الضوء وليس الحرارة فقط.. قد يحفز الماء على التبخّر

علوم وتكنلوجيا 2023/11/26
...

 إميلي كونوفر

 ترجمة: بهاء سلمان


الضوء الأخضر بمفاهيم حركة سير المركبات يعني "إذهب"؛ وقد ينطبق ذلك على جزيئات الماء المتبخرة أيضاً، حيث أفاد باحثون في الجلسة الدوريَّة للأكاديميَّة الوطنيَّة للعلوم التي عقدت يوم السابع من تشرين الثاني الماضي، بأنَّ الضوء المرئي، وخاصة الضوء الأخضر، ربما يعملُ على تحفيز الماء على التبخر.

ومن خلال التجارب، أظهر تبخّر الماء تحت الضوء المرئي معدل تبخّر أعلى من الممكن بناءً على الحرارة وحدها، كما يقول المهندس الميكانيكي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "غانغ تشين"، وزملاؤه.

ويقول الباحثون، إلى جانب ملاحظات أخرى، إنَّ النتائج تشير إلى أنَّه عندما يسلط الضوء على الماء، يمكن لجزيئات الضوء الدقيقة جداً، أو الفوتونات، قطع الروابط التي تعمل على ربط جزيئات الماء مع بعضها البعض، ما يؤدي إلى إطلاق مجموعات من الجزيئات في 

الهواء.

يقول "يوكي ناغاتا"، الكيميائي في معهد ماكس بلانك لأبحاث البوليمرات في ماينز بألمانيا، والذي لم يسهم في البحث: "إنها أشياءٌ مثيرة للغاية"؛ مشيراً إلى أنَّ هذه الفرضيَّة تحتاج إلى المزيد من الفحص. 

ويضيف قائلاً: "لسنا متأكدين بنسبة مئة بالمئة من أنَّ هذه هي الآليَّة بالفعل، ولكنْ إذا كان الأمر كذلك، فهو أمرٌ جديدٌ تماماً".


الطبيعة تفرض قوانينها

في العادة، الحرارة هي ما يؤدي إلى استمرار عملية التبخّر، ما يتسبب في تدافع جزيئات الماء في السائل بقوة أكبر. 

يمكن لهذه الطاقة الإضافيَّة كسر بعض الروابط بين الجزيئات في السائل، ما يسمح للجزيئات بالهروب على شكل بخار ماء؛ واستنادا إلى كمية الحرارة الداخلة، يستطيع العلماء حساب كمية التبخّر المتوقعة. 

يمكن أنْ يساعد الضوء المرئي على تبخّر الماء بسبب الحرارة التي ينقلها؛ ولكن حتى الآن، لم يكن من المعتقد أنه يكسر الروابط بين جزيئات الماء بشكل مباشر.

في الدراسة الجديدة، سلط الباحثون الضوء على الماء الموجود في الهلاميات المائيَّة المساميَّة، وهي مواد تمتصُّ الماء بشراهة. 

ويحدث التأثير المفترض عندما يلتقي الهواء بالماء، وتحتوي الهلاميات المائيَّة التي درسها الباحثون على عددٍ لا يحصى من الشقوق حيث يلتقي الإثنان، ما يسمح للماء بالانفصال والهروب. 

وفي بعض الحالات، كان معدل التبخّر أكثر من ضعف المتوقع على أساس الحرارة. 

والأكثر من ذلك، أنَّ معدل التبخّر يختلف باختلاف الطول الموجي للضوء، ليظهر أن الضوء الأخضر ينتج أعلى معدل تبخّر.

إنَّ الاعتماد على الطول الموجي يمثل دعماً مقنعاً لفرضيَّة الباحثين، كما تقول عالمة الديناميكا الحراريَّة "جانيت إليوت" من جامعة ألبرتا بولاية أدمونتون الكنديَّة. "

إذا قمت فقط بتسليط الضوء المرئي على شيء ما، فكيف يمكنك معرفة ما إذا كان الضوء أو الحرارة المنبعثة من الضوء هو الذي يؤدي العمل المطلوب؟

 لكن إذا كان الأمر يعتمد على الطول الموجي فهذا دليل على أنَّ دور الضوء له أهميته الخاصة". 

علاوة على ذلك، كما تقول الباحثة، إنَّ التبخّر الزائد لم يحدث عند استخدام المدفأة بدلاً من الضوء.


معلومات جديدة

عندما تؤدي الحرارة إلى التبخّر، تتسرب الجزيئات عادة واحدا تلو الآخر. 

لكنَّ قياسات درجة حرارة البخار فوق الهلام المائي تشير إلى أنَّه عندما يدفع الضوء عملية التبخّر، تتسرب جزيئات الماء في مجموعات. 

ثم تتبخر المجموعات نفسها، لتتكسر إلى جزيئات الماء الدقيقة جداً، مبرّداً البخار في هذه العملية.

بشكلٍ عامٍ، كانت درجة حرارة البخار المقاسة أعلى بالقرب من الهلاميات المائيَّة المساميَّة، تماماً كما يكون البخار أكثر سخونة مباشرة فوق وعاء الغليان. 

لكنْ في جيب البخار الذي يتراوح ارتفاعه بين 8 إلى 14 ملم فوق السطح، لم تتغيّر درجة الحرارة مع الارتفاع. 

ويقول الباحثون إن هذا دليل على وجود منطقة يكون فيها الهواء مشبعاً بجزيئات الماء الدقيقة جداً، وحيث تتبخر المجموعات وتتكاثف بشكل  مستمر.

تقول اليوت: "من المقنع جداً أنَّه في هذا الإعداد التجريبي المحدد، يمكنك رؤية كتل من الجزيئات تنطلق ثم تتبخر تلك الكتل،" بيد أنها أشارت إلى أَّنه "وجود الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة". 

على سبيل المثال، لم يشرح الباحثون بشكلٍ مفصل كيف تستطيع الفوتونات أنْ تكسرَ الروابط، أو لماذا تعمل بشكلٍ أفضل مع الضوء الأخضر.

ويعترف تشين بأنَّ التفسير النظري يتضمّن بعض المواقف المؤيدة. 

ومع ذلك، فهو يأمل أنْ يتمَّ استخدام هذا التأثير لأغراضٍ عمليَّة، مثل إيجاد طرقٍ أكثر كفاءة لإنتاج المياه العذبة من المياه المالحة. ويقول تشين بأنَّ التأثير قد يكون واسع الانتشار في الطبيعة، في الماء داخل المواد المسامية مثل التربة أو النباتات، أو في الرغوات الموجودة على سطح المحيط. "لدينا شعورٌ بأنَّ هذا يحدث بالفعل يومياً وعلى نطاقٍ واسع، ولهذا السبب نحن متحمسون جداً لهذا الأمر".


مجلة ساينس نيوز الأميركية