شربت الحاج زبالة.. تاريخٌ وذكريات

منصة 2024/02/12
...

  هناء العبودي


أقامت منصة فولوكلور في بغداد مدينة الابداع الأدبي – اليونسكو ندوة حوارية عن الحرف والمهن البغدادية الشعبية بعنوان (شربت الحاج زبالة.. سيرة وتاريخ وذكريات)، ضيَّفت فيها الحاج محمد الحاج عبد الغفور (الحاج زبالة) للحديث عن هذه المهنة، على قاعة ستي في بيت الحكمة.

في الجلسة التي ادارها عادل العرداوي تحدث الحاج محمد، وهو نجل الحاج زبالة، عن هذه المهنة وتاريخ تأسيسها، وكيف أن جده حجي زبالة الذي كان من مواليد 1870 هو الأول في صناعة هذه المهنة. 

ابتدأت صناعة هذه المهنة عام 1900 في آواخر العهد العثماني لبيع شربت الزبيب، وقد احترفت العائلة صناعة هذا النوع من الفواكه، لأنه يتحمل الخزن لموسم كامل من دون أن يتعفن.

وقد انتقل من منطقة الكرخ لمكانه الحالي منذ عام 1912 أي قبل الاحتلال البريطاني للعراق بنحو عامين.

وعن أصل التسمية أشار نجل الحاج زبالة إلى أن الاسم الحقيقي للحاج زبالة هو عبد الغفور، ولكن اسم زبالة، جاء بسبب أن والدته لا يعيش لها الأولاد، وقد اطلقت عليه هذا الاسم، اعتقادا منها في أن هذا الاسم يبعد الشر والموت عنه.

وقد أكد الحاج محمد أن أشهر الملوك والرؤساء الذين كانوا يرتادون المحل وتناول هذا العصير، كان منهم الملك فيصل الأول، ومن بعده الملك غازي، والملك فيصل الثاني، وكذلك الوصي على العرش عبد الاله، ورئيس الوزراء نوري السعيد، والرئيس عبد الكريم قاسم، الذي كان حريصا على ريادة المحل وأيضا أحمد حسن البكر، وكذلك بعض رؤساء الدول العربية مثل حسني مبارك، وياسر عرفات، وملك الأردن الحسين بن طلال، وأحمد بن بلة وملك المغرب محمد الخامس. 

وما يميز هذا "الشربت" يقول الحاج بأنه عصير خالص من دون نكهات ومطيبات، فضلا عن نوعية الزبيب المستخدم، والذي نحصل عليه في الغالب من اقليم كردستان، وكذلك استيراده من بعض الدول الآسيوية اضافة إلى فوائده الصحية.

وأضاف الحاج محمد أن المحل يمثل معلما تراثيا بغداديا اصيلا بتاريخه وشهرته، إذ يعد محطة استراحة واسترخاء للملوك والرؤساء العراقيين والعرب، ولا يزال وهاجا يرتاده الكثير من محبي التراث وتاريخ بغداد الزاهر، وتعشقه الناس لعراقته وارثه الحضاري رغم عاديات الزمن.

وأن من يتردد على المحل يلاحظ ولع العائلة بالماضي، وخاصة ماضي شارع الرشيد ومدينة بغداد القديمة، فهناك العشرات من الصور بالأسود والأبيض التي تزيّن جدران المحل.

وقد نوه الحاج محمد إلى استعمال العملة التركية (الروبية)، وقد تزامنت صناعة هذا العصير مع استحداث وقيام شركة (سيفون العراق) انذاك، مع قيام شركة "ببسي كولا، وكوكو كولا وفروت كولا وكوثر وسينالكو وسفن آب" وقد فاق شربت حجي زبالة هذه المشروبات والشركات.

ويختتم الحاج محمد حديثه بأن "شربت" الحاج زبالة شهد تاريخا حافلا من الأحداث والمتغيرات منذ تأسيسه عام 1900، أي ما يزيد على القرن من الزمن وحتى اليوم، وهو يفتخر بتزيين جدرانه بمعظم صور زواره وصور الشخصيات العامة البارزة في تاريخ العراق.

ولعل من يتردد على المحل يلاحظ بشكل جلي الصور المعلقة على جدران المحل، والتي تمثل ولع عائلة الحاج زبالة بالماضي وبالتراث، حيث تعلق العشرات من الصور باللونين الأبيض والأسود موزعة بين جدران المحل بشكل منظم.

وقد حضر الأصبوحة جمع غفير من رواد المدينة الابداعية ومفكريها وأدبائها وزوارها وكتابها اغنوا الجلسة بمداخلاتهم

القيمة.