الشعر الشعبيّ.. رسالة جماليةّ

ثقافة شعبية 2024/01/11
...

 منذر زكي 


لم يزل الشعر الشعبي يحفظ ثقافات الشعوب ويوثّق عاداتهم وموروثاتهم بنصوص لم تغب عن الذاكرة ويرددها الكثير من المعنيين بالشعر الشعبي، فنجد أن الشاعر تظهر موهبته وتضيء لحادثة معينة وتجنح به نحو دوامة عاطفية أو فكرية، يبقى مخاضها العسير حتى يستطيع الشاعر من صبها ضمن قصيدة تنبض إحساسا وتعجّ بأبهى الصور الشعرية، التي تحمل بصمة 

الشاعر.

 أسوق تلك المقدمة لأعرّج على بعض الأصوات الشعرية الشابة، التي ما أن تستمع لقصائدها تجد ثمة تشابها واضحا منذ الشروع بقراءة القصيدة، وهذا التشابه في بنية القصيدة وحتى في الإلقاء يحيلك إلى قناعة راسخة أن بعض الشعراء يتشابهون، سواء عند الشروع في بنية القصيدة أو الإصغاء إلى 

المنصة.

لو رجعنا إلى الحقبة السبعينية وما تلاها، سنجد نتاجا ابداعيًّا ثرًّا ولكل بصمته في التجديد والحداثة، بل تتنافس تلك القامات الشعرية في ما بينها إلى نحت مشاعر جياشة بلغة رشيقة وسلسلة تحمل دلالات شعبية لا يمكن أن يغفلها 

المتلقون. 

ومن الطبيعي أن تشعّ في تلك الحقبة نجومٌ أنارت الحركة الشعرية والثقافية بشكل عام واستقطبت كبار المثقفين والنقاد إلى الخوض في استكشاف تلك القصائد كتابة ونقدا، وإن تجاربهم لم تأت من الفراغ، وانما التفرد بالحبكة الشعرية والدراية التامة بالصور النابضة بالجمال، حيث صاغوا من الحروف قلائد من زمرد. 

 وهنا نستذكر الشاعر جبار الغزي وتجربته الفذة التي ألقت بظلالها على الشعر الشعبي وأصبحت أنموذجاً حداثوياً يتهافت عليه المطربون، إذ حلق خارج السرب فتميزت نصوصه بالحزن العذب، كما في نصه الغنائي الثائر:

يكولون غني بفرح وآنه الهموم أغناي 

بهيمه أزرعوني ومشوا عزوا عليه الماي 

وختاما يجب أن يكون الشاعر صاحب رسالة إنسانية عالية، وعليه أن يقدم شعراً يسهم في إعلاء تجربته الأدبية، وما أجمل أن تكون أرثاً شعرياً لجيل ثم آخر يفيض ماؤه على كفوف محبيه، فيروي ظمأ السنين من البحث المتواصل في التجديد 

والحداثة.