أمير البركاوي
يلعب التصدي لما يبث من سموم في صفحات ومجموعات التواصل الاجتماعي، التي غايتها تمزيق الأسرة إلى أشلاء ودس الأفكار المنحرفة والتشجيع على الانحلال والخيانات الزوجية لمتابعين مراهقين من كلا الجنسين، كواجب على كل فرد منا، لأن الحل بتضافر جهود مجتمع بأكمله، فاليد الواحدة لا تصفق.
المسؤوليَّة الاجتماعيَّة
يؤكد الاختصاص بأمن المعلومات علي فضل، أن "من البديهيات أن كل حق يقابله واجب" ومع التطور التكنولوجي الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي المتسارع، وما صاحبه من مكاسب تتعلق بحرية التعبير، فلا تأشيرات ولا حدود ولا ترخيصات أو قيود على هذا الفضاء السيبراني الواسع".
ويضيف، "كان لا بد لنا من أن ندرك عظم مسؤوليتنا، ونستشعر قوة كلمتنا في "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وخصوصا في وقت أصبحت فيه مواقع التواصل أداة فعّالة لصنع الرأي العام وتوجيهه وتشكيله، إضافة إلى قدرتِها على الاقناعِ والتغيير".
ويعتقد فضل، أن "الأدوات التقنية والأمنية ليست الحل السحري للوقوف بوجه المحتوى الهابط على مواقع التواصل الاجتماعي، فهي أولا وأخيرا سلاح ذو حدين، والامر رهن بمن يستخدمها سواء للخير أو الشر، والحل يكمن في التوعية بـ(نظرية المسؤولية الاجتماعية)"، مبينا، أهمية دور الأفراد والمؤسسات في محاربة المحتوى الهابط من خلال عدم مشاركته أو التعليق عليه "سواء كان ذلك التعليق بالسلب والايجاب" والتبليغ عليه للحد من انتشاره، فكلنا راعٍ وكلنا مسؤول عن رعيته.
احتواء الأسر
يقول الاختصاص في فلسفة المجتمع الدكتور حسنين جابر الحلو، إن "في وسط غياب واسع للقيم نجد تغييرا حتى في العلاقات بين الابن وابنه، والزوجة وزوجها، بعدما كانت الزوجة حاضنة للفكر والأخلاق والإنسانية، ومستحوذة على البيت في كل مساحاته ليغطي حنانها كل أركانه".
ويرى الحلو، أن "بعض الزوجات أصبحت مغيبات لهذه المساحة الأسرية، ولا تتفاعل مع أهمية الزواج والحفاظ عليه، إذ تنصرف بعض النساء المتزوجات إلى تكوين علاقات أخرى خارج نطاق الزوجية".
وتابع، انه "وبحسب مشاهدات إعلامية ورصد واقعي، نجد أن هناك العديد من الحالات الموجودة، ولاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا بسبب الوازع الأخلاقي والشرود والهروب من الواقع؛ لأنه يمثل تمييز الحالة المعاشة، فتنتقص من زوجها بسبب المادة أو عدم وجود تقبل أو بسبب ضعف الجانب العاطفي"، مبينا، أننا "نجد هذه الصداقات تتسع وتنتقل من السوشيال ميديا إلى الواقع، فينتج لنا حلقات من الوهن الأسري، أضف إلى أنها ستنتقل إلى الأبناء ويكون الضحية الأب".
وأشار الحلو لتوجيهات عدة منها، للرجل والمرأة قائلا: الرجل مسؤول من خلال المتابعة والملاحظة، وعدم فتح الباب أمام الوافد بكل تفاصيله ليكون مسارا للتغيير السلبي الذي لا يحمد عقباه. مسترسلا بحديثه، ان "مسؤولية المرأة في أن تحفظ بيتها ومكوناتها، وألّا تكون مبتذلة للرائح والغادي، والذي يصادق ويصارح المتزوجات هو شريك بهذا الجرم، عليه أن يتنبه أن له أختا وزوجة وبنتا، فهل من المعقول أن يقبل ذلك فيهن؟"، موجها، ان "المسؤولية الكبرى حسب تصوري هو للإعلام الذي يجب أن لا يشجع على هذه المواقع الفاضحة لا بصورتها، بل بنوعية السؤال المعروض، مما يثير حالة عند النساء والرجال معا مما يسبب انفتاحًا ليس في محله بل في وقته أيضا".
للقانون كلمة
فيما بين لنا المحامي ماجد الحسناوي، الجانب القانوني أن هذا الفعل مخل بالحياء والآداب العامة، وهي المادة (401) من قانون العقوبات، التي تنص على انه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وبغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين من أتى علانية عملا مخلا بالحياء والآداب العامة مادة (402) من قانون العقوبات، تنص يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاثة اشهر وبغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من طلب أمور مخالفة للآداب من ذكر وأنثى، أو من تعرض لأنثى بخدش حيائها بأفعال أو إشارات، وتكون العقوبة بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وغرامة، اذا عاد الجاني بارتكاب جريمة من نفس النوع خلال سنة من تاريخ الحكم السابق.
الكاتب ولاء المانع عزا، شيوع ظاهرة المحتوى التافه والسطحي وظاهرة "الطشة" والحصول على نسب مشاهدة عالية من خلال سلوكيات تافهة، وأحيانا منحرفة، ويدل على عمق الأزمة الأخلاقية والقيمية في العالم والمجتمع العربي، وبالتأكيد لا يمكن للمجتمع العراقي أن ينجو منها بحكم الانفتاح على العالم وسهولة الحصول على وسيلة للتواصل، وغياب الدور الاجتماعي والحكومي في محاربة هذه الظاهرة.
ويضيف المانع، أنه "حتى حين أرادت الحكومة معالجة هذه الظواهر الشاذة، فإنها أول ما فكرت فيه هو العقوبة، متناسية للأسباب والمسببات كون العقوبة أسهل من التربية والتعليم، وإنشاء أجيال متسلحة بالعلم والمعرفة والأخلاق والقيم، والحقيقة ان كل شيء في العراق يتجه نحو الإسفاف والوضاعة، وأن منع الانحراف يجب أن يكون من خلال الوعي والتعليم وزرع القيم الإنسانية والحضارية".
بينما تؤكد الفنانة رند الدخيل، أن "هناك تأثيرا كبيرا للمنشورات المنحرفة على المجتمع، خاصة نحن في زمن السوشيال ميديا وهي محور حياتنا، وهذه المنشورات غير اخلاقية ومرفوضة وغير شرعية ومقرفة للطرفين رجل كان أو امرأة".