أكـبـر الـمـزارات فـي بـابــل

ريبورتاج 2023/11/21
...

 عامر جليل ابراهيم
 تصوير: اعلام الامانة العامة للمزارات الشيعية


هو علي بن علي بن سعد الدين المشهور
بـ (علي بن الطاووس)، ينتهي نسبه الشريف الى الحسن المثنى ابن الامام الحسن المجتبى (ع). يقع مزاره في مدينة الحلة في منطقة تسمى باب المشهد ويقال عنها الشاوي. ويعد من الأماكن الدينيّة المهمة في هذه المدينة لدوره الفاعل في تنشيط حركة التعليم وقراءة القرآن الكريم والزيارات والأدعية.

حظيَ السيد ابن طاووس في زمانه باحترام خاص بين علماء زمانه وعامة الناس.
وفضلا عن كونه فقيهاً مشهوراً فقد كان أديباً بارعاً وشاعراً مقتدراً، إلّا أنَّ شهرته الأصلية كانت في زهده وتقواه وعرفانه.
(الصباح) كانت لها زيارة لهذا المزار والالتقاء بالسيد سليم جواد كاظم اللوباوي الأمين الخاص لمزار السيد علي بن طاووس ليحدثنا عن هذه الشخصية قائلا: هو السيد النقيب رضي الدين أبو القاسم علي بن سعد الدين أبي إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد ابن أبي عبدالله محمد (الطاووس) بن إسحاق بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، ومختصر اسمه علي بن طاووس.  

الحركة العلميَّة
يؤكد السيد اللوباوي، أنَّ "ولادة علي بن طاووس كانت يوم الخميس منتصف محرّم سنة 589 هـ في مدينة الحلة السيفيَّة، وكانت الحلة آنذاك تعيش فترة ازدهار حركتها الثقافيّة والعلميّة والتي شكلت في ما بعد مدرسة فقهيّة خاصة عرفت بـ (مدرسة الحلة) حيث تخرّج فيها عدد كبير من علماء الطائفة الذين كانت لهم اليد الطولى في تقدم الحركة العلمية بصورة عامة والفقهيّة بصورة خاصة.
وعاش هذا العالم الجليل ما يقرب من 75 عاماً ثم توفي ببغداد في الخامس من ذي القعدة سنة 664هـ ونقل جثمانه من بغداد الى الحلة ولا يوجد اختلاف في زمان وفاته وقبره في مدينة الحلة.
عراقة
ويضيف السيد اللوباوي: تعدُّ أسرة آل طاووس أسرة عريقة الأصل وعراقيّة المنشأ وهي أسرة علمية علوية جليلة في الحلة وقد خرّجت هذه الأسرة جملة من الأعلام في المئتين السابعة والثامنة للهجرة فكانوا سادات وعلماء ونقباء في أواخر عصور الدولة العباسيّة ومن بعدها الدولة الإيلخانيّة المغوليّة ومارسوا الكتابة والتأليف في علوم الدين والفقه والشريعة والأنساب  وغيرها، ويرجع نسبهم إلى محمد الشهير بالطاووس، إلا أن ثلاثة من هذه الأسرة عرفوا بابن طاووس وكان أبرز أعلام هذه الأسرة السيد رضي الدين علي بن طاووس، هاجر السيد ابن طاووس في شبابه إلى بغداد وأقام بها نحو خمس عشرة سنة تزوج من زهراء خاتون بنت الوزير ناصر بن مهدي وولدت له أربعة أولاد، ذكران ومثلهما بنات، امتاز ابن طاووس بأنّه كثيراً ما يذكر في كتبه حيث يكتب عن أحواله الشخصيّة وما يتعلق بحياته الخاصة ونشأته ودراسته وسفره بل وحتى زواجه وتاريخ ولادة أبنائه.

