متى تنتهي محنة الدروس الخصوصيَّة؟

منصة 2024/01/09
...

 بغداد: نوارة محمد


يتفق الجميع على أن التعليم في العراق تشوبه فراغات عدة، لأسبابٍ تتعلق بضعف المستوى التعليمي وتهالك البنى التحتية ونقص المناهج الدراسية. 

واقترابًا من التشاؤم فإنَّ هناك من يرى أن البلاد تفتقر تمامًا لأساليب التدريس الحديث، ومن ثمَّ أدى ذلك إلى استشراء ظاهرة التعليم الخارجي والمعاهد الخصوصيَّة وتزايد أعداد المدارس الأهليَّة.

ألاء نعيم ترجع سبب تردي الوضع العام في المؤسسات التعليميَّة إلى الخلل الجسيم الذي لا تزال تعاني منه أغلب المؤسسات الحكوميَّة في الإدارة والتنظيم والخدمة وأسس الثقافة، وتقول لـ "الصباح"، إنّ "شيوع هذين المفهومين بعد عام 2003 بشكل كبير له وقعه على المشهد التربوي في البلاد، وغياب الاهتمام المؤسساتي أمر جعل الكثيرين يفضلون اللجوء إلى المؤسسات الأهليَّة التي تعد مشروعًا ربحيًّا، ومن ثمّ فإن الكثير من الحقوق والقوانين تضرب عرض الحائط، ويقع الطفل والطلاب ضحية ذلك".

من جهتها تدعو ابتسام سعد، وهي أستاذة جامعيَّة إلى تطوير المؤسسات التعليميَّة باستخدام الألواح الالكترونية وشاشات "الايباد" كما يحدث في المؤسسات الرصينة، وتؤكد أن "الكُلفة نسبيَّة إذا ما قورنت بطباعة الكُتب وألواح الطباشير التي أكل الدهر عليها 

وشرب". 

وتُضيف: في الجامعات والمدارس الأهليَّة لم يعد هناك مجال لإهمال أبسط الحقوق الطلابيَّة، المقاعد 

والألواح الالكترونيّة، وحتى الكتب والمرافق العامة، والبنية التحتيّة تجعل الدراسة مُحببة لدى الطلاب على عكس ما يحدث في المدارس العامة والحكوميّة، لا سيما في المناطق النائية والأطراف التي لا تستوعب عدد طلابها الذين قد تصل أعدادهم 60 طالباً في الصف الواحد.

وتشكو أم أيمن التي لديها ابن في السادس الابتدائي وبنت في المتوسطة وابنها البكر في الإعدادي، من تعب وقلق وخوف دائمين يبدأ مع السنة الدراسيَّة ولا ينتهي في العطلة الصيفيَّة. 

إذ غالبًا ما تحاول توفير فواتير الدروس الخصوصيَّة بمشقة، كما توضح: كل مادة يتلقاها ابني في السادس الإعدادي في التعليم الخصوصي تصل رسومها إلى نحو مليون دينار عراقي، وعدا هذا فأنا أحاول ألا أتردد في دفع "دم قلبي" لتحقيق أحلامهم التي أصبحت معجزات في ظل مواجهة الوضع السياسي والاقتصادي المتصدّع.  

إلى ذلك، يعاني أحمد حميد وهو طالب في الإعدادية من ضعف الأداء التربوي للمدرسين في مدرسته الحكوميّة، ويكشف قائلا: في المدرسة يختلف أداء الأستاذ التدريسي عمّا نشهده في المعهد الخصوصي، الأمر الذي يجعل كثيرين يلجؤون إلى الدورات الخصوصيّة أو التعلم عبر مواقع التواصل الاجتماعي المجانيّة، وهذا قد يضعنا أمام صعوبة أيضا، لأنّنا لسنا قادرين على الحصول على إجابات لاستفساراتنا بسبب كثرة أعداد المشاهدين.  

في هذا السياق يُبين المتحدث باسم وزارة التربية، كريم السيد، أن القضاء على ظاهرة التدريس الخصوصي مهمة صعبة بحاجة إلى جهود كبيرة وخطوات فعليَّة سواء على مستوى التنفيذي من جهاز الإشراف أو البدء بتطبيق عقوبات تنفذها الجهات المعنية.

لكن السيّد يبرّر تفاقم الظاهرة. بقوله، إن "اللجان التحقيقيَّة التي شكلت رغم كثرتها ربما لم تكن رادعًا لهذه 

الظاهرة".

ويتابع "لدى الوزارة قرارات مهمة للغاية بالأشهر الثلاثة المقبلة، تخص منح الإجازات للمدارس والمعاهد الأهلية، وتشكيل لجان للمراجعة من أجل تقويمها وتقويتها، لتكون بديلا وساندا للتعليم الحكومي، فضلا عن توفير خيار آخر للتدريس الخصوصي يكون بإشراف وزارة التربية وضمن سقف التعليمات والأنظمة".

في هذا السياق يعزو نقيب المعلمين عباس السوداني، أسباب انتشار التعليم الخصوصي إلى ضعف الدخل الشهري للمعلم، الأمر الذي يدفعه لممارسة مهنة التعليم في أماكن أخرى، ويوضح "يعد الدخل الشهري المحدود سبب يدعو الكثير من المعلمين لتبرير ممارسة التعليم الخصوصي مبيّنا أن "نقابة المعلمين تقف بوجه من يروج لهذه الممارسات 

الخاطئة". 

ويذكر السوداني أن "على وزارة التربية فتح معاهد تحت إشرافها، تستقطب الطاقات التدريسيّة من الذين أحيلوا للتقاعد وعلى الحكومة تطبيق القانون الخاص بمنحة الطلبة المالية، والتي ستسهم بشكل كبير في تخفيف معاناة الطلبة وذويهم".