ارتفاعاتٌ مرتقبةٌ في النفط الخام للعقود الآجلة

اقتصادية 2019/05/19
...

واشنطن/ نافع الفرطوسي
 
 
 
تسودُ حالة من التوقعات المتفائلة بأنْ يرتفع سعر خام برنت إلى حاجز المئة دولار للبرميل الواحد مرة أخرى، مع استمرار ارتفاع عدد عقود المشتقات غير المنجزة انتظاراً لهذه الارتفاعات، في الوقت الذي أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، أنَّ الطلب على نفطها سيرتفع عما كان متوقعاً هذا العام مع تباطؤ نمو المعروض من منافسين مثل منتجي “النفط الصخري” الأميركي.
وتتزامن هذه التوقعات مع توتر في منطقة الخليج ووقوع أعمال تخريب مجهولة المصدر لعددٍ من السفن، فضلاً عن هجمات على منشآت نفطيَّة شرقي السعودية.
 
فوارق سعريَّة
لا يزال الفارق السعري بين خام برنت القياسي وخام دبي مستمراً بالارتفاع، ليصل إلى أعلى معدل له منذ تشرين الأول الماضي، فيما استقر فارق سعر خام غربي تكساس الوسيط مقارنة بخام دبي عند أقل مستوى له في شهرٍ تقريباً، وفق ما ذكره موقع “بلومبيرغ” الاقتصادي المتخصص.
ومن المعلوم أنَّ خام برنت هو معيار السعر في الأسواق الأوروبيَّة، وفي الأسواق الأميركيَّة خام غرب تكساس الوسيط، وفي الأسواق الآسيوية خام دبي، إذ يتم الاهتداء بأسعارها لتحديد أسعار بقية أنواع النفط.
 
تقلبات الأسعار
واستقر سعر خام غرب تكساس الأميركي أعلى من متوسط سعر الأيام الخمسة الماضية لأول مرة منذ أواخر نيسان، بينما تراجع معدل التذبذب بعد ارتفاع السعر في جلسات التعامل على العقود الآجلة، فيما لا يزال خام برنت وخام تكساس يكتسبان قوة الدفع لأعلى.
وبلغت التوقعات لأسعار خام برنت تسليم تموز 75 دولاراً للبرميل، فيما بلغت 110 دولارات تسليم كانون الأول، لكنَّ السعر الفعلي لعقود تموز المستقبلية بلغ 70.37 دولار للبرميل في بورصة لندن منتصف الأسبوع.
بيد أنَّ أسعار الخام سرعان ما ارتفعت الثلاثاء بنسبة أكثر من 1 بالمئة بعد الهجوم الذي استهدف منشآت حيويَّة في السعودية، كبرى الدول المنتجة في أوبك والتي يعتمد عليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تعويض النفط الإيراني.
وجرى تداول عقود مزيج “برنت” العالمي، في جلسة منتصف الأسبوع بلندن، عند 71.23 دولار للبرميل، بزيادة نسبتها 1.42بالمئة عن سعر التسوية السابق. في حين تم تداول عقود الخام الأميركي “غرب تكساس الوسيط” عند 61.57 دولار للبرميل، بارتفاع نسبته 0.87بالمئة عن الإغلاق السابق.
 
حساسيَّة السوق
باتت السوق النفطية هذه الأيام شديدة الحساسية لخسارة أي برميل نفط، لا سيما من المنطقة العربية التي تملك الطاقة الإنتاجية الفائضة التي تعول عليها الأسواق العالمية في سد أي ثغرة تطرأ في الإمدادات.
وفي ظل التوتر العسكري الذي تعيشه المنطقة حالياً، فإنَّ أي هجوم على سفن أو منشآت نفطية بمنطقة الخليج سيكون له تأثير مباشر في أسعار النفط، إذ خسرت أسواق الطاقة العالمية كميات تتراوح بين 1.3 و1.4 مليون برميل يومياً من صادرات النفط الإيراني، كما خسرت كذلك نحو نصف مليون برميل يومياً من إنتاج النفط الفنزويلي، وهنالك مخاوف جيوسياسيَّة وحروب أهلية قد توقف إمدادات النفط من بعض الحقول الليبيَّة، ومن الدلتا النيجيريَّة.
 
