البيت الأبيض يراجع خططه في الشرق الاوسط

قضايا عربية ودولية 2019/05/14
...

طهران / وكالات
 
 
يحتدم الصراع بين واشنطن وطهران في وقت لا تزال تحديات المرحلة المقبلة غير واضحة المعالم وسط دعوات اوروبية لوقف التصعيد ضد طهران، وايجاد صيغة للحوار.
وبشأن التواجد الاميركي في الشرق الاوسط، أبلغ مسؤولون في الإدارة الأميركية صحيفة نيويورك تايمز أن الإدراة تراجع خططا للتعامل مع إيران، تتضمن إرسال ما يقرب من 120 ألف جندي إلى الشرق الأوسط.  
وقالت الصحيفة نقلا عن المسؤولين إن وزير الدفاع بالوكالة باتريك شانهان قدم خلال اجتماع لترامب بكبار مسؤوليه الأمنيين الخميس الماضي خطة عسكرية محدثة تتضمن إرسال هذا العدد من الجنود في حال أقدمت إيران على مهاجمة القوات الأميركية أو سرعة العمل في صنع أسلحة نووية.
ولا تتضمن الخطة غزوا بريا لإيران، إذ أن هذا الأمر سيتطلب عددا أكبر من الجنود.
وأشارت الصحيفة إلى أن من غير الواضح ما إذا كان ترامب الذي يسعى إلى الخروج من أفغانستان وسوريا سيعيد نشر هذا العدد الكبير من الجنود في الشرق الأوسط.  
 
طلعات جوية
في الوقت نفسه، أجرت مقاتلات أميركية، طلعات ردع فوق الخليج، موجهة ضد إيران.
وقال المتحدث باسم قيادة القوات المركزية الأمريكية، العقيد بيل أوربان، إن “طائرات سلاح الجو الأمريكي نفذت طلعات ردع ضد إيران، لحماية المصالح الأمريكية”، وذلك وفقا لوكالة “الأناضول التركية.
وأضاف أوربان، أن “الطلعات تهدف إلى “إثبات الوجود الأميركي، والدفاع عنه في المنطقة”، لافتا إلى أن الطلعات جرى تنفيذها بواسطة مقاتلات (F-15) و(F-35)، جرى نشرها للدفاع عن القوات الأمريكية ومصالحها. 
 
موقف اسباني
من جانبها، أمرت وزارة الدفاع الإسبانية بسحب الفرقاطة “منديس نونيز” من المجموعة القتالية بقيادة حاملة الطائرات الأميركية “أبراهام لينكولن” في الشرق الأوسط.
فقد نقلت صحيفة “موندو” عن مصدر في وزارة الدفاع، امس الثلاثاء، أن قرار السلطات الإسبانية مؤقت، وسيبقى حيز التنفيذ طول فترة وجود حاملات الطائرات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
وذكرت وزارة الدفاع أن الفرقاطة لن تشارك في أي مهام أخرى، غير المقررة، في إشارة إلى تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران. 
وتقول الأنباء إن المجموعة البحرية الأميركية الضاربة التي تتقدمها حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس أبراهام لينكولن” قد عبرت مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي، وهي في طريقها إلى الخليج عبر مضيق هرمز، إلا أن المجموعة وفق وسائل الإعلام الإسبانية، ستجتاز المضيق من دون السفينة الحربية الإسبانية
 
