مر الشعب العراقي بعذابات طويلة ، وتأجيل للحياة وصل حد الضجر؛ فلقد انفق من الوقت والمال والبنين مايكفي لبناء دول ناشئة، لكن كل مقدراته المالية والبشرية تعرضت للهدر بين عبث الحروب ودموية الارهاب الوحشي، وآفة الفساد الادارية المتفاقمة ؛ مع كل هذا ، ظل ينتظر بصيص ضوء يصله من آخر نفق انتظاراته لينتشله مما هو فيه الى ضفة الحياة النابضة .
وبين توالي الأزمات الأمنية وتوالي الخلافات السياسية، ومثلهما توالي ( شطرنجية) تبادل المسؤوليات ، دخل العراق في أزمة تقشف حاد ضاعفت من معاناة الشعب الذي انفق ابناءه قبل امواله للدفاع عن سيادة بلده وأمنه ؛ وكلنا نتذكر كيف رفعت الحكومة السابقة شعار الحرب على الفساد، وهي الحرب الوحيدة التي انتهت قبل أن تبدأ!! لأنها كانت حرب شعارات انتخابية ، حتى ان الفساد الذي رافق تلك المرحلة مازال الشعب يعاني منه ؛ لاسيما الازمات في قطاعي التربية والتعليم ، فضلا عن الشلل التام الذي اصاب الزراعة والصناعة والمعالجات الارتجالية في مجال الخدمات وتأهيل
الطرق.
التقينا ذات مرة، انا ومجموعة من الاعلاميين والادباء بالسيد عادل عبد المهدي حين كان نائبا لرئيس الجمهورية، وتحدث الرجل في اختصاصه ، وقال لابد من بديل للنفط لكي يستعيد العراق عافيته؛ وهاهو السيد عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء وبيده التنفيذ ، وله ان يبشرنا بما انجز او ما في طريقه للانجاز بعد مرور اكثر من عام على استلامه زمام الامور.
لكن، هل له ان يعمل بمفرده ؟ وهل هناك حاجة لتشريعات تحمي المواطن ؟ وهل للمواطن الحق في الاعتراض او التظاهر ( السلمي جدا ) امام شباك صغير لموظف متقاعس، وحين يسأل عنه يكون الجواب انه صائم!!، او ذهب ليصلي !! ، تاركا طوابير المراجعين قرب الشباك الصغير.
تركة ثقيلة جدا، ولعل ما اشيع مؤخرا من فساد بعض المسؤولين واعتراض بعض المتظاهرين الذين جوبهوا برصاص حمايات المسؤول ، وهم مواطنون مسالمون ، بغض النظر عن كون خروجهم تلقائيا او بايعاز سياسي، فالفساد واحد، ولونه واحد ، ويجب ان يكون الرد عليه واحدا أيضا ؛ فمن يحمي المعترضين ؟ وهل للناس ان تعترض على بدعة التطبيقي والاحيائي التي ابتدعتها وزارة التربية السابقة وادخلت التعليم في مطبات هو في غنى عنها ؟ وهل يسري ماجرى في بعض احياء مدينة الثورة من تحديد لاجور اصحاب مولدات الكهرباء مع ضبط آلية التشغيل الحكومي، هل يسري على بقية احياء بغداد ؟ ومن بيده تطبيق ذلك ؟ لاسيما ان المجالس البلدية هي التي فرضت الامر في مدينة الثورة بينما بقيت احياء بغداد تحت لعبة (جر الحبل) بين موظف الكهرباء وصاحب المولدة ؛ انها تطلعات كبيرة وحياة مؤجلة وواقع يئن تحت سياط الانتظار.