أنقياء العراق.. ترحالٌ مستمرٌ للبحث عن الآثار

ريبورتاج 2024/01/03
...

 احمد نجم

لأكثر من خمس سنوات، تقود اسماء الشالجي بشكل شبه أسبوعي فريقا يضم المئات من كلا الجنسين، للقيام برحلات استكشافية للمواقع الآثارية والتراثية في مختلف محافظات العراق، تهدف تلك الرحلات إلى التعريف بتلك المواقع الآثارية وإرضاء فضولها الشخصي في حب الاستكشاف لحياة الأجداد وتراثهم.

ولا تكتفي الشالجي بقيادة فريقها إلى المواقع الآثارية المشهورة والمعروفة إعلاميا، بل تركز على المواقع التي لم تحظَ بوصول اعلامي سابق، ولم تطأها أقدام السياحة الداخلية من قبل.


ملف الآثار

يهدف الفريق الذي يحمل اسم "انقياء العراق للحفاظ على الآثار والتراث" الى التوعية بأهمية الاثار والمحافظة عليها وخاصة بالنسبة للأهالي الساكنين قريبا من تلك المواقع، والتي لاحظت الشالجي وزملاؤها عدم معرفة غالبيتهم بتلك الآثار، وعدم إدراكه أهميتها التاريخية، وتضيف الشالجي، بأن الرحلات تسهم في تحفيز الجهات المسؤولة عن ملف الاثار على المزيد من الاهتمام والعناية والجذب السياحي.

يخصص ريع تلك الرحلات لنشاطات انسانية حيث تقول الشالجي في حديث لـ (الصباح)، بأن "كل رحلة يعقبها عمل خيري ممول من ريع الرحلة، وغالبا ما تكون تلك الفعاليات في دور الأيتام أو المسنين، من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والأدوية والملابس وأحيانا الكراسي المتحركة".

التوثيق الإعلامي

جال الفريق الذي يبلغ عدد افراده اليوم 150 - 170 شخصا جميع محافظات 

العراق تقريبا ولم يكتفِ خلالها بزيارة مراكز المدن، بل حرص على الوصول لآثار هيت وعانة والبغدادي والحويجة 

وغيرها، فضلا عن الحواضر الكبرى في الموصل والبصرة والناصرية وكردستان وواسط.

 تقول الشالجي باعتزاز، أن فريقها يضم عراقيين من أديان وأعراق مختلفة، منهم مسيحيون وايزيديون وكرد، وقد تمكنوا من زيارة مواقع غير معروفة سابقا، وبسبب جولاتهم تلك صار الكثير من المهتمين يزورونها، ويوثقون ذلك إعلاميا، وأبرز تلك المواقع كانت الخانات والكنائس في النجف وكربلاء وتل النجمي في واسط وملوية أبي دلف في سامراء، بالإضافةِ للعديد من البيوت التراثية في بغداد والبصرة، كما يؤدي الفريق عددا من الانشطة الترفيهية، التي تتناسب وطبيعة المنطقة مثل الجالغي البغدادي والجوبي والخشابة والدبكة الكردية.


شروط الأنقياء

رحلة الشالجي ابتدأت حين كانت تتابع بألم ما فعلته عصابات  داعش  الارهابية بآثار مدينة الموصل، وتدميرها لتراث المدينة، فقررت منذ تلك اللحظة الشروع بزيارة المواقع الاثارية برفقة عائلتها وأصدقائها، ثم تفاجأت بحجم الإقبال والرغبة للانضمام لتلك الرحلات، لكنها وضعت شروطا صارمة لذلك، أبرزها الالتزام بالملابس اللائقة بالنسبة للشباب، والابتعاد عن تدخين الأركيلة، فضلا عن تجنب أي حديث طائفي أو عنصري أو مسيء لمكون عراقي.

بينما قدم الفريق دعمه أيضا للمنتج الوطني، من خلال زيارة المصانع الوطنية، كما حدث مع زيارة مزارع العتبات في كربلاء، حيث تحويل الصحراء الجرداء إلى واحة خضراء من النخيل، بالإضافة لزيارة المناحل ومعمل أبي غريب للألبان.

انتماء الشالجي لعائلة بغدادية عريقة، حفّزها ذلك ايضا على الاهتمام البالغ بالمحافظة على التقاليد البغدادية والفنون والأزياء واللهجة البغدادية وحماية كل ذلك من اندثار محتمل.


السياحةُ أولا

ويدعو اغلب المهتمين بالواقع السياحي في العراق الى اهتمام الحكومة بهذا الإرث، ويأتي ذلك في وقت يشهد فيه العراق مبادرات هادفة لتحسين واقع القطاع، كان آخرها إعلان وزارة الثقافة والسياحة والآثار أخيراً، عن وضع خطط ستراتيجية هادفة لتحسين وضع القطاع.  

اذ تم إعداد ستراتيجية واعدة للاهتمام بجميع مجالات السياحة الدينية والآثارية والبيئية، فضلا عن البرنامج الحكومي الذي تضمن السياحة الآثارية، وهناك توجيهات مهمة من رئيس الوزراء للاهتمام بالسياحة، حيث يدعم ذلك الاتجاه وفرة الأماكن الأثرية وعراقة المتاحف العراقية، التي تستقطب السيَّاح من جميع أنحاء العالم، فضلا عن أن هناك تنوعا سياحيا مهما ويحتاج إلى خطط واعدة لتنفيذها.