الية ايران التجارية
بدورها طرحت إيران حلولا لتفعيل آلية التعامل التجاري مع أوروبا، والتي تهدف إلى إنقاذ الاتفاق النووي من خلال السماح لطهران بمواصلة التعامل مع الشركات الأوروبية رغم العقوبات الأمريكية.
وقال محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، إن أسهل طريقة لتفعيل الآليتين الأوروبية “إينستكس” والإيرانية “ساتما”، وهي شركة نظيرة للآلية الأوروبية، تتمثل بقيام الشركات الأوروبية باستيراد النفط من إيران أو منح خط ائتمان للمصدرين الأوروبيين لبدء التصدير إلى إيران.
وانتقد المسؤول الإيراني من خلال تدوينة على “إنستغرام” نشرها امس تقاعس الجانب الأوروبي في تفعيل آلية التجارة، التي قدمت قبل 3 أشهر من قبل الدول الموقعة للاتفاق النووي وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
وقال همتي إن “حديث الأوروبيين عن سعيهم لتفعيل الآلية أصبح عبارة مكررة وبالية”، معتبرا أن الحل الذي قدمه هو الطريقة الأمثل لتفعيل هذه الآلية. 
يذكر أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا أطلقت في نهاية كانون ثاني الماضي آلية “إينستكس” لتسهيل الحركة المالية والتجارية مع إيران. وتتخوف الإدارة الأمريكية من تأثير هذه الآلية سلبا على العقوبات المفروضة على طهران، والتي تسعى من خلال الضغط على إيران وإجبارها على إعادة التفاوض حول برنامجها النووي.  
من جانبه اتهم رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني  الأوروبيين بعدم تنفيذ أي من التزاماتهم في الاتفاق النووي على الرغم من مضي عشرة أيام على مهلة الستين يوما.
وقال لاريجاني خلال اجتماع مغلق للبرلمان عقد امس الثلاثاء لمناقشة العقوبات الأميركية والمهلة التي منحتها طهران للاتحاد الأوروبي لتنفيذ التزاماته في الاتفاق النووي: “أوروبا لم تقدم على أي إجراء عملي في ما يخص التعاملات المصرفية منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ومنحها مهلة شهرين تعتبر فرصة جيدة”. 
وأضاف أن الآليات المالية “إينستكس” لم تعد بأي فائدة على إيران، والأوروبيون لم يطبقوها عمليا.
وحسب لاريجاني، فإن الأمل في إجراءات أوروبية عملية خلال الخمسين يوما المقبلة سيكون غير مجد.
وكانت الأطراف الأوروبية الداعمة لاتفاق إيران النووي أكدت التزامها بتنفيذه، ومعارضتها إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران، كما دعت واشنطن لتجنب التصعيد ضد إيران، لكنها مع ذلك أعلنت رفضها مهلة الـ60 يوما التي أعلنتها إيران.
في السياق نفسه شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على ضرورة أن يتمسك الأوربيون بالاتفاق النووي مع إيران رغم الضغوط الأميركية.
وأكد الوزير خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الصيني وانغ يي في سوتشي عدم شرعية العقوبات الأميركية ضد القطاع النفطي الإيراني. 
بدورها أعلنت المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أن دول الاتحاد أكدت لوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، ضرورة منع التصعيد حول إيران.
وقالت موغيريني خلال مؤتمر صحفي في أعقاب اجتماع مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل، : “  نحن نحث دائما على الحوار والحلول الدبلوماسية في ما يتعلق بإيران، فالتفاوض أفضل من عدمه، وخاصة عندما تتنامى التوترات. وفي هذا السياق سمع بومبيو منا بوضوح أننا نعيش في وقت حساس، حيث يجب أن يتمثل الموقف المسؤول في أقصى درجات ضبط النفس من أجل عدم السماح بأي تصعيد، بما في ذلك التصعيد العسكري”. 
وجددت موغيريني التأكيد على أن الدول الأوروبية ستلتزم بتعهداتها بموجب الاتفاق النووي مع إيران طالما تبقى طهران ملتزمة بها، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بـ “كل ما بوسعه” لتنفيذ التزاماته بموجب الاتفاق، طالما تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنفيذ إيران لالتزاماتها. 
من جانبه، اعتبر مسؤول رفيع في الخارجية الروسية أن العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران، تعيق تنفيذ بنود الاتفاق النووي وتمنع إيران من نقل الماء الثقيل واليورانيوم المخصب إلى الخارج.
وقال رئيس دائرة ضبط وعدم انتشار الأسلحة في الخارجية الروسية فلاديمير يرماكوف لوكالة نوفوستي: “مهما كان في الأمر من مفارقة، فإن طهران تفعل بالتحديد ما دفعتها إليها واشنطن بعقوباتها النووية، لقد جعل الأمريكيون نقل فائض اليورانيوم المخصب والماء الثقيل إلى الخارج مستحيلا، وهو يتراكم الآن في إيران والمسؤولية تتحملها واشنطن بالكامل”. وشدد الدبلوماسي في هذا الصدد على أن مواصفات النشاطات النووية في إيران في الوقت الحالي تتوافق تماما مع شروط الاتفاق النووي.
وفرضت الولايات المتحدة مؤخرا سلسلة من العقوبات على إيران بدعوى ضرورة منعها من امتلاك قدرات نووية وممارسة سياسة “عدوانية” في المنطقة.
وردا على العقوبات أعلنت طهران وقف تنفيذ بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، وحذرت من أنها قد تزيد من مستوى تخصيب اليورانيوم لأكثر من عشرين بالمئة.
 
