تعزيز دور الإعلام الاقتصادي

اقتصادية 2023/11/23
...

عبدالزهرة محمد الهنداوي

ثمَّة معادلة تقول لا تنمية من دون تخطيط، ولا تخطيط من دون إحصاء، والإحصاء هنا يُقصد به الأرقام والبيانات والمؤشرات الرقميَّة والمعلوماتيَّة، التي تمثل القاعدة المتينة للتخطيط، نحو بلوغ أهداف التنمية.
وفي وسط هذه المعادلة التنموية، يأتي دور الإعلام، الذي يمثل القدم الثانية، للاقتصاد والتنمية، لتحقيق تلك الأهداف، من خلال ما يؤديه من دور فاعل ومؤثر. ولكي يتمكن الإعلام التنموي، من أداء هذه المهمة وهذا الدور، فإنَّ الأمر يتطلب العمل على بناء قاعدة إعلامية أضلاعها وأركانها من الإعلاميين المتخصصين والمدربين على بيان المسارات الحقيقية الداعمة للتنمية، ولكي نبني هذه القاعدة، فإنَّ أولى المتطلبات أن تتم إحاطة الإعلاميين بجميع البيانات والمؤشرات الإحصائية، وكل ما يتعلق بالتنمية من بيانات، لكنَّ الأهمَّ من ذلك أن يكون للإعلامي المتصدي للقضايا التنموية والاقتصادية، القدرة على القراءة الصحيحة والمنطقية لتلك المؤشرات، لكي يكون متمكناً من إيصال الصورة المبسطة للناس، فيتفاعلون مع الحدث الاقتصادي، وإلا، فإنَّ الأرقام والمؤشرات تبقى مستعصية على الفهم من قبل عامة الناس، ما يعني اتساع الفجوة بين منتجي البيانات والرأي العام.
ومناسبة حديثي عن واقع الإعلام التنموي تأتي بعد مشاركتي في أعمال الورشة التي نظمتها وحدة الدراسات والمسوح الميدانية الاجتماعية، ضمن قطاع الشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية بالقاهرة، بالتعاون مع برنامج الخليج العربي للتنمية، وقد جاءت هذه الورشة لتمثل خطوة ومبادرة مهمة، في تجسير العلاقة، وتمتينها بين الإعلاميين، ومنتجي البيانات الإحصائية والمخططين وراسمي السياسات التنموية، وتظهر أهمية المبادرة من خلال نوعية المشاركين من الإعلاميين العرب الذين يمثلون أغلب البلدان العربية، وكذلك عبر المواضيع والملفات التي جرت مناقشتها، والتوصيات التي خرج بها المشاركون، ولعل من أهم ما ناقشه الإعلاميون والإحصائيون العرب، هو تحديد احتياجات الإعلاميين من المؤشرات التنموية، وتشخيص المشكلات والصعوبات في الحصول والوصول إلى مصادر البيانات، وبالتالي توظيف الإعلام الجديد في نشر الوعي بقضايا التنمية المستدامة بين الشباب، كما لم تفت الإعلاميين مناقشة تأثير استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات في المواقع الإخبارية، فضلاً عن حقوق الطفل والصحة الإنجابية، وغيرها من القضايا المهمة.
ومن هنا أجد من المناسب أن نستفيد من مثل هذه الفعاليات الإعلامية والتنموية والعمل على تعميم التجربة في العراق، عبر تنظيم المزيد من ورش العمل بين الإعلام وأهل الشأن من منتجي البيانات، وراسمي السياسات الاقتصادية، إذ ينبغي أن يكون في كل مؤسسة إعلامية، صحيفة كانت أم إذاعة أم وكالة أنباء، أم قناة تلفزيونية، قسم اقتصادي يضم نخبة من الكتّاب والمحررين والمحللين القادرين على مواكبة وقراءة وتحليل الأحداث الاقتصادية، ومساعدة أصحاب القرار في رسم السياسة التنموية الصحيحة في البلد.