كيف نفسَّر الحب؟

منصة 2024/02/14
...

  إيمان غيدان


في أحاديثنا اليومية غالباً ما نقول عبارات مثل "أحب هذا المسلسل التلفازي، أحب قطتي، أحب هذه الأكلة"، على الرغم من أن المقصود بـ "الحب" هنا مغايراً لذلك المفهوم العميق من معناه، فبمجرد النطق بعبارة "أنني أحب هذا الشيء" يأتي التأكيد على مسألة تفضيله، وهو ما يعرفه الجميع.. ولكنْ، هناك نوع من الحب يُعنى بشخص ما، وهو ما يمكن أن نفهمه عادةً على أنه الحب الذي نحتفظ به تجاه الأشخاص، والذي يندرج أيضا تحت ميزات وأقسام كما ركز عليه الفلاسفة. 

فمثلا نجد أن حب الرغبة العاطفية أو الجنسية يستجيب لصفات المحبوب ومزاياه.. بمعنى أن تحب بقصد الإثارة، وهناك أيضا الحب العفوي الذي يتسم - بمحبتنا لبعضنا البعض – حيث لا يكشف أننا نستحق هذا الحب أم لا؟، كما ويبدو هذا النوع من الحب بعيداً عن الخصائص الأساسية للفرد المحبوب.. لأن هذه المحبة دائما ما تخضع لتفسيرات دينية أو مرجعيات تاريخية، وتكون على النقيض من الحب العاطفي أو الرومانسي بين رجل وامرأة. وهناك كذلك الحب الذي يعد نوعاً من الاحترام أو الشعور الودي تجاه أفراد الأسرة والأصدقاء وشركاء العمل والوطن. 

ولكن ما أريد الحديث عنه هنا هو في "كيفية تفسير الحب؟".. إذ إن إظهار الاختلافات هنا يصبح أكثر صعوبة عند مواجهة النظريات المعاصرة للحب، بما في ذلك الحب الرومانسي، والصداقة.. لأن بعض نظريات الحب الرومانسي تفهمه على غرار تقليد المحبة.. وتتعامل تفسيرات أخرى مع الحب الرومانسي كنشاط جنسي -وبخلاف ذلك- فإنه يشبه إلى حد كبير الصداقة.

عند تقديم تفسير مقنع للحب، علينا أن نميز بين الحب والمواقف الإيجابية الأخرى التي عادةً ما نتخذها تجاه الأشخاص، مثل الإعجاب، فالحب الذي يكون نتيجة الإعجاب يختلف حتماً من حيث العمق، لأن المشكلة التي ستظهر هنا هي في توضيح نوع العمق الذي نجده بشكل حدسي في الحب.

وهكذا، يُفهم أن الحب هو مسألة رغبة، وهو موقف - في أحسن الأحوال- يكون بقيمة أداتية وليست جوهرية. لكن هذا غير كاف، لأن هناك مواقف تجاه الأشخاص تبدو بين وجود الرغبة مع الشخص وحبه. 

يمكن أن أهتم بشخص ما لمصلحتي الخاصة والشخصية، لكن هذا الاهتمام لا يرقى في حد ذاته إلى حبه، لأنني أستطيع الاهتمام بقطتي أو بهاتفي النقال بالطريقة نفسها تماماً، بمعنى أنه نوع من الرعاية الشخصية التي لا تعد كافية للحب.

كثيرون يفتقدون مسألة التمييز بين الحب والمحبة والإعجاب والرعاية التي قد تبدو هذه الأخيرة آنية أو في وقت يخضع 

لمرحلة ما، لذا فإن الطريقة الشائعة لتمييز الحب عن المواقف الشخصية الأخرى هي من خلال التقييم، والذي يمكنه في حد ذاته تفسير عمق الحب، وهذا سيكون عبر بعض التساؤلات التي نطرحها على أنفسنا، مثل: هل يمكننا تبرير حبنا لهذا الشخص تحديداً، أو الاستمرار في حبه، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف؟  

تفاصيل مشاعر الحب معقدة ومتشابكة، وتحتاج للكثير من التركيز كي نفهم معناها، الكثير الذي ربما يبدأ في حبنا الصادق لأنفسنا أولاً حتى نتمكن بعد ذلك من التصالح الذاتي والذي يؤهلنا للإيجابية تلك المرحلة التي لن تدعنا نأخذ قرارات غير واعية أو حكيمة تجاه رعاية أو إعجاب فنتصوره حباً يؤهلنا لوهم شراكة غير متوفرة.