نوعٌ غازٍ من النمل غيّر النظام الغذائي للأسود

علوم وتكنلوجيا 2024/01/28
...

 باريس: أ ف ب

أثبتت مجموعة من الباحثين كيف أدى غزو نوعٍ غازٍ من النملاوات الأحاديَّة الخصر إلى تعطيل النظام البيئي الهش لسهول السافانا والعادات الغذائيَّة للأسود في كينيا.
ولاحظ الأستاذ في جامعة فلوريدا تود بالمر، أحد معدّي الدراسة أن «العالم تحكمه أشياء صغيرة جداً يمكن أن تُحدث آثاراً مدمرة لا نتوقعها». قبل 15 سنة، كانت سهول لايكيبيا الشاسعة في كينيا مغطاة بالأكاسيا، وهو نوع من الأشجار أوجد في محيطه توازناً متناغماً بين مختلف الأنواع. وبنى نوع محلي من النمل عشه على هذه الشجرة، ليصبح المدافع عنها. وعلى الرغم من أشواكها، كانت الحيوانات العاشبة المحليَّة وتحديداً الفيلة تتغذى على الأكاسيا.
لكنّ هذه الحيوانات أحجمت عن أكل الأكاسيا بسبب لسعات كانت تتلقاها من مستعمرات هذه الحشرات. وانتهت العلاقة التي كانت بين النملة والشجرة بفعل بروز نملة ذات رأس كبير عززته الأنشطة البشريَّة. وسرعان ما طرد النوع الجديد من النمل ذلك القديم من أشجار الأكاسيا التي بات عرضة للفيلة مرة جديدة. في البداية، لم يلاحظ أحد هذا النمل «لأنه ليس عدوانياً تجاه المخلوقات الكبيرة بينهم البشر»، بحسب بالمر. وأضاف «لكننا بتنا نرى راهناً أنها تغيّر المناظر الطبيعيَّة بطرق خفيَّة جداً لكن مع آثار مدمرة». وبيّنت دراسات سابقة أن وصول النوع الغازي جعل الفيلة تلحق أضراراً بالأكاسيا أكثر بخمسة إلى سبع مرات مما كانت تتسبب به، مما أدى إلى تقلّص الغطاء
الحرجي.
وكان هذا الغطاء عنصراً أساسياً في الاستراتيجيَّة التي كانت تعتمدها الأسود في الصيد، إذ بفضل أوراق هذه الأشجار، كانت توجد عنصر مفاجأة، وهو أمر ضروري للإمساك بفرائسها المفضلة المتمثلة بالحمير الوحشيَّة. وأجريت الدراسة مدى ثلاث سنوات في محميَّة «آل بيجيتا» في كينيا، من خلال مقارنة المناطق التي غزاها النمل الكبير الرأس والمناطق التي لم تواجه ذلك. وتوصّلت إلى أنّ وصول النمل الكبير الرأس تسبب بخفض الهجمات المميتة للأسود على الحمير الوحشيَّة بمقدار ثلاث مرات. بالإضافة إلى تقليص عدد الأسود بسبب نقص في غذائها، تكيفت هذه الحيوانات مع الوضع من خلال اعتماد فرائس جديدة هي الجواميس. لكنّ الجاموس يتطلب جهدا اضافيا من الأسود لأن الإمساك به مسألة صعبة. وقال دوغلاس كامارو، وهو مشارك آخر في إعداد الدراسة، لوكالة فرانس برس، إن أعداد الأسود بقيت «مستقرة، رغم كل التأثيرات المتتاليَّة التي حدثت».
لكن «السؤال يتمثل في النتيجة التي ستُسجَّل مستقبلاً» في حال حصل أي تطوّر جديد، إذ ان عدد الأسود في المنطقة انخفض كثيراً ووصل إلى مئة بعدما كان نحو ألفين، كما أن التغيير في النظام الغذائي للأسود يمكن أن يحدث سلسلة غير متوقعة من العواقب.