العمارة الإسلاميَّة الحديثة
عن مراحل إعمار المرقد حدثنا سماحة الشيخ زاهر خليل حسين العيفاري قائلا: قبل قرن تقريباً وفي حدود 1317هـ قام السيد القزويني بحملة إعمار لمراقد علماء الحلة، وشملت هذه الحملة مرقد ابن طاووس وكانت هذه العمارة الأولى، أما العمارة الثانية ففي الخمسينيات كان المرقد يتمثل بغرفة مبنية على الضريح وسور خارجي على حدود المرقد مصنوع من الأسلاك الشائكة وهناك قبر مجاور له وهو قبر ابن أخيه السيد عبد الكريم بن طاووس، العمارة الثالثة كانت في الستينيات من القرن الماضي شوهدت قبّة مبنية بدل الغرفة على الضريح وطارمة أمامية بطراز مقوس لا يحتاج إلى الحديد (الشيلمان) وبقيت بناية المرقد على هذا الحال حتى عامي (1982ـ 1983) حيث شيّد 12 محلا على واجهته من قبل الأوقاف آنذاك وعلى مرحلتين من البناء، ثم العمارة الرابعة في عام 1988م تمت صيانته وترميمه من قبل الأوقاف، وفي عام 1990م تبرّع جمع من المؤمنين بإنشاء الخدمات الصحيَّة بإشراف الأوقاف، وفي سنة 2003م وبعد سقوط النظام تم إقرار قانون 19 لسنة 2007م الذي جعل المزارات مؤسسة مستقلة تابعة لديوان الوقف الشيعي، وضمّت الكثير من المزارات في المحافظات، وبدأت حملة حشد إعمار المزارات ومنها مزار علي بن طاووس بأعمال الصيانة التي ما زالت مستمرة، إذ تمّ انشاء مسقف لصحن النساء وكذلك نصب كامرات مراقبة وتم تغليف الأعمدة الساندة لمسقف الصحن الأمامي ومن ضمن الاعمال تغليف أرضية المزار بالكاشي الموزائيك، وهناك توسعة للمزار تقدر 670 م تضاف الى المساحة الأصلية، ولا ننسى أن المزار مشمول ضمن حملة حشد إعمار المزارات الحملة التي تقوم بها الامانة العامة للمزارات الشيعيّة بهدم المزار وبنائه من جديد وبشكل هندسي على طراز العمارة الاسلاميّة الحديثة.

ثلاثة آلاف زائر يوميَّاً
ويعود السيد اللوباوي ليشرح تفاصيل المزار قائلا: المساحة الكلية للمزار كانت 1600م2 أضيف لها من خلال التوسعة 800م لتصبح 2400م2، بناء الجامع 450م، وهذه المساحة للرجال فقط، ومساحة الحرم النسائي 8×8م2، ومساحة الضريح الشريف 6م×5م، وارتفاع القبة 15م غير مزجّجة بالعين كار، وللمزار بابان؛ باب رئيس بحجم كبير، وآخر خلفي يطل على شارعين، وشباك الضريح من النحاس القديم، والقبر مغلّف بالمرمر ومحفور عليه اسم صاحب القبر، وتوجد في المزار باحة كبيرة
وغرف الأمين الخاص
والادارة والاعلام والنذور والارشاد الديني ومجمع الصحيات.
يستوعب المزار يوميا 500 زائر وفي أيام الذروة يفوق (3000) زائر، ولا يوجد مبيت في الوقت الحاضر، ويقصده الزائرون من جميع دول العالم الاسلامي واهالي المدينة والمحافظات باعتباره من أكبر مزارات الداخل في بابل.

نشاطات وفعاليَّات
 كان يرافقنا السيد مسار منشد المعموري مسؤول شعبة الإعلام في المزار الشريف ليحدثنا بالقول: للمزار نشاطات عدة منها: إحياء الولادات والوفيات للأئمة الأطهار (عليهم السلام)، وتقام في المزار برامج فكريّة وتربويّة وعقائديّة منها: دورات قرآنيّة للأطفال اثناء العطلة الصيفيّة، وهناك دورات قرآنيّة في التجويد والمقامات للرجال والنساء، وتعقد هذه الدروس في مركز علوم القرآن الموجود في المزار وعلى مدار السنة، وإحياء جميع المناسبات الدينيّة، فضلا عن ذلك زيارته العامة هي كل يوم خميس وجمعة، أما الخاصة فتقام في الذكرى السنوية لوفاة صاحب المزار بشكل مهرجان سنوي في يوم الخامس من ذي القعدة من كل سنة.
ويختتم السيد اللوباوي الأمين الخاص للمزار حديثه بالقول: بعد اعادة بناء المرقد سوف يكون صرحا اسلاميا يليق بصاحب المقام، وهو من المزارات المهمّة في محافظة بابل.