{عباءة حراريَّة} تقلِّلُها صيفاً وترفعها شتاءً

علوم وتكنلوجيا 2023/11/29
...

 سكايلر وير

 ترجمة: بهاء سلمان

إذا سبق لك أن تعرّضت يدك لحرارة عالية بسبب مشبك حزام الأمان الساخن للغاية، فأنت تعرف مدى الحرارة التي يمكن أن يصلَ إليها الجزء الداخلي من السيارة في يوم صيفي. بيد أن النسيج الجديد يمكن له تقديم المساعدة يوماً ما للسيارات والأشياء الأخرى لإبقائها أكثر برودة في الصيف وأكثر دفئاً في الشتاء.
وتوصل الباحثون لتوهم إلى تصنيع أنموذج أولي لهذا النمط من الأنسجة، والذي يعد بمثابة "عباءة حراريَّة". وهذا يعني أنه يحد من التغيّرات في درجات الحرارة في الفضاء الموجود تحته؛ كما لا يتطلب الأمر مصدر طاقة للقيام بذلك. وهذا يعني أن هذه العباءة لديها القدرة على خفض الطاقة المستخدمة للتدفئة والتبريد.

تقليل الاستهلاك العام
على الصعيد العالمي، تشكلُ تكاليف توليد التدفئة والتبريد ما يقرب من أربعة أعشار استخدام الطاقة في المباني، 38 بالمئة تحديداً؛ وهي تضيف ما يزيد قليلاً على ثُمن إجمالي الطاقة المستخدمة. ويمكن لمواد مثل هذه العباءة الحراريَّة أنْ تقلل هذه الأرقام، بينما تجعلنا أكثر راحة أثناء موجات الحر.
وهذا يعني أنَّ مثل هذه المواد يمكن أنْ تقللَ من كميَّة ثاني أوكسيد الكربون (CO2) المنبعثة عن طريق حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الكهرباء التي تشغل أنواعاً أخرى من التبريد، كما يقول "آسواث رامان"، وهو عالم فيزياء تطبيقيَّة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، ولم يشارك في الدراسة الجديدة.
يعمل "كيهانغ كوي" مهندساً لدى جامعة شنغهاي جياو تونغ في الصين. ومن خلال الدراسة الجديدة، قام فريقه ببناء عباءة من طبقتين، إذ تعكس ألياف السيليكا البيضاء الموجودة في الطبقة الخارجيَّة الضوء المرئي. تمَّ تغليف هذه الطبقة بمادة نتريد البورون، وهي مادة سيراميكيَّة، تعملُ على عكس الأشعة فوق البنفسجيَّة، لتساعد بالتالي على التخلص من الحرارة.
وبعملهما سويَّة، عكست ألياف السيليكا ونيتريد البورون معاً نسبة هائلة تصل إلى 96 بالمئة من ضوء الشمس الذي ضرب القماش، والتي كان من المفترض أنْ تسهمَ في رفع درجة حرارة ما تحت العباءة. في الوقت نفسه، تعمل الطبقة الخارجيَّة على امتصاص الحرارة من المنطقة المحيطة، ومن ثم تعيد إطلاق تلك الطاقة على شكل ضوء الأشعة تحت الحمراء. ومع خروج الحرارة من الموقع على شكل إشعاع، برّدت المنطقة الموجودة أسفل العباءة بشكلٍ أكبر.
تحافظ هذه الطبقة الخارجيَّة على المساحة الموجودة أسفل العباءة لفترة أطول مما لو كانت مكشوفة. ومع ذلك، فإنَّ المساحة المغطاة تسخن ببطء خلال النهار، إذ تحافظ الطبقة الداخليَّة، المصنوعة من رقائق الألومنيوم، على دفء هذه المساحة ليلاً عن طريق حبس بعض تلك الحرارة بالداخل، فعملها يشابه ما تؤديه بطانيَّة النجاة العازلة.

تجاوز الظروف القاسية
اختبر فريق شنغهاي متانة العباءة في العديد من البيئات القاسية. على سبيل المثال، قاموا بوضع القماش داخل فرن بلغت درجة حرارته 800 درجة مئويَّة (1470 درجة فهرنهايت)؛ وهي سخونة تكفي لإذابة ملح الطعام. وقام الباحثون أيضاً بغمر القماش في النيتروجين السائل فائق البرودة، وأخضعوه لنفس شدة الاهتزازات التي تحدث عند إطلاق الصاروخ؛ حتى أنهم سكبوا عليه الحمض وأشعلوا فيه النار من شعلة البوتان. وفي كل حالة، لم يكن هناك أي تغيير تقريباً في هيكل العباءة أو أدائها. هذه المتانة القصوى توحي بأنَّ العباءة قد تكون مفيدة في المركبات الفضائيَّة أو في بيئات خارج كوكب الأرض، وفقاً لما أشار إليه فريق الباحثين.
ولاختبار النسيج بشكلٍ عملي، قام كوي وفريقه ببناء أنموذجٍ أولي كامل الحجم لعباءة ولفها حول سيارة كهربائيَّة. في أحد أيام الصيف في شنغهاي، أبقت تلك العباءة السيارة عند نحو 23 درجة مئويَّة (73.4 درجة فهرنهايت). كان ذلك أقل بمقدار 8 درجات مئويَّة (14 درجة فهرنهايت) من درجة الحرارة الخارجيَّة، و28 درجة مئويَّة (50 درجة فهرنهايت) أبرد من الجزء الداخلي لسيارة غير مغطاة.
كما أبقى الغلاف السيارة على درجة حرارة نحو 5 درجات مئويَّة (9 درجات فهرنهايت) أكثر دفئاً من الهواء الخارجي في ليلة شتويَّة. يقول كوي إنَّ العباءة "تُظهر بالتأكيد القدرة على توفير الطاقة، وستكون الخطوة التالية هي أننا نريد إثبات ذلك في اختبارات ميدانيَّة واسعة النطاق، مثل أسطح المنازل". ويقول رئيس فريق البحث إنَّ ذلك من شأنه أنْ يساعدهم على استيعاب "التأثير في حياتنا اليوميَّة".

مجلة ساينس نيوز الاميركيَّة