توعية وتثقيف الشباب المقبلين على الزواج

ريبورتاج 2024/01/11
...

 بدور العامري

الزواج هو سنة كونيَّة ويعد الارتباط من أكثر القرارات تأثيرا على حياة الافراد، باعتباره أساسا لتكوين اللبنة الأولى للمجتمع، وهي الاسرة، فإن صلح صلحت، وإن شابه الخلل تسبب بمشكلات وظواهر اجتماعية لا حصر لها، أولها التفكك الاسري وليس آخرها الطلاق.

الوعي الديني والأخلاقي

 أكدت الشرائع السماوية بصورة عامة والدين الإسلامي خاصة  أهمية الزواج، كونه الأساس في بناء الاسرة، التي تشكل نواة المجتمع، وبحسب رجل الدين الشيخ محمد حسين "أن الشريعة الإسلامية رغبت بالزواج ورسمت كل التدابير التي تضمن نجاحه واستمراره، كما في قوله تعالى "ومن آياته إن خلق لكم من أنفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"، ويبين حسين "ان التوعية الدينية والأخلاقية للزواج من الأمور الواجب مراعاتها قبل اتخاذ قرار الزواج، اذ عن طريقها يتعرف الشباب على أهداف الزواج في الإسلام واهميته واسس اختيار الشريك، وأحكام الخطبة وآداب التواصل قبل الزفاف، إضافة إلى معرفة اركان عقد الزواج وشروطه وحقوق كلا الزوجين وواجباتهم الشرعية المتمثلة بـ(الطاعة، المهر، النفقة الزوجية، المسكن والحضانة ونفقة الأولاد.. وغيرها)، ثم بيان ما قدمته الشريعة الإسلامية من وسائل وآليات في حال استنفادها، سيتم اللجوء الى الطلاق كحل شرعي أخير، حين تصبح لا تجدي جميع وسائل الإصلاح والتوفيق بين الزوجين المنصوص عليها في كتاب الله وسنة رسوله ومأثر آل بيته واصحابه عليهم السلام أجمعين، كذلك أهمية معرفة أحكام وآثار الطلاق مثل الشروط والتبعات". 

وأوضح حسين، أن "الالمام بالجانب القانوني الذي يختص بمسألة الزواج لا يقل أهمية عن الجوانب الأخرى، اذ عن طريقه سيتعرف المقبل على الزواج على شروط عقد الزواج وآلية تسجيله وتوثيقه والحقوق القضائية، كذلك معرفة اثر العدول عن الخطبة وصيغ وقوع الطلاق وتوثيقه وأسباب التفريق القضائي واثاره على الطرفين".


القلق الأسري

الوعي الثقافي لذوي الشباب والشابات يسهم بدرجة كبيرة في عملية حسن اختيار شريك الحياة، وعملية نجاح أو فشل الزواج، بحسب الباحث الاجتماعي ولي الخفاجي، أن هناك أمورا أخرى غير السبب الاقتصادي والفقر الذي يسبب مشكلات اجتماعية كبيرة، تدفع الأهل للاستعجال بتزويج أبنائهم خاصة البنات، وهو القلق الأسري، المتمثل بالخوف من وقوع الأبناء في الخطأ، نتيجة لزيادة المغريات وانفتاح المجتمعات على بعضها، مثل وجود وسائل التواصل الاجتماعي والاستخدام السيئ لها من قبل الشباب والمراهقين، الامر الذي زاد من مخاوف الأهل، خاصة ممن لا يمتلكون مستوى جيدا من الوعي والثقافة، حيث يلجئون الى تزويج أبنائهم بسرعة دون دراسة الموضوع واتخاذ القرار الصحيح بتأنٍ وروية، كذلك الحال بالنسبة للذكور، اذ كثيرا ما يعمد الأهل إلى الإسراع بتزويج الشاب، الذي يتسبب لهم بإحراجات اجتماعية، مثل كثرة العلاقات العاطفية على أمل أن يستقر، الامر الذي يتسبب بمشكلة أكبر في حال عدم توافق الزوجين وظهور المشكلات بينهم، وصولا الى حدوث الطلاق.

وكان العراق قد سجل أكثر من 68 ألف حالة طلاق خلال 11 شهرا من العام 2023 بحسب بيانات مجلس القضاء الأعلى، اذ توزعت أسباب الطلاق ما بين الزواج المبكر والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الزوجان.


دعم وبرامج

توفير الدعم بمختلف اشكاله (المادي والمعنوي) للشباب المقبلين على الزواج، يسهم بشكل كبير في تعزيز الحياة الزوجية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، اذ تقول الباحثة والناشطة في مجال حقوق المرأة والاسرة، بتول الاعرجي "هناك عدد من الأمور التي من المفترض أن توفرها الدولة للشباب، بهدف تحسين فرصهم للتحضير للزواج وإيجاد حياة زوجية مستقرة وتجاوز التحديات المالية الاقتصادية والاجتماعية التي قد يتعرض لها". ونبهت الأعرجي إلى "ضرورة تبني الدولة لبرامج التوعية والتثقيف للشباب المقبلين على الزواج والمتمثلة بتنظيم حملات توعوية بصورة دورية، وإقامة دورات تثقيفية وتأهيلية تناقش المهارات الحياتية والاجتماعية والمالية بهذا الخصوص، كذلك ايجاد مشاريع وبرامج ذات دعم مالي للشباب لتسهيل تكاليف الزواج، مثل توفير قروض ميسرة ودعم الشباب في مجال الإسكان وتسهيل حصولهم على سكن لتسهيل حياتهم الزوجية، اضافة الى أهمية توفير خدمات الرعاية الصحية والدعم النفسي للمتزوجين الجدد، وإيجاد مراكز استشارية متخصصة بتقديم النصح والمعلومة بشأن الحياة الزوجية والاسرية، فضلا عن وجود برامج لتشجيع الحوار والتواصل الاسري والحوار بين الأجيال، للاستفادة من الخبرة والتجارب للأشخاص الأكبر سنا".