غياب التخطيط العمراني في بغداد

منصة 2024/01/29
...

 بغداد : نوارة محمد


ثمة أنظمة ومفاهيم خاصة لأساسيات التخطيط العمراني في المدُن، لكن الأمر لا يبدو بهذه الصورة في العاصمة بغداد. فقد أدى غياب الثقافة العمرانيّة إلى ضياع الهوية الحضاريّة والتاريخيّة اللتين تُميزان المدينة، وأسباب مثل قلة الاهتمام، أو انعدامه إلى الافتقار للأنساق الهندسيّة المتناغمة. تقول سارة الصرّاف لقد "غاب طابع المدينة العتيق الشكل الذي يميزها، وغاب معه نسق المخطط المعماري الواضح المتناغم، لقد تضاءل شيئا فشيئاً أمام الهجمة الحداثية في بناء البيوت والمباني، وصُرنا نفتقد لأمكنة التي تحمل مسحة الطراز القديم".

وتعود الصرّاف المهندسة المعماريّة، وهي تضيف: "في مواجهةٍ لفكرة الهدم والتجديد واستبدالها بمبانٍ منزوعة الطراز والتخطيط تتضاءل قيمة الجمال والحضارة والرقي على كثيرٍ مما تبقى من مبانٍ ذات طراز تاريخي، فضلاً عن انتشار البناء على الأراضي الزراعيّة من دون ترخيص، والاعتداء على الأرصفة العامة سواء من البيوت أو من أصحاب المحال التجارية رغم العقوبات التي فرضتها أمانة بغداد ومحاولة الجهات المعنية الوقوف بوجه هذه الظاهرة".

وفي هذا الصدد، يُبيّن أنور عبد الكريم، وهو موظف في وزارة التخطيط  العراقية، أنّ "غياب المبادئ الأساسية للتخطيط العمراني، التي تقع في مقدمتها اعتماد هيكليّة مرنة تستوعب المتغيرات المستقبلية البيئية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية وقدرتها على استيعاب الكثافة السكانية أيضاً تعود بجملة من المشكلات وتسفر عن إهمال للشكل العمراني العام للمدينة"، موضحاً أنّ "التعامل بكفاءة مع المتغيرات والأخطار المتوقعة تقع في مقدمة مهام لجان وهيئات وزارة التخطيط". 

ويؤكد أنّ "تمدد الأحياء العشوائيّة وتحميل أضعاف أعداد السكان على الخدمات والمرافق وغياب المناطق الخضراء والمفتوحة وارتفاع كثافات البناء بشكل غير مسبوق واختلاط استخدامات الأراضي بطريقة مفرطة في العشوائية والاختناق المروري والتلوث البيئي وارتفاع حدة الضوضاء وانتشار القمامة في الشوارع أسباب غيّرت شكل المدينة".

من جهته، ينتقد محسن حسين ذلك مبيّناً أنه كثيراً ما يتجنب النظر من  نافدة السيارة أثناء الطريق، لأن آليّة البناء الحديث مزعجة للبصر، وأن "الأماكن التي تبدو كأنها مخزن للذكريات الجماعية للأجيال الأكبر سناً تختفي مع الحداثة التي شهدتها المدينة، وقت كانت تفخر بطرازها المعماري رغم اختلاف أزمنتها". 

وتحث أنسام نصير على فكرة التشجير، إذ بحسب ما ترى أنّ الأشجار تُزيّن الطرقات، وتجعل نسمات الهواء آمنة ومريحة للنفس، "ليست المباني القديمة وحدها جعلت المدينة تفقد جمالها الذي يُجسّد أهميتها التاريخيّة، نحن غالباً ما نفتقد للأشجار والمساحات".