بدور العامري

ولعه بالسفر وحبّه للتعرّف على ثقافات الشعوب الأخرى دفعه إلى للعمل كمرشد سياحي للسياح الأجانب، رغبة في تحقيق طموحه في الحياة من جهة، والمساهمة في تعريف العالم بثقافات وكنوز العراق، باعتباره مهد الحضارات وموطن الحرف الأول ومنبع نور العلم والمعرفة في العالم، أحمد معن وغيره من الشباب الذين امتهنوا الارشاد السياحي يعتبرون سفراء لبلادهم، هناك مواصفات ومؤهلات يجب توافرها في هؤلاء السفراء ليعكسوا الصورة الجميلة عن بلادهم ومناطقها المتنوعة.

انتعاش

يعدُّ المرشد السياحي حلقة وصل بين السائح والأماكن الاثاريَّة والسياحيَّة التي يرغب بزيارتها والتعرّف عليها، وبحسب الشاب أحمد معن الذي تحدث عن تجربته مع هذه المهنة التي يهواها منذ البداية، نتيجة لحبّه للسفر والتعرّف على ثقافات البلدان الأخرى، ليكتسب نتيجة هذه الرحلات عدد من الأصدقاء الأجانب الذين كانوا يتخوّفون من القدوم إلى العراق بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية لفترة طويلة، فضلا عن الصورة المشوّشة التي كان يوصلها الإعلام الآخر عن الحياة في العراق، والتركيز على الجانب المظلم لتلك الحياة، أحمد وغيره من الشباب الطموح الوطني أخذ على عاتقه مهمة إبراز الجانب المضيء في البلاد، إذ يقول أحمد بدأت أعداد السيّاح الأجانب في تزايد بعد عودة العمل بنظام تأشيرة الدخول (الفيزا) التي كان العراق محروماً منها لمدة قاربت الاربعين عاماً، بسبب العقوبات الدوليّة المفروضة عليه، أما الشاب فارس الشريف وهو يعمل مرشدا سياحيا في منطقة الأهوار جنوب العراق، يقول إنَّ من يريد ان يعمل بهذا المجال لا بدَّ أن يمتلك الشغف والحب الكبير لهذه المهنة كي يستمر في عمله.

تنظيم

الشاب وليد سامي يعمل مترجما ومرشدا سياحيا لدى إحدى شركات السياحة والسفر، تحدث عن أهمية أن تتبنى المؤسسة الحكومية موضوع التنظيم والمتابعة لعمل المرشدين السياحين، أسوة بدول المنطقة، كي لا يقوم بعض ضعاف النفوس بتشويه هذه المهنة، وتابع سامي على سبيل المثال في مصر يتقدم الراغب بممارسة الارشاد السياحي إلى هيئة السياحة والآثار، ليتم تسجيل بياناته بعد استيفاء الشروط اللازمة مثل تخصص أكاديمي في السياحة أو كونه حاصلاً على دورات تأهيله بهذا المجال، ويوجد اختبار معين يجب عليه اجتيازه يتعلق بمعلوماته وثقافته العامة واللغة الأجنبية التي يمتلكها ثم يعد مؤهلاً لمزاولة هذه المهنة، من جانبها تحدثت لنا سائحة ألمانيَّة، كانت متواجدة في موقع نصب الشهيد عندما سألناها عن رأيها بمواصفات المرشد السياحي تقول هناك أمور أساسية يجب أن يتحلى بها المرشد مثل الثقافة الواسعة عن تاريخ وحضارة البلد، فضلا عن المعلومات الوافية عن جميع الأماكن سواء كانت آثاريّة أو ترفيهيّة أو بيئة. 

تجربة سياحيَّة

يعتمد عمل الدليل السياحي في مختلف دول العالم على توفير معلومات شاملة حول المعالم السياحيّة والأماكن الاستثنائيّة في المنطقة، كما يقوم بتوجيه الزوّار وتقديم تفاصيل حول التاريخ والثقافة والتراث الفني للوجهات المختلفة، لذلك ينصح مدرب التنمية البشريَّة ضياء يحيى، كل من يعمل في مجال الارشاد السياحي أن يكون ذا علاقات واسعة مع الجهات الحكوميّة والمؤسسات المجتمعيّة العاملة في مجال السياحة والترفيه، لغرض معرفة الفعاليات والأنشطة السياحيّة التي تقام في تلك المناطق وتحديد مواعيدها كي تتناسب مع الجدول الزمني للسياح القادمين من الخارج، فضلاً عن أهمية المعرفة الكافية بالمطاعم ونوعيات الأطعمة المقدمة، لما يشكله المأكل والمشرب من متعة خاصة للسائحين والتعرّف على ثقافات الشعوب عن طريق مأكولاتهم، فضلاً عن الدراية التامة بوسائل النقل المحليّة ومراكز التسوّق، كذلك نبّه يحيى إلى ضرورة امتلاك المرشد السياحي لمعلومات السلامة والأمان والالتزام بها حرصاً على سلامة وحياة كليهما، من كل ما تقدم نستشف أن المرشد السياحي يهدف إلى توفير تجربة سياحيّة ممتعة ومفيدة للزوّار.   

تعاون دولي

تأهيل المواقع السياحيّة وتدريب الملاكات البشريّة عنصران اساسيان في عملية التوجه الحقيقي لصناعة قطاع سياحي منتج ومزدهر، وفي هذا المجال أكدت وزارة الثقافة والسياحة والآثار في بيان لها، على المضي بدعم الموارد البشريّة من الموظفين والعاملين في القطاعات الساندة لعمل الوزارة بغية تنمية وتطوير قطاع السياحة والآثار في البلاد، إذ شهدت الفترة الأخيرة إبرام اتفاقيات تعاون مشترك مع العديد من دول العالم والمنظمات الدوليّة المختصّة، منها على سبيل المثال التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) في مختلف المجالات ذات العلاقة، حيث شهدت بداية الشهر الحالي إطلاق المرحلة الثالثة من مشروع إحياء المدن القديمة في البصرة والموصل، إذ أوضح وكيل الوزارة قاسم طاهر السوداني في كلمة له بمناسبة توقيع المرحلة الثالثة مع اليونسكو "أنَّ هذه الاتفاقية ركّزت على دعم مجالين رئيسين هما توظيف الشباب وتعزيز قدرة المؤسسات وأصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص، وممن يعملون في مجال إعادة تأهيل وحماية أصول التراث الثقافي، وأشار البيان إلى أن منظمة اليونسكو وبتمويل من الاتحاد الأوروبي وفق هذه الاتفاقيَّة سوف تعطي المؤسسات والمهنيين العراقيين المفاتيح لقيادة عمليات إعادة الإعمار في المستقبل، من خلال تدريب الأجيال الجديدة من المتخصصين في مجال التراث، وبيَّنَ السوداني أن التعاون والاتفاقات السابقة والحالية مع منظمة اليونسكو أكدت جدواها الاقتصاديّة والثقافيّة والآثاريّة، الأمر الذي ستنعكس في المستقبل القريب على الترويج عن السياحة الآثاريّة المهمة في العراق.