عبير حمودي.. تعبيريَّة عراقيَّة

منصة 2023/12/27
...

 عمان: يعرب السالم

رسمت ملامحها الفنيَّة بفرشاة مضمخة بمعرفة جماليَّة، وحسٍ فني مرهف يُجسِّدُ حياة الناس العراقيين، والذاكرة الرافدينيَّة من أجل لوحة عميقة المعنى، واثقة الحضور، تأسر الجمال، وتطلق العنان لحريَّة الخيال.
كفراشة تعشق جمال الزهور، وتنتقل من زهرة الى أخرى بجمالٍ باذخ، كذلك فعلت الفنانة التشكيليَّة العراقيَّة عبير حمودي وهي تنتقل بين المدارس الفنيَّة، وعشق الألوان، الى الاهتمام بالرسم منذ نعومة أناملها بحثاً عن لونٍ يناسبُ قوامها الفني.
بدأت الرحلة التشكيليَّة مع لوحة (مشاعر على ساحل الغروب) التي مكنتها من الحصول على أول جائزة فنيَّة في الحياة والتي كانت بمثابة الشروع الجاد نحو طريقٍ
فني مفعمٍ بالألوان والنجاح.
لم تعتمد عبير حمودي في أعمالها الفنيَّة على مدرسة محددة، بل استفادت وسخّرت جميع المدارس في أعمالها عبر لوحات جسدت التراث والإرث العراقي الجمالي الواسع.
وربما كانت المدرسة التعبيريَّة هي الأقرب الى مشغلها الفني التشكيلي، فهي تعدّها الأكثر قدرة على تجسيد المشاعر، والأحاسيس، وسبر غور جماليات الحياة بعمقٍ وحسٍ جذابٍ ومدهش.
وبالأخص إذا انعكس ذلك على تجسيد جمال الحياة العراقيَّة في اللوحات التشكيليَّة.
أما عن التأثر فتقول: إنَّها "تتأثر بجميع الأعمال التي تكون قريبة من تجربتها الفنيَّة بغض النظر عن المعرفة الشخصيَّة بالفنان، فالفن يتلاقح جمالياً ومعرفياً وتاريخياً مع بعضه البعض.
ومن دون شك إنَّ أعمالاً خالدة عكست الحياة العراقيَّة بشكلٍ فني َمعاصر لا بُدَّ أنْ تحظى باهتمام كل فنان محبٍ للفن.
كأعمال جواد سليم (1919 - 1961) مثل لوحة (الفتاة والبستاني) أو (القيلولة) أو (الخياطة)، أو الأعمال الانطباعيَّة للفنان الهولندي فان كوخ (1853 - 1890) مثل (الطاحونة القديمة) أو (طريق في الخريف) أو (لوحة عباد الشمس).
وغيرها الكثير لفنانين رواد عراقيين أو عالميين، كل هؤلاء يسهمون من دون شك في صقل تجربة أي فنانٍ من حيث الاطلاع على نضج التجربة الفنيَّة لديهم والاستفادة منها، ومن المهم لأي فنانٍ فهم أبعاد التجربة الفنيَّة لديهم".
وتضيف عبير حمودي أنَّ "رؤيتها الفنيَّة الخاصة تنطلق من الذاكرة الرافدينيَّة بكل تشكلاتها، فأغلب لوحاتها هي تواصلٌ وتأثرٌ بالمحيط، إنَّها أشبه بعمليَّة خلطٍ معرفي بين الحسي والمُتشكل الواقعي، ففي كل عنصرٍ من عناصر اللوحة هناك خطٌ تفاعليٌّ قائمٌ بحد ذاته، أعمالي تشبهني لأنني أعيش لحظة تجسيد العمل الفني بكل وجدانها".
الألوان في لوحاتها أشبه بعراقٍ اجتمعت فيه كل الفصول، وتُجمل هذه الفصول المرأة العراقيَّة الحاضرة بكل ملامحها الجماليَّة، وكذلك التراث العراقي، والشناشيل، والأمكنة البغداديَّة بكل فرحها وحزنها.
حافزها في ذلك هو عشقها للعراق وحضارته، والتي تبدو جليَّة وواضحة ومفعمة بالجمال في معظم أعمالها التشكيليَّة التي شاركت بها في العديد من المعارض الفنيَّة ولاقت استحساناً من المهتمين والنقاد في مجال الفن.
كما استطاعت الفنانة عبير أنْ ترسمَ ملامح توجهها في الفن التعبيري وبقيَّة
المدارس، جاعلة من ذلك إطاراً معرفياً فنياً عُرفت به في الأوساط الفنيَّة في غربتها التي جملتها بالتراث العراقي الزاخر بالجمال والألوان التي أحبتها لأنها حياة مخفيَّة تتجلى في لوحاتها التشكيليَّة التي تنشدُ الفرح، وتختصرُ الحزنَ، وتؤسسُ
للجمال.