ازمة كورية جديدة
من جانب آخر من الصراع الاميركي في العالم وصفت كوريا الشمالية  مصادرة السلطات الاميركية احدى سفنها الاسبوع الماضي بتهمة انتهاك العقوبات الدولية، بانها “عمل سرقة غير مشروع” وطالبت باعادة السفينة.
وأعلنت وزارة الخارجية الكورية الشمالية ان هذه المصادرة تتعارض مع مضمون الاعلان المشترك الذي وقعه الرئيس الاميركي والزعيم الكوري الشمالي خلال قمتهما الاولى في حزيران  2018 في سنغافورة.
وقال ناطق باسم الوزارة في بيان نشرته وكالة الانباء الكورية الشمالية إن “الولايات المتحدة ارتكبت عمل سرقة غير مشروع عبر مصادرتها سفينة الشحن التابعة لنا، مستندة الى قرارات مجلس الامن الدولي حول العقوبات”.
وأضاف أن “الولايات المتحدة يجب ان تدرك عواقب أعمالها الشبيهة باعمال العصابات، وتعيد سفينتنا بدون تأخير” بحسب البيان الكوري.
وتتعرض كوريا الشمالية لسلسلة عقوبات صوت عليها مجلس الامن الدولي لارغامها على التخلي عن برامجها النووية والبالستية.  
وكان القضاء الأميركي أعلن الخميس الماضي مصادرة سفينة الشحن الكورية الشمالية “وايز أونست” المتهمة بانتهاك العقوبات الدولية عبر تصديرها كميات من الفحم واستيرادها آلات.
صودرت السفينة العام الفائت في اندونيسيا كون قبطانها ملاحقا من السلطات الاندونيسية، وفي تموز اطلقت السلطات الاميركية بدورها آلية مصادرة. 
 
رد صيني
من جانب آخر من سياسة العقوبات الاميركية تعاملت الصين امس  بالمثل مع الولايات المتحدة، وفرضت رسوما على سلع أمريكية بقيمة 60 مليار دولار اعتبارا من الأول من حزيران المقبل، وذلك ردا على قرار دونالد ترامب بزيادة التعرفة الجمركية على السلع الصينية. وكان ترامب قد حذر بكين من “الرد” على إجراءات واشنطن، لأن ذلك “سيزيد الأمور سوءا”.
وتصاعدت حدة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ، مع إعلان بكين فرض رسوم على سلع أمريكية، متجاهلة تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لها من القيام بمثل هذا الإجراء، والذي جاء ردا على رفع واشنطن التعرفة الجمركية على السلع الصينية.  
وكانت جولة المحادثات الأخيرة بين الولايات المتحدة والصين انتهت من دون التوصل لاتفاق ينهي النزاع التجاري الدائر بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.