مطالبات بخدمات الجيل الخامس
نافع الناجي
بعد أعوام من التعاقد مع شركات هيمنت واحتكرت قطاع الإتصالات وخدمات الشبكة العنكبوتيَّة، لم يجن منها المواطن سوى رداءة الخدمة وفحش الأسعار وسمات الانقطاع والتلكؤ والتخبّط في القرارات، تتزايد المطالبات بتوقيع عقود مع شركات رصينة لطرح شبكات الجيل الخامس، بغية التخلص من الأسماء المتكررة التي تدير ملف الاتصالات وتهيمن على كل مفاصلها، من دون محاسبة أو رقابة في الوقت الذي بات حلم المواطن وهمه وديدنه، هو الحصول على أيِّ منفذ للخلاص من هيمنة هذه الشركات وسوء أدائها ورداءة خدماتها.
خدمة رديئة
يقول المواطن خضير مرهون
لـ (الصباح) "يبدو أن الأساس الذي بنيت عليه شبكة الانترنت في العراق هو أن تسود الخدمة الرديئة المقدمة للمواطنين، كي لا يطالب بشيء أحسن كما هو حاصل في بلدان مجاورة"، ويضيف: "حين نسافر إلى الأردن أو لبنان أو الخليج نجد خدمات أفضل بكثير مما لدينا، سواء في مجال الاتصالات الخلوية أو في شبكة الانترنت، وهنا نتساءل لماذا الخدمة في العراق سيئة جيدًا ولا يمكن مقارنتها مع نظيراتها في بلاد أخرى؟".
هيمنة وعمولات
هيمنة شركات معينة ولأعوامٍ طويلة، مسنودة من جهاتٍ نافذة، هو السبب بتردي الخدمات كما يشير مختصّون، إذ قال الخبير الاقتصادي محمد سمير دهيرب "سبب رداءة الخدمات باعتقادي، هو هيمنة شركات معينة معروفة على كل شبكات الاتصالات وهي بدورها تمنع قيام أو إنشاء شبكة اتصالات وطنيَّة".
وأضاف "الدليل على كلامي، أنّه عندما يفتح ملف بهذا الشيء سرعان ما يغلق، فضلاً عن وجود جهات تدفع عمولات كبيرة حتى تستمر هذه الشبكة أو تلك لكي تستمر هيمنتها على قطاع الاتصالات، فضلاً عن الدفاع العلني عن تلك الشركات في جلسات مجلس النواب والاستجوابات المختلفة الحاصلة في أروقته حيث تتضح الجهات المدافعة عن فساد وخروقات تلك الشركات".
ويلفت دهيرب إلى، أن "من يدفع الثمن هو المواطن الذي لا يحصل على أي اتصالات جيدة، بالرغم من كونه يدفع أموالًا كثيرة ويستحق أن يحصل على خدمةٍ توازي ما يدفعه"، مشيرًا إلى "تغلغل الفساد في هذا القطاع من أوسع أبوابه، سواء من الجهات التنظيميّة والرقابيّة أو من تلك الشركات"، حسب تعبيره.
فسخ العقود الفاسدة
وسبق أن أبرمت عدة عقود مع بعض الشركات قبل أعوامٍ عديدة، وهي السبب في منح الرخصة للاستمرار بهذا النهج كما يقول خبراء، والحل في فسخها قانونيًّا بل ومحاسبة المقصرين من الطرفين، إن كانت هنالك جدية في تحسين وتصويب هذا الملف عبر فتح ملف الفساد الحاصل في عقود الاتصالات والانترنت مع كبريات الشركات العاملة في البلاد.
الخبير في تقنيات الاتصال والمعلوماتيَّة المهندس رياض كامل، يقول "جرى في العام 2016 توقيع عقود تضمن لهذه الشركة أو تلك البقاء لمدة عشرين عاماً، من دون وضع بنودٍ جزائيَّة في حال تردّي الخدمات أو عدم توسيعها أو غير ذلك".
ويضيف كامل: "هذا يعني أن تلك الشركات امتلكت عقوداً احتكاريَّة ولا يمكن زحزحتها أو جلب شركات أفضل وأكفأ منها، فإحدى تلك الشركات الكبيرة ينتهي عقدها في العراق في العام 2036".
سياسات خاطئة
والنتيجة تسود الخدمة السيئة ووجود مشكلات قطع بالأنترنت، ومردّها كلها هو نتيجة السياسات الخاطئة ليس للشركات وحدها، بل وللوزارات المتعاقبة التي عجزت عن إنشاء شركة وطنيّة حكوميّة بأسعارٍ مقبولة ومنافسة، وسرعة فائقة وهو ما يطلبه المواطن، فهل سنشهد خلال الشهور والسنوات المقبلة إجراءات تكون بمثابة اليد الضاربة على أكف المسيطرين على تلك الشركات، بعلاقاتهم ونفوذهم وفسادهم وأموالهم الطائلة التي تسبّبت بالتغاضي عن تجاوزاتهم ومخالفاتهم، أم يظل الوضع على ما هو عليه؟.
