النهوض الاقتصادي تصنعه الإرادة الوطنيَّة

اقتصادية 2024/01/08
...

ياسر المتولي

أختلفُ تماماً مع بعض الآراء المحبطة للآمال والتفاؤل تلك التي تصدر عن مسؤول بعينه أو من يدعون أنفسهم محللين اقتصاديين، من أننا نحتاج إلى مدة زمنية طويلة لتصحيح الأخطاء أو التشوّهات الاقتصادية، وأسأل ألا يكفي عشرون عاماً لنتعلم منها؟
مقالي هذا ينصب على مفهوم النهوض الاقتصادي وكيفية تحقيق التنمية وأستند في رؤيتي وبقناعة تامة إلى ما اتفقت عليه رؤى الضالعين في الخبرات الاقتصادية، إذ أجمعوا على أنَّ (النهوض الاقتصادي تصنعه الإرادة الوطنية) لتحقيق التنمية وتحرير الاقتصاد من التبعية كيف؟.
يأتي مقالي هذا استكمالاً لمقالي السابق، إذ أشرت إلى أنَّ الدول اتفقت على انتهاج السياسة الحمائية بديلاً عن العولمة.
ومن هنا فإنَّ النظرية السائدة في الأعراف الاقتصادية القديمة والحديثة تستند لتحقيق الاستقلال الاقتصادي إلى الارتكاز على ثلاثة أركان هي (الغذاء، الدواء والتكنولوجيا والتعليم) والتي هي السلاح الفتاك الذي تحارَب به الشعوب المغلوبة على أمرها من قبل الاستعمار الاقتصادي. والمقصود (بالحمائية) أنَّ كل دولة تعتمد على إمكاناتها وقدراتها في توفير غذائها ودوائها كي لا تخضع للهيمنة والاستغلال الاقتصادي. نقر بأنَّ العراق إلى وقت قريب جداً يعتمد على استيراد أكثر من 95 بالمئة من احتياجاته الغذائية والدوائية.
لكنَّ الملاحظ أنَّ رئيس مجلس الوزراء التفت إلى هذا الجانب ولو بمرور سريع لزحمة متطلبات واحتياجات البلد إلى العديد من الأهداف الأخرى لكن في تقديري يتعين أن يكون التركيز على هذا الجانب كأولوية لتحصين اقتصاد البلد.
نعم المحاولات التي خطتها الحكومة خلال فترتها القصيرة هذه آتت أكلها وبدأنا نتلمس إنشاء مشاريع مهمة على الأرض رغم قلتها وأهميتها ولا تلبي الطموح لكنها خطوات مشجعة.
فهناك العشرات من مشاريع الدواجن والصناعات الغذائية المنافسة بانت جلية في أسواقنا مبشرة بمستقبل واعد، وكذلك الصناعات الدوائية ومشاريع الصناعات الإنشائية وغيرها.
ولكن طموحنا أن نرتقي بإنتاجنا الوطني إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي لتحرير اقتصادنا من التبعية والتحديات التي نواجهها مع كل أزمة اقتصادية أو مالية بسبب تراجع أسعار النفط وغيرها من الأسباب من ضمنها الحروب وانعكاساتها على الأسعار والغلاء الفاحش.
إنَّ تحقيق هدف تحرير الاقتصاد من التبعية يتعين معه توفر الإيمان بأهمية أن يكون اقتصادنا قبل وفوق كل شيء عند ذلك سيكون الاقتصاد متحرراً وهذا يتطلب توفر الإرادة الوطنية الصلبة كما أسلفنا.
الخلاصة أنَّ توجهات البرنامج الحكومي في إيلاء الغذاء والدواء الأهمية تحتاج إلى المساندة الشعبية ودعم المنتج الوطني وتشجيعه وبذلك نحقق وفرة مالية مستدامة لتعزيز موارد الموازنة وتوفير العملة الصعبة والأهم توفير فرص عمل للعاطلين في مثل هذه المشاريع المهمة والرابحة.
وأراقب عن كثب ما أعلنته الحكومة من أنها أقرت قانوناً للإصلاح الاقتصادي بانتظار مضامينه وهنا نحتاج إلى وحدة الموقف بعيداً عن كل الخلافات السياسية وفسح المجال أمام الفريق الحكومي لإبراز قدراته وإبداعاته في تنفيذ البرنامج الحكومي بما يمكننا من الوصول إلى هدف الاقتصاد المعافى.
وبخصوص موضوع التكنولوجيا والتعليم نحتاج إلى الاعتماد على النفس في خلق التكنولوجيا ومحاكاة التطور العالمي ودعم وتشجيع المواهب الشبابية الخلاقة وابتكاراتهم وإعادة النظر بالمناهج التعليمية بما يواكب التطور العالمي.
هناك من يرى أنَّ هذه أحلام وردية أو أضغاث أحلام في التحقيق ولكن نعول على الأمل والتفاؤل بجهود الخيرين من أبناء هذا البلد الذي حاشاه أن يخلو منهم وللحديث بقية في مقالات مقبلة.