{الفائدة التناقصيَّة}.. توجّه حكومي لزيادة معدلات التنمية

اقتصادية 2024/01/11
...

  بغداد: حيدر فليح الربيعي


رحَّب مختصون في الشأن الاقتصادي بالتوجّه الحكومي الذي سيُلزم المصارف بوضع نسب فائدة تناقصيَّة على القروض، مؤكدين أنَّ ذلك الأمر يمكن أن يحقق جملة عوامل اقتصادية مهمة، بضمنها زيادة معدلات التنمية، ورفع القدرة الشرائية للمستفيدين من تلك القروض، لاسيما الموظفون والمتقاعدون والمشمولون بقانون الحماية الاجتماعية.

وبحسب المختصين، فقد أرهقت الفوائد المرتفعة للقروض التي تفرضها المصارف وفقاً لأسلوب الفائدة المتزايدة، كاهل المستفيدين من تلك القروض، لاسيما محدودو الدخل، الذين يضطرون إلى دفع نصف قيمة القرض أحياناً على شكل فوائد، وهو ما أدى إلى الحد من قدراتهم الشرائية، وبالتالي ساهم هذا الأسلوب المصرفي بشكل كبير في زيادة معدلات الفقر وفقاً للمختصين، الذين طالبوا أيضاً بضرورة تدخل المركزي بشكل حازم في تحديد نسب الفائدة المفروضة على القروض.

وجاءت المواقف الاقتصادية المرحبة، عقب القرار الحكومي القاضي في الحد من "استنزاف" القدرات المالية للمستفيدين من القروض، إذ أوعز رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بإعادة النظر في احتساب الفوائد المدفوعة على القروض الممنوحة للمواطنين.

ووجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وزارة المالية والبنك المركزي والمصارف الحكومية والأهلية بإعادة النظر في احتساب الفوائد المدفوعة على القروض الممنوحة للمواطنين باستعمال أسلوب الفائدة البسيطة التناقصية بدلاً من الأسلوب التراكمي الذي يحمل المقترض أعباء تثقل كاهلهم.

ويمكن أن يعزز ذلك القرار، وفقاً للخبير الاقتصادي، الدكتور علي دعدوش، خلال حديثه لـ"الصباح" الملاءة المالية لثلاث من أهم شرائح المجتمع، وهي شريحة الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بقانون الحماية الاجتماعية، مؤكداً أنَّ ذلك التوجه كفيل بتحقيق حزمة إنجازات اقتصادية مهمة، يقف في مقدمتها إعطاء ميزة كبيرة لأصحاب الدخل الثابت، حيث سيؤدي القرار حال تفعيله إلى خفض الفائدة المدفوعة لتصبح أقل تدريجياً إلى أن يتم سداد القرض كاملاً.

وأعطى الخبير دعدوش مثالاً بشأن كيفية تطبيق الفائدة المتناقصة في حال تم تنفيذه بشكل فعلي من قبل المصارف، إذ أشار إلى أنه وعلى سبيل المثال وفي حال كان مبلغ القرض 10 ملايين دينار وبفائدة 10 ‎%‎ وسنوات التسديد 5 سنوات، فيتم اقتطاع 200 ألف دينار شهرياً، لكن في السنة المقبلة ستسدد الفائدة على مبلغ 8 ملايين وهكذا، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أنَّ هذا التوجه يتسق مع البرنامج الحكومي بصورة أو بأخرى حيث يعنى بخدمة شريحة كبيرة من الموظفين والمتقاعدين الذين أُثقل كاهلهم بالفائدة التراكمية.

وعلى الرغم من الإيجابيات التي سردها الخبير دعودش، فإنَّ الباحث وعضو جمعية الاقتصاديين العراقيين، مقدام الشيباني، يرى أنَّ للقرار مزايا أخرى تتعلق بزيادة معدلات التنمية المستدامة في العراق.

وقال الشيباني لـ"الصباح" إنَّ "توجه الحكومة بإعادة النظر في احتساب فوائد القروض الممنوحة للمواطنين واستعمال أسلوب الفائدة البسيطة التناقصية سيحقق زيادة ملحوظة وسريعة في عملية التنمية، وهو ما سينعكس إيجاباً على الواقع الاقتصادي للبلاد من خلال تشغيل اليد العاملة وإنعاش الأسواق وتشغيل العديد من وسائل النقل التي ستسهم في إسناد عمليات البناء والتجارة وغيرها من المجالات التنموية الأخرى.

كما يرى الباحث الشيباني ضرورة أن تشمل بقية القروض بالقرار الحكومي، حيث يمكن أن تلعب القروض التناقصية الصناعية والزراعية دوراً حيوياً في تعجيل وزيادة معدلات التنمية الاقتصادية، وأنَّ تمويل المشاريع بمختلف استخداماتها كفيل في القضاء على البطالة وتحسين مستوى دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لتحقيق الرفاهية للمواطنين.

وكان مختصون قد رحبوا في وقت سابق خلال أحاديثهم لـ"الصباح" بتوجهات السلطة النقدية في البلاد، والهادفة إلى زيادة معدلات التنمية المستدامة، مؤكدين أنَّ إطلاق البنك المركزي للستراتيجية الوطنية للإقراض، يمكن أن يحقق حزمة من الخطوات الاقتصادية المهمة، التي يقف في مقدمتها القضاء على البطالة والفقر وتحريك عجلة عمل القطاع الخاص.

وشكلت المبادرة التي أعلن عنها في وقت سابق محافظ البنك المركزي، علي العلاق، وفقاً لآراء المختصين، نقطة شروع صوب تغذية الاستقرار الاقتصادي والمساهمة في النمو والازدهار وخلق فرص عمل، لاسيما أنَّ تلك الستراتيجية موجهة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي بمقدورها امتصاص الآلاف من الأيدي العاملة.

وأعلن العلاق عن توجه لبناء ستراتيجية وطنية للإقراض تدخل حيز التنفيذ مطلع العام الحالي 2024، مؤكداً أنَّ مصرف ريادة سيكون قاعدة لانطلاق المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتمويلها، وأنَّ إجمالي مبادراته وصلت لأكثر من 12 مليار دولار.