بغداد: رشا عباس
تصوير: نهاد العزاوي
لخص شارع الرشيد تاريخ وذكريات اغلب العراقيين، ليكون بذلك أيقونة حضارية يعتز بها ومحط انظار السواح في الماضي القريب وكان زاخرا ومتوافقا بمعطيات الحداثة والتجديد فقد عرف بمحاله التجارية الانيقة والمكتبات والمقاهي الثقافية ودور السينما وغيرها من مظاهر الازدهار والتطور، اليوم يشكو أغلب معالمه التراثية والمدنية من الإهمال وتحويل أغلبها إلى محال فوضوية، بدأت تشوه تاريخه العريق. صفحة {الباب المفتوح} استطلعت بعض الآراء بشأن إعادة الحياة ورونقها إلى هذا الشارع العتيد، الذي لحق به الخراب والدمار منذ بداية التسعينيات ولغاية يومنا هذا.
المهندسة المعمارية زينة احمد تحسّرت على الأيام التي كانت تسير وسط مكتبة كبيرة من المعرفة، فكل خطوة كانت بمثابة معلومة تتعرف عليها قائلة:” اتذكر بداية دخولي إلى هذا الشارع برفقة والدي، وهو متيمٌ وعاشقٌ لمعالمه وحكاياته، الذي بدأ يقصّها إلى مسامعي، ويتذكّر كيف كان يتجول برفقة والدتي، من اجل التبضع والتعرف على زملاء ورواد تلك المناطق المحيطة بهذا الشارع، الذي عشقه الساسة وتردد اليه المثقفون، لينسجوا اهم انجازاتهم وحكاياتهم التي تشبه ألف ليلة وليلة”.
واضافت احمد: حسب رواية تميّز الشارع في بداياته بمشهد عربات الخيل والسيارات القديمة، اذ كتب عنه المؤرخ العراقي علي الوردي الكثير من الدراسات حتى صار ألقًا بغداديًّا، وأبدت أسفها عن الأضرار، التي لحقت بالشارع بمرور السنوات تحولت الكثير من المقاهي الثقافية ودور السينما، إلى محال لبيع البضائع والسلع والبسطات، بفوضى عارمة، ليفقد شارع الرشيد ملامحه المدنية.
دراسةٌ ميدانيَّة
اما الكاتب فوزي عبد الرحيم أشار إلى أنه لا يمكن تصور إصدار قرار بإعمار شارع الرشيد، قبل معرفة عقلية صاحب القرار وتفكيره وهدفه، فشارع الرشيد له رمزية بغدادية وعراقية قد لا تهمُّ كل الناس، فهو جزء من تاريخ العراق السياسي والاقتصادي والثقافي، والتفكير بإعماره يجب أن يأخذ ذاك بنظر الاعتبار، إضافة إلى الحاجة العملية لأنه يقع في مركز بغداد القديمة، وبقاء حالته الراهنة يعيق انسيابية الحركة لجزء مهم من بغداد، ويسهم في زيادة الازدحام والاختناقات، وأضاف عبد الرحيم أن أول خطوة عملية قبل الشروع بتنفيذ الإعمار، تكون بدراسة ميدانية من قبل جهة ملمّة بتاريخ الشارع وأهميته، لتحديد الأماكن والمباني، التي يجب المحافظة عليها أو إعادة ترميمها بما يناسب هوية الشارع .
خطواتٌ منتظرة
في ضوء التصورات التي طرحها البعض صار لزاما على المسؤولين الاهتمام بهذا الشارع العريق، الذي يعد قلب بغداد النابض في رؤية واقعية، يكون الاصلاح بنيويًّا وليس ترقيعيًّا، لا شك أن السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وهو يقود حملةً كبيرةً في الإعمار وفك الاختناقات المرورية، من خلال تشيد المجسّرات، ولعلّه يمتلك تلك الرؤية الواقعية لإعادة الحياة إلى شارع الرشيد، وازالة الغبار الذي لحق به جراء الإهمال والفوضى، إذ عدَّ الباحث في التراث البغدادي عادل العرداوي مبادرة غرفة تجارة بغداد في الأسواق الواقعة على جانبي شارع الرشيد البغدادي خطوةً إيجابيّةً منتظرةً، وجاءت بالتوقيت الصحيح، عبر افتتاح مهرجان التسوق، خصوصا في أوقات المساء يومياً، وكما كان قبل اكثر من ثلاثين عاماً مضت، وهذا من شأنه أن يشجّع الناس إلى التواجد اليومي في هذا الشريان الرئيس الواقع في قلب العاصمة، الذي تأثر كثيراً بالأحداث والانعكاسات الأمنية الشديدة، التي عاشها بلدنا منذ أحداث 2003 ، لا سيما اذا استفدنا من تجربة أمانة بغداد والجهات الأمنية والحكومية الأخرى، التي تكاتفت جهودها في إعادة الحياة الليلية لشارع المتنبي، وسوق السراي، وبناية القشلة، ومقهى الشابندر الذي شهد إقبالاً منقطع النظير من قبل المواطنين.