حنين صابر
من منا لا يعاني من موضوع الكفيل، ذلك الكائن الذي نبحث عنه إذا ما أردنا أن نمتلك منزلا، أو نشتري سيارة من شركة ما، أو حتى لنأخذ قرضا معينا من مصرف، فالكفيل الموظف هو كل ما نحتاجه في حياتنا اذا ما أردنا أن نطورها للأفضل، لكن، هل سمعتم بكفيل الطالب، هذا ما بحثت عنه (الصباح) في أحد تحقيقاتها اليوميَّة، فتعالوا معنا لنكتشف من هو.
وبعد أن تمحورت الإجراءات الجامعيَّة حول إجراءات الكفالة وارتبط التسجيل والمباشرة بها أصبحت شكاوى الطلبة حول مدى صعوبة اكمال هذا الإجراء لبدء عامهم الدراسي الذي هو جزء من تحديد مستقبلهم..
احد الطلبة يجد هذا الإجراء سهلاً وآخر يتكبّد بخسارات لإتمامه، لذلك سنشهد في تحقيقنا هذا على من لا يملك كفيلاً في أسرته، وعلى من جعل الغريب يكفله شكليّاً، كل تلك الازمات اصبحت مفاجأة للمتخرجين الجدد من مرحلة السادس الإعدادي الذين عانوا الويلات لتخطيه، ليشتد الحوار وتوضع النقاط على الحروف.
خسارة
أميمة فالح (21 عاماً) طالبة بتوقعات وآمال كبيرة بعدما حددت مستقبلها لتتفاجأ بإجراءات جامعتها الصارمة مما انتهى بها الأمر بإعاده الترشيح على جامعة أخرى بعدما سقط حقها بالتسجيل بالسنة نفسها بسبب تأخرها بإكمال إجراءات الكفالة القانونيَّة، مشيرة إلى "خسرت سنة دراسية من حياتي وقمت بالتقديم على كلية لم أكن أرغب فيها بسبب هذه الإجراءات".
من جانب آخر وضح الطالب سعد منير (23 عاماً) لـ (الصباح)، بأنه لا يتفق مع تطبيق نظام الكفالة في الجامعات ليكمل كلامه قائلاً: "بقيت مستمعاً فقط في القاعة الدراسية ولم يؤخذ حضوري طيلة الفترة التي لم أجد فيها موظفا يكفلني".
ويختم سعد حديثه بطريقة طريفة "الشخص الذي كفلني غريبٌ عني ولا أعرفه تماماً، انتهى وجوده ودوره في اليوم نفسه الذي كفلني فيه".
عبث "متعمّد"
يوضّح عميد كلية الإعلام أ. د عمار طاهر محمد، أنّه "يعود سبب اهمية الكفالة القانونيّة في الجامعات لكون أن جميع الكليات تحتوي اشياء قابلة للكسر والتلف، فبعد معرفة اذا ما تم القيام بضرر معين لهذه الممتلكات بقصد أو بغير قصد وفي العادة غير المقصود يتم غض النظر عنه، تتم مخاطبة الكفيل أو دائرته بشكل قانوني حتى يتم تعويض الاشياء التي تسبب الطالب بكسرها أو إتلافها".
ويوضح أنَّ "كلية الإعلام لم تشهد مثل هكذا حالات للطلبة تستوجب استدعاء الكفيل فهذا الشيء يُطبق كتعليمات أو إجراءات قانونية".
ويرى العميد عمار طاهر، أن "السبب الذي استدعى لعمل استمارة الكفالة هو أن الطالب ليس موظفاً ولا يستطيع تحمل المبالغ الكبيرة جراء الضرر الذي ألحقه بالأجهزة، على وجه الخصوص أن بعض الكليات تستخدم أجهزة بآلاف الدولارات فعندما يحدث بها عبث "متعمّد" هنا تجب محاسبة الطالب، ومن غير الممكن عمل لجنة انضباط أو فصل 10 أيّام، وهو قد قام بكسر جهاز باهظ الثمن".
ويختتم حديثه، أنّه "يجب أن يشعر الطالب بوجود شخص مسؤول عن تصرفاته، وأنه سوف يضر هذا الشخص في حال إقدامه على أي عبث أو تصرف غير مسؤول."
