لترابط اقتصاديات دول العالم المختلفة سواء ذات الأنظمة الرأسمالية أو الأنظمة الاشتراكية بفعل تنامي ظاهرة العولمة ببعدها الاقتصادي وزيادة عملية التبادل التجاري والترابط الاقتصادي بين جميع دول العالم.

وفي بلدنا لكون اقتصاده اقتصاداً ريعياً، يعتمد بشكل شبه كلي على النفط كمورد وحيد لتمويل الموازنة العامة، ولأن أسعاره تتفاوت صعوداً ونزولاً. فإن ذلك يترك آثاراً سلبية كبيرة جداً على اقتصادنا الوطني ويعرضه لأزمات عديدة قد تطول لسنوات ونتائج تراكمية تشمل جميع مجالاته.

مما يوجب على الجهات المختصة العمل على إنشاء جهاز أو مؤسسة تعنى وتختص بإدارة الأزمات الاقتصادية في بلدنا وأن تكون مؤهلة لتقديم الحلول المناسبة من أجل الخروج منها وتجاوزها بأقل الخسائر الممكنة كما انه يكون من مهمات هذه الجهة العمل على تقديم المقترحات التي من شأنها تلافي الأزمات مستقبلاً وذلك يتم عن طريق إصلاح مكامن الخلل الاقتصادي التي تعاني منها بنية الاقتصاد الوطني والتي تتسبب بحدوث الأزمة الاقتصادية.

ويفضل أن تضم هذه المؤسسة أو الجهاز إلى جانب أساتذة الاقتصاد والإدارة ممثلين عن جميع الوزارات العراقية من أجل المشاركة في وضع قاعدة بيانات واسعة تساعد على معالجة وإدارة الازمات الاقتصادية التي تحدث مستقبلاً. والعمل على وضع الحلول المناسبة لها وتلافيها من خلال تقديم الحلول العلمية لها، وبما يمكن من إدارتها بالصورة المثلى وأن تكون عملية معالجتها شاملة ومتكاملة وأن يتم العمل على تقليل آثارها السلبية على مجالات الاقتصاد العراقي جميعها. وأن تعمل هذه الجهة المختصة بإدارة الازمات الاقتصادية على وضع مقياس أو مؤشر يقيس الارتفاع أو الهبوط في مستويات الأداء لاقتصادنا الوطني والمساعدة في التنبؤ العلمي بإمكانية استباق حدوث الأزمة الاقتصادية وتحديد أبعادها وآثارها.وبما يساعد على معالجتها بالطريقة المثلى.

إنَّ علم إدارة الازمات هو علم متكامل تستخدمه الدول المتقدمة من أجل معالجة وإدارة الأزمات التي تتعرض لها بمختلف أنواعها وبما يساعد على تجاوزها والوصول الى النجاح، بدل الفشل الذي ينتج عنها. وما قد تتسبب به من نتائج مدمرة على البنية الاقتصادية مستقبلاً.

ومن هنا يتوجب ضرورة إيلاء هذا العلم الأهمية التي يستحقها في مجال إدارة الازمات الاقتصادية التي تواجه اقتصادنا الوطني حالياً وفي المستقبل. وهو ما يمكن تحقيقه عن طريق إنشاء جهاز أو مؤسسة كفوءة يمكنها إدارة الأزمات الاقتصادية بالشكل الأمثل باعتمادها على الكفاءات العلمية والإدارية الكفوءة والتي تساعد على إدارة الأزمات الاقتصادية التي تواجه اقتصادنا الوطني والتغلب عليها من أجل ضمان ديمومة التطور والنمو الاقتصادي.