تعرضتُ في طفولتي لحادث حريقٍ أصاب أجزاءً من جسمي، ومع أنَّني راجعتُ طبيباً مختصاً بالتجميل، إلا أنَّ آثار الحروق بقيت في مناطق داخل جسمي، والشكر لله إنَّها لم تؤثر فيَّ كثيراً لأنني فتاة محجبة ولا أحد يعرف بها سوى أسرتي وبعض
أقاربي.
المشكلة يا دكتور أنَّ شابَّاً يكبرني بخمس سنوات سيتقدم لخطبتي، وإنَّني كنت قد رفضت ثلاثة قبله، لأنني لا أستطيع خداع نفسي ولا أستطيع أنْ أكشفَ ما بجسمي من آثار للحروق لسوء شكلها، وكنت قبلها أبرر رفضي بأعذارٍ وهميَّة أيام كان عمري بالعشرينيات، أما الآن فقد صار عمري 33 سنة، وعلى كولة امي «من تفوتك هاي الفرصة يعني فاتك القطار وتعنسين طول عمرك».
أنا الآن بين نارين: أرفض، معناها تضيع مني آخر فرصة للزواج، أوافق معناها راح ينكشف سرّي بليلة الدخلة، وراح أحتقر نفسي قبل ما يحتقرني زوجي. وعندما أضع رأسي على الوسادة وأفكر بهذين النارين، أقول لنفسي: أحسن شي خل أكشف السر لخطيبي، واليصير يصير.
أرجوك دكتور.. اعتبرني بنتك وساعدني
غيداء - الناصرية
الآنسة غيداء :
ما دامت آثار الحروق بداخل جسمك، فإنَّها لا تشكل مشكلة كبيرة كالتي تكون في الوجه أو الرقبة أو الأطراف التي تكون مكشوفة للآخرين. فآثار الحروق التي تكون في الجسم المغطى لا يعرفها إلا صاحبها وشريك الحياة، ولا تشكل عاهة أو عيباً يثير الخجل والإحراج والشعور بالنقص.
ونحن نوافقك الرأي في أنْ يكون “خطيبك” على علمٍ مسبقٍ بذلك. والمشكلة في الطريقة التي سيعرف بها الحقيقة. وإحدى هذه الطرق تكون بإطلاع والدة خطيبك أو أخته على هذه الحروق وبحضور والدتك. لكنْ ما يخشى من هذه الطريقة أنَّ والدته أو أخته قد تقوم بتضخيم الحالة خاصة إذا كانت غير مقتنعة بك تماماً لسببٍ أو لآخر، أو أنَّها مترددة في موقفها.
والطريقة الثانية أنْ يطلّع هو بنفسه وبحضور والدتك، وذلك بإظهار أثرٍ لحرقٍ في منطقة البطن مثلاً (بعمل فتحه مناسبة بالثوب)، والتعامل معه كما لو كان طبيباً.
وفي كل الأحوال أنصحك بعدم الكشف عن هذا الموضوع في اللقاءات الأولى التي ينبغي أنْ تكون لقاءات تعارفٍ وكشفٍ عن الأمور المتعلقة بطبيعة الشخصيَّة والأخلاق والسلوك والمزاج.
(نشدد: لا تكشفي عن سرّك في اللقاءات الأولى، لاحتمال ألا يحصل نصيبٌ فتقوم أمه أو هو بتضخيم الأمر لمن ينوي التقدم لك).وعند حصول تعارفٍ جيدٍ بينكما واقتنع (الخطيب) بكِ تماماً ونوى عن صدقٍ التقدم لطلب يدك، عندها يمكنك أنْ تصارحيه بالموضوع، فإنْ اكتفى بوصفك الصريح لهذه الآثار فبها، وإنْ طلب منك رؤيتها فلتحضر والدتك وأطلعيه على ما يعطيه فكرة، فإنْ كان خطيبك هذا يقدّر أنَّ جوهر المرأة يكمنُ في أخلاقها وحسن أدبها وتقديسها الحياة الزوجيَّة وأنَّه أحب شخصيتك، فإنَّه سيختارك كما أنتِ.
شكراً لك مرتين يا غيداء، الأولى لأنك توجهتي الى “حذار من اليأس” في طلب المشورة، والثانية على أخلاقك العالية وصدق ضميرك.
مع خالص دعائنا لك بالموفقيَّة.