«جنّة عدن» ... تجذب المغامرين ومحبي الطبيعة

الصفحة الاخيرة 2019/05/24
...

 الجبايش /أ ف ب
عادت الحياة مجددا إلى أهوار العراق والمدرجة على قائمة التراث العالمي، وباتت هذه المنطقة تعوّل على السياحة البيئية لتصبح "جنة عدن" بلاد الرافدين مقصد المولعين برحلات القوارب وسط الطبيعة.
أمام منزل عائم مصنوع من القصب وأوراق النخيل، تفوح رائحة خفيفة لدخان حفلة شواء سمك المسكوف الذي يشتهر به العراق.
وعلى المياه، تنساب قوارب "المشاحيف" الخشبية التي تحمل أزواجا أو مجموعات أصدقاء في نزهة على إيقاعات ومواويل المراكبيين التراثية.
وقال حبيب الجوراني العراقي المغترب منذ عقود في الولايات المتحدة "لم أكن أتصور أن هناك مناظر خلابة وجميلة مماثلة في العراق" الذي تغطي الصحراء نصف مساحته تقريبا.
واضاف "غالبية العالم يجهل واقع العراق ويتصور أنه أخطر مكان ولا يوجد فيه غير القتل والإرهاب ، لكن في الواقع هناك أماكن بيئية ساحرة" ، في هذا البلد الذي أدرجت خمسة من مواقعه على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
في العام 2016، أدرجت أهوار العراق التي تمتد بين نهري دجلة والفرات وتعد احد أكبر المسطحات المائية الداخلية في العالم، على هذه القائمة بفضل تنوعها الحيوي وتاريخها الغني الذي يعود إلى العصور القديمة لبلاد الرافدين.
ظاهريا يبدو أن شيئا لم يتغير منذ خمسة آلاف عام في تلك المساحة المائية والطبيعية المترامية الواقعة بين محافظات ميسان وذي قار والبصرة. وقد وجدت فيها، بحسب الأحاديث المتناقلة بين العراقيين، "جنة عدن" التي عاش فيها آدم وحواء.
وقال مهدي الميالي (35 عاما) أحد سكان الأهوار إن "جذور الأهوار تعود إلى الحضارة السومرية والأكدية. ولا تزال تحمل صورة حياة السومريين، السكان الأصليين لأهوار جنوب العراق، من المياه ونبات القصب" التي تتغذى عليها الجواميس.
وصل منسوب المياه في الأهوار هذه السنة إلى 80 بالمئة بسبب الأمطار الغزيرة، وفقا للأمم المتحدة، مقارنة مع 27 بالمئة في خريف العام الماضي.
وعاد السكان مجددا إلى بيوت الضيافة القديمة والقوارب المدفوعة بمجداف واحد، وتربية الجواميس التي تنتج الحليب الغني بالدسم.
وبعد إدراج المنطقة على قائمة اليونسكو العام 2016، تزايدت السياحة البيئية حيث وصل العدد إلى 18 ألف سائح في العام 2018، مقارنة بـ10 آلاف في 2016، بحسب أسعد القره غولي مدير سياحة ذي قار الذي اكد أن نصف سكانها يعيش تحت خط الفقر.
وقال الميالي "انتعشت الأهوار بالسياحة البيئية وبات الناس يأتون من جميع المحافظات في العراق وكذلك من بعض الجنسيات الأجنبية المختلفة".
ويأمل هؤلاء السياح برؤية الطيور المهاجرة، إضافة إلى أنواع عدة من الكلاب المائية (القضاعات)، وسلاحف الفرات التي تسمى محلياً بـ"الرفش".
ورغم ازدياد عدد السياح، لا تزال الأهوار تعاني من غياب البنية التحتية.
واوضح القره غولي أن لا وجود "لبنى تحتية أو فنادق في مناطق الأهوار، وذلك يعود إلى التقشف في ميزانية الدولة سابقا بسبب الأوضاع الأمنية" خلال السنوات الأخيرة وخصوصا لتمويل الحرب ضد عصابات داعش الارهابية.
وفي الوقت الحالي، يقدم السكان المحليون جولات على متن القوارب بتكلفة تعادل 25 دولارا، أو غداء داخل "المضيف" التقليدي.
وطالب القره غولي ببناء "مدينة سياحية صديقة للبيئة تحتوي على منشآت صغيرة وفردية تتوزع بين الأهوار".
وقال الميالي إن مياه الأهوار "جفت في العامين 2009 و2010 بسبب قطع المياه وبناء السدود في تركيا وإيران، وكان أشدها جفافا العام 2015 حيث نفقت أكثر الجواميس، ما دفع غالبية سكان الأهوار إلى الهجرة إلى المدن والقرى الأخرى".
رغم ذلك يتمسك سكان الأهوار، الذين يأملون عودة حياتهم إلى طبيعتها بعد أربعة عقود، ويؤمن الجوراني بأن ذلك كفيل بإبقاء الأهوار جنة عدن لجذب "المغامرين ومحبي الطبيعة".