منذ تشكل وعينا ونحن مازلنا في مرابع الطفولة الغضة.. كنا ننشد بسحر وشغف وخشوع لاثير اذاعة بغداد قبل 60 عاماً، عبرت من اعمارنا لتلك الاغنية الشعبية الساحرة بكلماتها المفهومة من قبلنا نحن الاطفال حيث اعتدنا ان نسمعها من جهاز الراديو الذي كنا ننشد اليه جميعاً صغاراً وكباراً.. واعتادت الاذاعة بثها بعد اذان المغرب مباشرة طيلة ليالي الشهر الكريم..
ماجينه.. ياماجينه..
حلي الجيس وانطينه
تطونه.. لوننطيكم
البيت مكه انوديكم..
وبعد ان ينتهي بث هذا النشيد الطفولي العذب تنطلق “جوكات” اطفال الماجينه تجوب الدروب والازقة الضيقة.. يطرقون الابواب منادين احياناً وداعين الله ان يحفظ صاحب البيت.. بل يذكرون اسم واحد من اولاده:
الله ايخلي راعي البيت.. آمين..
وبجاه الله واسماعين.. امين..
و”حمودي” على التينه
يارب السمه.. عينه..
وعندما ينتهي الاولاد من انشادهم للماجينه يصرخون باعلى اصواتهم وكأنهم ملوا من الانتظار.. ولم يخرج لهم احد ليعطيهم شيئاً من الزبيب الاسود او الملبس او السمس او المصقول او الكرزات والتين المجفف واحياناً عملات نقدية صغيرة.. يصرخون:
يهل السطوح..
تنطونه لو انروح..؟
وعندما يتيقنون من ان اهل البيت لم يلبوا نداءهم يواصلون مسيرتهم الى بيوت اخرى وهكذا دواليك..
ولكن الاطرف في هذا الامر حينما يمل بعض اصحاب البيوت من طلبات جوكات الماجينة التي لا تنتهي.. تصعد احداهن او احدهم الى سطح الدار وبيدها “جردل – سطل” مملوء بالماء.. وبغفلة من هؤلاء الاطفال المساكين يصب على رؤوسهم الماء بشكل مفاجئ وغير متوقع..!! ما يدفعهم.. وهم مبللو الثياب.. لاطلاق صرخة احتجاج قوية وهم يهرولون مبتعدين، ولسان حالهم ينشد: “ذبوا علينه الماي يابيت الفكر..!!”..
صورة من صور موروث رمضان ايام زمان وثقتها اذاعة بغداد؛ فأصبحت من تراثها في منهاج بث رمضان.