الإمدادات كافية
في سياق منفصل قالت وزارة الطاقة الأميركية، إنَّ لديها كامل الموثوقية من أنَّ أسواق النفط العالمية تتلقى إمدادات كافية، بعد عمليات التخريب التي تعرضت لها أربع سفن قبالة سواحل الإمارات العربية المتحدة، ومن بينها ناقلتان نفطيتان من السعودية.
إلى ذلك، ذكر مسؤول تنفيذي كبير أنَّ “أرامكو” السعودية تهدف إلى تعزيز إمداداتها النفطية إلى أوروبا بمقدار 300 ألف برميل يومياً في غضون العامين المقبلين، في الوقت الذي توسع فيه عملياتها التجارية هناك من خلال فتح مكتب هذا الصيف في لندن. وتأتي هذه الإمدادات في إطار تعويض شحنات النفط الإيرانيَّة.
وقال النائب الأعلى لرئيس التكرير والمعالجة والتسويق لدى أرامكو، عبد العزيز القديمي: إنَّ “الشركة ستضع اللمسات النهائية على صفقات في العامين القادمين لمبادلة الخام السعودي بالأساس بالمنتجات النفطية لإمداد العملاء في أوروبا والبحر المتوسط”.
وتسعى السعودية وسط الضغوط المالية التي تتعرض لها وضغوط الرئيس ترامب بعدم السماح لأسعار النفط بالارتفاع فوق 75 دولاراً للبرميل، إلى توريد الخامات لأوروبا وشراء منتجات التكرير.
وتمتلك أرامكو بالفعل اتفاقات حالياً لتوريد النفط ومبادلة المنتجات تتجاوز 3 ملايين برميل يومياً في أوروبا. وللشركة اتفاقات مع “بي.كيه.إن أورلن” البولندية وموتور أويل هيلاس اليونانية وغيرهما.
 
استقرار الاقتصاد
من جهته أكد أمين عام منظمة أوبك محمد باركيندو أنَّ المنطقة بحاجة إلى مزيدٍ من الاستقرار والأمن، مشدداً على أنَّ أي توترات تشهدها الساحة السياسيَّة بها تنعكس بشكل أو بآخر على الاقتصاد بشكل عام.
ولفت في تصريحات للصحفيين على هامش الأحداث التي شهدتها بعض المواقع النفطية في السعودية الى أنَّ أمان إمدادات النفط يعدُّ من الأولويات
 الحالية.
ونوه خلال تدشين مشروع مصفاة الفجيرة لوقود السفن بأنَّ الحديث عن قرار نهائي بشأن استمرارية تخفيض الإنتاج حيث ما زالت أوبك بحاجة إلى مزيدٍ من البيانات من السوق قبل اتخاذ أي قرار بشأن تمديد الخفض أو عدمه، إذ من المنتظر تحديده في شهر حزيران
 المقبل.
 
ارتفاع الطلب
أعلنت “منظمة الدول المصدرة للبترول” (أوبك)، أن الطلب على نفطها سيرتفع عما كان متوقعاً هذا العام مع تباطؤ نمو المعروض من منافسين مثل منتجي “الصخري” الأميركي، وأشارت أوبك إلى سوق أشد شحاً إذا امتنعت المنظمة عن زيادة الإنتاج، لكنها قالت في تقريرها الشهري إنَّ إنتاجها انخفض قليلاً في نيسان، إذ زادت العقوبات الأميركيَّة على إيران من تأثير اتفاق خفض المعروض الذي تقوده أوبك.وعمّقت فواقد إمدادات إيران وفنزويلا، الخاضعتين لعقوبات أميركية، أثر اتفاق الحد من الإنتاج، فيما من المقرر أنْ تعقد مجموعة “أوبك+” اجتماعاً الشهر المقبل للنظر في الإبقاء على الاتفاق لما بعد حزيران.
يذكر أنَّ أوبك قلصت تقديرها لنمو المعروض النفطي من خارجها في 2019، وقالت إنَّ الزيادة السريعة في إنتاج النفط الصخري الأميركي بدأت تتباطأ بشكل ملموس.