مجالس المحافظات المقبلة والتغيير المنشود

ريبورتاج 2024/01/15
...

 أحمد الفرطوسي

تعد مجالس المحافظات من الاستحقاقات التي نص عليها الدستور العراقي، ويتمثل عملها في مراقبة الحكومات المحلية في تقديم الخدمات للمواطن وإدارة المشاريع وسن التشريعات والقوانين المحلية، وتنصيب وعزل المحافظ ومديري دوائر المؤسسات الأخرى في المحافظة، وعليها يتوقف نجاح المحافظة في تقديم الخدمات للمواطنين عن طريق قيام هذه المجالس بواجباتها المنوطة بها، والمتمثلة بإقرار التشريعات الاقتصادية والخدمية والأمنية، التي تجعل حياة المواطن آمنة ومستقرة ومريحة، وللأهمية التي تتمتع بها هذه المجالس كونها تلامس حياة المواطن بصورة مباشرة، كانت لـ(الصباح) هذه الجولة الميدانية.

كانت البداية في مدينة الرميثة مع المحامي ياسر الياسري الذي قال: إن "مجالس المحافظات هي استحقاق دستوري ثابت ولا يمكن القفز عليها إلا بتعديل دستوري، وإلغاء هذه المادة أمر صعب جداً في ظل الوضع السياسي السائد، لأن التعديل الدستوري يحتاج إلى توافق بين زعماء الكتل السياسية داخل البرلمان العراقي، وكما يعلم الجميع أن كتابة الدستور العراقي تمت على أساس التوافق السياسي بين مكونات المجتمع العراقي".

وبين "يجب على الاحزاب والكتل السياسية الفائزة أن تصحح أداءها السياسي الحالي، من خلال دراسة تجربة مجالس المحافظات السابقة، وتغير نظرة المواطن اليها من خلال تحسين أدائها السياسي، لأن المواطن العراقي عموماً ينظر الى مجالس المحافظات بأنها حلقة زائدة، لم تقدم أي شيء إلى المجتمعات المحلية في جميع المحافظات العراقية تقريباً".

كاشفاً "وعلى هذا الاساس فإن المسؤولية كبيرة اتجاه مجالس المحافظات الجديدة، وأول هذه المسؤولية هو إعادة ثقة المواطن العراقي إلى هذه المجالس، من خلال التنافس على تقديم الخدمات للمجتمع، والابتعاد عن الصراعات السياسية، التي هي في الأغلب لا تصب في مصلحة الموطن المحلي، ويجب الخروج الى ميادين الحياة في دوائر الدولة أو الأسواق العامة، ومعرفة كيف يعيش المواطن وماهي المعوقات وصعوبات الحياة لتكون قوانينهم وقرارتهم التي يصدرونها بحسب صلاحياتهم، تسهَل حياة المواطن لا تعقدها".

بينما قالت طالبة الدكتوراه في علم الجغرافية السياسية زينب علي: "على القوى السياسية الفائزة في مجلس محافظة المثنى أن تعمل على خدمة المواطن، من خلال الابتعاد عن المحاصصة السياسية، وأن تكون عونا وسندا للحكومة المحلية، ويجب أن تحاسب الحكومة المحلية إذا أخفقت في إدارة مشروع معين، وتدعمها إذا تميزت في خدمة المواطن في أي جانب من جوانب الحياة، وأن تراقب باستمرار عمل جميع دوائر ومؤسسات الحكومة المحلية، التي تقع من الناحية الدستورية تحت إدارتها".

وتنوه "اذا بقي الحال كما كان في السابق أقصد أي قبل الاحتجاجات الشعبية التي شهدها العراق قبل خمس سنوات تقريباً، والتي كانت السبب في إنهاء عمل مجالس المحافظات أنذلك بسبب المحاصصة السياسية في أدارة المشهد السياسي المحلي، فمن الصعب حدوث تغير يمس حياة المواطن نحو الافضل".

ولفتت، إلى "على القوى السياسية في مجالس المحافظات أن تأخذ العبرة والدرس من الاحتجاجات الشعبية السابقة، وأن تضع في حساباتها خدمة المواطن السماوي أولاً واخيراً، لأن السماوة مدينة تحتاج الى مشاريع صناعية كبيرة لاستيعاب الأيدي العاملة والشباب الخريج في أغلب الاختصاصات الذي يبحث عن فرص عمل مناسبة، والحكومة المركزية ليست لها القدرة على تعين كل أفراد المجتمع وإنما واجب عليها فتح مشاريع وتوفير فرص عمل لجميع أبناء المجتمع، وعلى هذا الاساس يجب أن يكون عمل مجالس المحافظات مكملا لعمل الحكومة المركزية، في فتح مشاريع صناعية وزراعية واستثمارية للشباب السماوي، لأن السماوة على حد علمي فيها أكثر من ثلاث جامعات، وهذه الجامعات تخرج آلاف الشباب من الذكور والإناث في مختلف الاختصاصات البشرية وهؤلاء يجب أن  يمارسوا حياتهم في المجتمع ويجدوا  فرص عمل في المشاريع المختلفة، التي من المفترض على الدولة بجميع مؤسساتها توفيرها  لهم".

بينما قال طالب المرحلة الخامسة في كلية طب البشري، علي خضير "يجب على مجالس المحافظات القادمة أن تفكر بخدمة المواطن أولاً وأخيراً، وأن تبتعد عن البحث عن الامتيازات المالية، التي كانت تتمتع بها مجالس المحافظات قبل حركة الاحتجاجات الشعبية التي حصلت في العام 2019".

كاشفاً "هل يعلم المواطن العراقي أن مجالس المحافظات السابقة في جميع المحافظات العراقية، كانت تكلف الدولة العراقية ما يقارب 137 مليون دولار سنوياً رواتب ونفقات حمايات ونفقات أخرى، ماذا لو تمَّ تحويل هذه الأموال إلى قطاع التعليم أو الصحة أو الخدمات البلدية في أي محافظة؟ ستحقق هذا الأموال فوائد كبيرة في حياة المواطن من خلال إقامة مشاريع وتشغيل الأيدي العاملة".

موكداً أن "مدينة السماوة من المدن التي تحتاج الى مجلس محافظة، يساند الحكومة المحلية في تنفيذ خطط التنمية في جميع مفاصل الحياة، ولا يجب أن يحدث تقاطع أو صراع إرادات ينعكس على تقديم الخدمات إلى المواطن السماوي، فالسماوة مدينة غنية بمواردها الطبيعية وفي الوقت نفسه أغلب سكانها تحت خط الفقر.