مع إقامة القدَّاس والصلوات.. الموصل تشهد احتفالاتٍ خجولة

ريبورتاج 2023/12/25
...

 شروق ماهر

تشهد أعياد المسيحيين في سهل نينوى احتفالات بعيد ميلاد سيدنا عيسى المسيح بشكل مغاير للسنوات السابقة، وذلك بسبب ما يدور في احداث غزة وحادثة فاجعة الحمدانية، والذي وقع في منطقة قضاء الحمدانية شرق الموصل، حيث ساهم هذا الحادث المأساوي في تقليل حماسة الاحتفالات، وجعلها أكثر تحفظا واحتراما للأحداث، التي حدثت خلال هذا العام.

شعائر وطقوس
وتختلف أعياد المسيحيين حسب التقاليد والطوائف المسيحية المختلفة في سهل نينوى والموصل، ومن أهم الأعياد لديهم هو عيد الميلاد المجيد، الذي يحتفل به في العالم كله في الـ 25 من كانون الأول، والذي يعدُّ هذا العيد احتفالًا بميلاد سيدنا المسيح، اذ يشمل الاحتفال بالميلاد القداديس والصلوات والأغاني والتجمعات العائلية في بينهم، وهناك يتم تبادل الحلويات والأكلات الشعبية، التي يتم توزيعها بينهم وحتى لمنازل وأسر المسلمين ليشاركوا معًا فرحة العيد المجيد ومولد نبي الله عيسى (ع).

احترام
يقول المطران نثنائيل نزار سمعان مطران ابرشية حدياب للسريان الكاثوليك في حديث لـ(الصباح) إن "ما يحدث الآن من مشكلات في أحداث غزة والشرق الأوسط بصورة عامة يحزن كل الأديان السماوية، فضلا عمّا حدث خلال الشهرين الماضيين في فاجعة الحمدانية، التي راح ضحيتها المئات من الضحايا جراء حرق القاعة من أطفال ونساء وشباب، اذ ما زلنا نستذكر الضحايا وهول الفاجعة الأليمة، التي حلت بهم آنذاك".
يضيف سمعان "نحن دين السلام والمحبة والتسامح، والمسيح (ع) السلام نزل لينشر المحبة والسلام والتسامح والخير في كل مكان، ولا بد من التذكير بهذا الامر من خلال هذه الشعائر، لكننا ما زلنا في غاية الحزن الشديد على كل الضحايا التي تذهب يوميا سواء في نينوى أو العراق أو فلسطين من احداث مأساوية تقشعر لها الأبدان وتدمع لها العيون".
يتابع المطران "سنعمل على أن تكون هذه الأعياد مثل كل الأعياد من ناحية الطقوس والصلوات واقامة القداديس داخل عموم كنائس العراق، لكن سيكون هناك غياب لجميع الاحتفالات ما بين المدنيين حزنًا على ما يدور في أحداث فلسطين، الى جانب تضامننا مع أهالينا المفجوعين في قضاء الحمدانية، والذي حولت أفراح أعيادهم الى أحزان وبكاء، بسبب مافقدوا من أهاليهم، الذين لم يعد يشاركونهم الأعياد إلى الأبد".

استذكار
القاس متي عماد من سهل نينوى يذكر لـ(لصباح) بأن "لا وجود ولا أجواء تخيّم على مناطق سهل نينوى والموصل من اعياد المسيحيين مطلقًا، فالكل يرتسم على وجهه الحزن والدموع، حتى الأطفال هنا في بلدة الحمدانية، لم يعيشوا أجواء الأعياد، بسبب ما حلَّ بهم من مآسٍ وفقدان لذويهم، جرّاء فاجعة الحمدانية، التي خلّفت مئات الأرامل والأيتام في هذا العيد المليء بالحزن وأجواء الألم والفقدان وبالتحديد في قضاء الحمدانية".
ويضيف عماد لا توجد أيُّ طقوسٍ للأعياد داخل المنازل والأسواق  والشوارع، واللباس الأسود والتعازي ما زالت حتى اليوم في قضاء الحمدانية، وسنحاول نحن رجال الدين خلال اقامة الصلوات والقداديس من لم جروح المفجوعين من ضحايا قاعة الحمدانية، والتضامن معهم للحد من الأحزان التي ما زالت تكتنف قلوبهم لفقدانهم ضحايهم، وستكون  كنائسنا مفتوحة طيلة أيام العيد من أجل إقامة التعازي مجددا على أرواح الشهداء الطاهرة في عموم قضاء الحمدانية في سهل نينوى".