قانوني ولكن
يوضح الباحث القانوني الدكتور أسامة شهاب الجعفري، بأن "الكفالة القانونيّة ليست لها علاقة بسلوكيات واخلاقيات الطالب بل متعلقة فقط بالاضرار التي قد تلحق بممتلكات الكلية أو المال العام أو حتى الكتب التي قد يعيدها الطالب ممزقة".
وينتقل الدكتور أسامة الجعفري في حديثه ليؤكد أنَّ "جانب تحكيم راتب الكفيل بمبلغ معين هو احترازي بمعنى أن الكفالة بموجب القانون يشترط بها أن يكون الكفيل ميسوراً والموظف الذي يتقاضى راتباً مقداره (300 الف دينار) يعد قانونياً الحد الأدنى لليسر، وهنا يكون بالإمكان دفع التعويضات".
ويشير الدكتور بأن "الكفالة ليست مشكلة أساسية في مسألة قبول الطالب والتسجيل والمباشرة فذلك حق لا يسقط عن الطالب بعدم إجراء الكفالة، وإنّها إجراء روتيني قد يطوّل من مباشرة الطالب، لكن ليس مستحيلا، لذلك يمكن تسهيله على أنه في حال استحالة جلب الكفيل وثبوت هذه الاستحالة يمكن استبدال الكفالة أو تأجيلها للمرحلة الثانية، مضيفاً أنّ "صلاحية المنع من الناحية القانونيّة، من المباشرة أو الحضور، هو فقط نوع من الضغط لإجرائها".
مقترح وحل
وفي خضم حديثه مع (الصباح) قدم الدكتور الجعفري مقترحين إذا ما تم العمل بهما قد يقلل من صعوبة الكفالة على بعض الطلبة، أولهما فتح صندوق خاص للطلبة الذين يعجزون الحصول على الكفيل لفقرهم أو لأي سبب آخر، وثانيهما جعل بإمكان دور اليتامى للطلبة التي يعيشون فيها أن تكون هي مكلفة بكفالتهم.
مشيراً بـ "الحاجة إلى توجيه من مقر الوزارة للقانونيات بوضع استثناءات لتسهيل هذا الأمر، وفي النهاية هذا الموظف المختص بالقانونية هو مكلف بتنفيذ التعليمات القانونية فقط لذلك لا يستطيع أن يستثني أحداً من الطلبة".
للكفيل نصيبٌ بالحديث
ونحن نحاول إيجاد حلٍّ لهذه المعضلة ارتأينا أن نذهب مباشرةً إلى الكفيل علّه يُخلصنا من هذه التساؤلات، فوجدنا سعة صدر الدكتور باقر موسى وهو تدريسي في جامعة بغداد ليستقبلنا بحديثه ويقول: "لم لا اذا كان من المعارف أو الأقارب فهذا شرطي في قبول كفالتي له، إذ إنّي قد منحت كفالتي لأحد الطلبة مسبقاً، لأنّها في النهاية اشتراطات قانونيّة لقبول الطالب، إذ إنها لم تكن موجودة مسبقاً، الا أنها في جوانب أخرى تلزم الطالب بالحفاظ على الممتلكات العامة الخاصة بالجامعة أو الكلية مما يجعله خاضعاً للمساءلة القانونيّة إذا أضر بهذه الممتلكات".
وأشار الدكتور موسى "أنا مع إيجاد بديل لهذا الموضوع إذا كانت هناك صعوبة أو استحالة على الطالب في توفير كفيل، فبالإمكان على الجامعة أو الكلية طلب كتابة تعهّد من قبل الطالب في إطار قانوني مختلف لكي لا يمنعه عدم إيجاد كفيل من التسجيل أو الانخراط بالتعليم في بداية العام الدراسي".
في ختام تحقيقنا وجدنا أن العديد من الطلبة الذي رفضوا ذكر أسمائهم خوفاً من المساءلة قد أكدوا لنا بأن هناك موظفين اداريين في قانونية الكليات والجامعات يستخدمون هذه العقبة بوابة للفساد والرشوة، إذ إن اغلبهم يقومون بكفالة الطلبة مقابل مبالغ مالية، لذلك لا بدَّ من أن نسترعي انتباه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لايجاد حل يخدم النظام التعليمي في البلد.