نهضة علي

تشكل القراءة والاهتمام بالكتب عاملا أساسيا في الحفاظ على الحضارة، وما تضم بين ثناياها من اختراع حدث قديما لمختلف المجالات من العلوم والآداب والقوانين وغيرها، ومكان العامل المذكور المكتبات، والتي تعد نقطة التقاء ما بين الماضي والحاضر بالنسبة لعشاق الكتب والمفكرين والباحثين.
وبالرغم من ظهور العولمة والتكنولوجيا والتي كانت هي الاخرى عاملا اساسيا في الحفاظ على التراث والحضارة وكتبها ومصادرها الكترونيا، وفي كركوك تقع المكتبة المركزية بالقرب من جامع أحمد خانقا، ومقابل نهر الخاصة، والذي تواجهها عند ضفتيه الاخرى الدور التراثية لقلعة كركوك الاثرية.

لائحة التراث
وتسعى ادارة مكتبة كركوك المركزية جاهدة لضمها إلى لائحة التراث العالمي، بالتعاون مع اليونسكو، حفاظا عليها من الهدم والضياع بآليات تتبعها عن طريق مختصين، وبعد استحصال الموافقات، بحسب ما ذكرت مديرتها ناسكة سلام عبدالله، والتي عدتها مؤسسة ثقافية تعمل على تربية جيل واعٍ مثقف منسجم مع المجتمع، مشيرة إلى أن "جهودهم في هذا الصدد تأتي من اجل الحفاظ على بناية المكتبة ذات الطراز الاندلسي، وهي من ضمن معالم ذاكرة كركوك الثقافية والابداعية، واوجدت منذ الثلاثينيات، وكان يرتادها المثقفون انذاك بطرقهم البسيطة والمتقنة، حيث الاهتمام بالمطالعة والرجوع الى المصادر الأولية والحرص في الحفاظ عليها عبر الازمنة المارة".

تأسيس المكتبة
مسؤول الاعلام في المكتبة جيا عبد الستار، أكد لـ(الصباح)، "تأسست مكتبة كركوك المركزية سنة 1932 من قبل  دائرة المعارف آنذاك، وهي مؤسسة ثقافية تثقيفية يحفظ فيها تراث ثقافي انساني تعمل على تربية الاجيال وتثقيفهم، فضلا عن أنها حلقة وصل ما بين الناس والعلم بمختلف مجالاته، كانت تديرها مجموعة من المعلمين او لجنة من المعلمين الكرد في بادئ الامر، وفي سنة 1937 انشأت البناية الحالية للمكتبة والتي تتميز بطابع تراثي يشبه الطراز الاندلسي، ولكونها مؤسسة مهمة تتولى تثقيف الشباب، وكذلك العامل الاساسي في نقل التراث الثقافي الى المجتمع التي توجد فيه، ومع ازدياد وسائل المعرقة أصبح من المهم نقل ثقافة الانسان من جيل الى جيل عبر المكتبات والمصادر، ولها دور رائد في التثقيف ونشر الوعي الثقافي بين افراد المجتمع من خلال ما تضمه من مجلات وكتب ومصادر ومراجع".
وأشار إلى أن "الكتب الموجودة في مكتبة كركوك المركزية من الصعب أن توجد في مكتبات أخرى، ففيها كتب ومصادر عمرها 60-70 عاما، وحتى من زمن العثمانيين، وكان واقع حال لسان الدولة العثمانية جريدة القاموس الاعلام التركي التي صدرت سنة 1895 اي قبل 124 سنة، وكذلك اقدم كتاب ومجلة عثمانية، اضافة الى الجرائد العراقية القديمة في الخمسينيات".

تلف وحرق مصادر
وتعرضت المكتبة المركزية في الخمسينات إلى التلف بسبب الفيضان الذي حدث في نهر الخاصة، كونها قريبة منه، ولحقت بمصادرها اضرار وتعرضت في السنة نفسها الى الحرق مما ادى الى تلف العديد من مصادرها ومراجعها وكتبها، إلا أنهم وعبر مجموعة من المثقفين اعادوا تجميع المصادر والكتب المتبقية واعادة افتتاحها، ويعتمد في مكتبة كركوك قانون ديوي النظام العشري في الارشفة الذي يختلف عن جامعة كركوك، وتستعمل طريقة الكونغرس الأمريكي، ولديهم نشاطات من اجل الحفاظ على التراث بإغناء الباحثين والكتاب بالمصادر التراثية، وتصنيف الكتب ويمتلكون كتبا قيمة وتخدم جميع القوميات والاطياف في المحافظة، وتعد المكتبة ذاتها بعمرانها وطرازها ومصادرها جزءا من تراث المدينة.  
وتضم المكتبة قاعتين للمطالعة، وقاعة للكتب وقاعة للمؤتمرات، وقاعة للأطفال، وقاعة للاحتفالات، ويوجد فيها 116 صنفا من الفهارس بمختلف المجالات العلم الفن الرسم الدواوين والشعر والجغرافية والتاريخ وتاريخ اسيا واوروبا ودول عربية، وموضوعات عن الطفل والمرأة والقانون واللغة العربية ومصادر اللغة الإنكليزية، ويزورها الباحثون والمفكرون وعشاق الكتب والكتاب وطلبة الشهادات العليا الماجستير والدكتوراه.

مواكبة التطور
وتؤكد المديرة ناسكة سلام، انهم "استحدثوا في المكتبة البحث الالكتروني من خلال جهاز الحاسبة شاشة للبحث عن المصدر بالطريقة الحديثة بخلاف طريقة الجرارات، والأحرف بواسطة برنامج في الحاسبة، وخلال لحظات يجد طالب الكتاب مصدره ضمن أروقة المكتبة".  مشيرة إلى أن "ادارة المكتبة تسعى الى مواكبة التطور في العالم في اضافة المصادر والآلية الحديثة التكنولوجية، ولديهم خطة ارشفة الكترونية حديثة، وان ظهور العولمة واجهزة ذكية والتكنولوجيا لم يثنِ القرّاء عن مراجعة وزيارة المكتبات، لأن القراءة في الكتب لها طعم خاص". مشيرة الى ان "هناك دراسة تؤكد أن قراءة نصف ساعة قبل النوم تبعد مرض الزهايمر، فضلا عن أن القراءة في الكتاب تكون اكثر التصاقا بالذاكرة، وبين تقييم المكتبة الندوات والدورات، واطلاع الاعلى منهم اداريا عليها من اجل مكانة المكتبة ومهامها في المجتمع، وضرورة تطويرها ورقمنتها، ويحاولون جاهدين ان تكون المكتبات رقمية حديثة".