أمنية لنهاية الأحزان
يقول الشاب يوحنا وائل القاطن في قضاء تلكيف في حديث لـ(الصباح)، إن "هذه الأعياد  السماوية والتي أنزلت في ميلاد السيد المسيح وغيرها، لا تأتي إطلاقا من أجل تكرار الأحزان، وإعادة مشاهد الفواجع من جديد، فالعراقيون بكل طوائفهم اعتادوا على أن يعبّروا عن أحزانهم والفواجع، التي يتعرضون لها، ليستبدلوها بأعيادٍ وافراحٍ ومسرات، إذ علّمنا سيدنا المسيح بأن نتقدم بالحياة من أجل أن ننشر الفرح والسعادة في قلوبنا وقلوب الآخرين، وأن يكون للحزن يوم وللفرح أيامٌ مفتوحة من أجل العيش بسلام وفرح بعيدين كل البعد عن الاحزان المؤملة، لذا سنحاول نحن الشباب اقامة احتفالات بسيطة تجمع كل المحبين في هذا العيد، لإبعاد  الحزن من قلوب الآخرين، وستكون هذه الاحتفالات شبابية، اي تجمع الشباب المسيحيين استقبالًا لذكرى ميلاد سيدنا المسيح، الذي صنع لنا حياة جميلة مدعمة بالخير والعطاء والفرح والسرور، وبعيدة عن الأحزان الذي يؤلم جميع الموصليين والعراقيين بشكل عام".
بينما اكد الشاب عوني ميخائيل، أن "الاحتفالات في اعياد الميلاد المجيد لهذا العام محدودة جدا في بلدة قرقوش ضمن سهل نينوى، وتقتصر على الطقوس الدينية وإقامة القداديس في الكنائس، تضامنا مع اهلنا في فاجعة قاعة أعراس الحمدانية، وكذلك مع سكان غزة، الذين يتعرضون لأبشع إبادة جماعيَّة تقوم بها القوات الإسرائيلية وتحت مرأى المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية".
يضيف ميخائيل، أن "ولادة السيد المسيح دعوة للجميع الى السلام والمحبة والتضامن مع كل إنسان متألم في هذا العالم، لكي يملأ قلوب البشر بالفرح والمحبة".

ثقافة
يشار إلى أن سهل نينوى الواقع شرق مدينة الموصل يتمتع بأغلبية مسيحية من السكان، إذ يحتفل المسيحيون بعدة أعياد مهمة، وواحد من هذه الأعياد هو عيد الميلاد، الذي يحتفل به في 25 كانون الاول من كل عام، يقوم المسيحيون بزيارة الكنائس والمشاركة في الصلوات والقداديس المختلفة، كما يتم تزيين المنازل وتبادل الهدايا في كل عام وفي مثل هذا اليوم، كما تكون هناك مشاركة لأعداد كبيرة من الإسلام مع الأخوة المسيحيين في كل أعيادهم، وتحديدا في عيد مولد سيدنا المسيح بكل الكرنفالات التي يعدها المسيحيون هنا في سهل نينوى في هذا العيد، ويتم من خلاله الصلاة والتراحم، إذ إن جميع هذه الطقوس تعكس الهوية والثقافة المسيحية في المدينة، وتمثل جزءًا مهمًا من تراثهم الديني والثقافي.