تقنيات الجيل الخامس
منذ أعوام والعراقيون ينادون بتقنية الجيل الخامس، بعد أن انتشرت تقنياتها في العديد من دول الجوار، فما المانع من أن تصل القدرات الالكترونيَّة لبلدنا بالمستوى الإقليمي لضمان إنجاز التقدم في جميع المجالات التي أصبح الانترنت جزءًا لا يتجزأ منها.
يقول الخبير الإعلامي د. بدر ناصر: "بات على الحكومة الإسراع في تنفيذ وإبرام التراخيص لشركات رصينة لتعزيز التقنيات الحديثة التي تسرّع من أداء الخدمات سواء في مجال الاتصالات أو المجالات الأمنية الأخرى".
وأضاف: "تقنية الجيل الخامس موجودة في العديد من دول العالم وبعض الدول العربية بدأت تبني هذا المجال ووضعت استراتيجيات وخططًا خاصة بها، لذلك نتأمل من الجهات الرسميّة الدخول بهذا المجال الذي يمتاز بالسرعة الكبيرة والتنافسيّة العالية والتقنية الحديثة التي تساعد وتسرع من أداء الخدمات".
عمود فقري للحياة
ولفت ناصر إلى، أنَّ "الأرضية المناسبة متوفرة وجاهزة والمواطن يطالب بتطبيقها بالسرعة الممكنة، لما لها من تأثير كبير على تعاملاتنا مع العالم وحتى على المستوى الداخلي من قبيل إنجاز المعاملات وحتى في مجال الصيرفة والحوالات والتجارة مع العالم".
وشدد على أن أي تخلف أو تأخير بتبني هذا الجيل، يضرّ بالنهاية المواطن والدولة وعلاقاتها أيضاً مع العالم الآخر الذي ينبغي مواكبته، لأن الاتصالات الحديثة أصبحت العمود الفقري للحياة وتدخل في جميع مفاصلها، فحتى اللحظة ورغم التطور العالمي يعاني العراق من سوء وضعف في الخدمة وتأخير غير مبرر.
أمل مبكر
وأعلنت وزيرة الاتصالات العراقيَّة، هيام الياسري، في حزيران الماضي، عن توجّه بغداد لإطلاق الجيل الخامس في الاتصالات، لإتاحة العمل بمشاريع استثماريَّة تعمل بتقنيات عالية.
وقالت الياسري: إنَّ الانترنت الفضائي "يوفر خدمات حديثة وسريعة ويسهم في تعدد مصادر الإنترنت وعدم الاقتصار على الكيبل الضوئي والأبراج".
مشددة على ضرورة "ألا يكون العراق في آخر القائمة بمجال الإنترنت والاتصالات، ويجب تحقيق مراكز متقدمة في المنطقة".
وأضافت: "لا توجد أي مخاوف أمنيّة في تقنيّة الإنترنت عبر الفضاء، والذي سيكون تحت سيطرة الدولة".
لافتةً إلى أنَّ الإنترنت الفضائي "لن يكون بديلاً عن الكيبل الضوئي وندعم الشركات التي تقدم خدمة الكيبل الضوئي".
يؤكد التقني كاوان فائق أحمد، أنّ "العراق يمتلك الشبكات الرئيسية الضرورية للبدء بتطوير قدرات واجهات الجيل الخامس، وعبر التعاون مع الشركاء الموثوقين مثل شركة هواوي، الرائدة في تقنيات الشبكات حول العالم وتمتلك إرثاً عريقاً في تطوير شبكات الاتصالات عمومًا وشبكات الجيل الخامس على وجه الخصوص، يمكننا بناء نظام إيكولوجي محسّن للشبكات سيدفع بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية قدمًا بما يعود بفوائد جمة على مجتمعنا، بناءً على تقنيات الاتصال السباقة وبدعم منها، ونحن كمواطنين ومستفيدين أوليين من ميزات الرقمنة، ننادي المسؤولين ووزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات برفع سقف جهود تسريع خطة العمل على إطلاق شبكات الجيل الخامس، لتأخذ دورها في الإسهام بمرحلة الانتعاش الاقتصادي وتنتقل بنا إلى عصر جديد من الخدمات الرقميَّة المتطورة".
يشار إلى أن من مميزات شبكات الجيل الخامس أنها ستساعد على تحسين البنى التحتية للاتصالات وتوفير تغطية ممتازة وحقيقيّة ومحسّنة، فضلا عن وصول أفضل للأنترنت عالي السرعة،
وتقليل التكلفة بتنفيذ عمليات الشبكات والخدمات وتقليل الوقت أيضا، فضلا عن الخدمات المستندة إلى السحابة مما يجعل الانترنت اللاسلكي أكثر موثوقيَّة وسرعة، مما يساعد ذلك في دعم النمو الاقتصادي للبلد، ودفع
عجلة الابتكار، وبالنهاية خدمة ترضي المستخدم وواردات كبيرة للمزود.