مبعث خاتم الأنبياء.. تعزيز الحاجة الإنسانيَّة

منصة 2024/02/25
...

 وليد الحلي

بعث الله -عز وجل- النبي محمد (صلى الله عليه وآله) بمواصفات أخلاقيَّة مثاليَّة (وإنك لعلى خلق عظيم- القلم 4)، (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين-الأنبياء: 107)، خاتما أنبياءه ورسله ومكملا للدين الإسلامي الذي دعا له نبي الله إبراهيم (ع)، والأنبياء موسى (ع) وعيسى (ع) وبقية الأنبياء (ع) في التشريعات والمناهج السماوية لليهوديَّة والنصرانيَّة وغيرها.

أنجزت الدعوة الإسلامية عبر مناهج وشرائع سماويَّة متعددة راعت الطبيعة الإنسانيَّة في مراحل النمو البشري ودرجات وعيهم.
(قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ- البقرة: 136).
إن جميع أنبياء ورسل الله -سبحانه وتعالى- جاؤوا بدين واحد وهو الدين الإسلامي
(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ- آل عمران: 19).
تصدى النبي محمد (ص) لتعزيز الحاجة الإنسانيّة باستحضار القدوة الملهمة بالإحسان والتسامح والرغبة لهداية الناس لإعادة الأمل والازدهار والتعاون والانسجام لتحقيق العدالة بين بني البشر، وإصلاحها ليحصلوا على سعادة الدنيا والآخرة.
ودعا إلى نبذ النعرات العصبيَّة، ونزعاتها المفرّقة، وأبدلها بالحبّ والمؤاخاة، وليكونوا كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضاً.
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى، وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات: 13.
طغيان المنهج اللا إنساني في التعامل بين بني البشر تسبب في الصراعات التي تعصف بالعالم اليوم، وعدوان الدول الكبيرة على الدول الصغيرة واستضعافها، وتؤثر في الإنسان والمجتمعات والدول، والتي شحنت الأجواء الملغومة بالتحديات والنزاعات والمشكلات، وانتشار الحروب والأزمات والفتن والمكر والاعتداءات على الكرامة الإنسانيّة التي كرّمها الله، وأنتجت أزمات اقتصادية ومالية وأخلاقية وسلوكية، بغياب الرادع الأخلاقي والقيمي بعيداً عن إطاعة خالقهم وقوانينه واستجابة لسيطرة أعداء البشريّة!.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ، وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ، وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء:70.
أصبحت الإنسانيّة المعذبة تفتقر إلى الطاقة الروحيّة لاستبعاد طغيان المصالح المادية والتسلط والحروب والعدوان عليها.
البشريّة بحاجة إلى التزام العمل بالمعايير والأنظمة والأحكام التي تتحكم بالكون وعلاقة الخالق بالإنسان والحياة، وعلاقة الإنسان بربه، والتي تمكن الإنسان من رفع مستوى وعيه وفهمه وبصيرته لتحقيق العدل والرحمة والتعاون والتسامح والحلم والصبر والتكاتف والعطف والإيثار وحب الخير والمساواة والاحترام وحفظ اللسان والكرم والشجاعة والإقدام والمروءة ونبل الأخلاق والعفو عند المقدرة.
نستلهم في الذكرى المباركة للمبعث النبوي الشريف أهمية وعي المسلمين بالتزاماتهم الشرعية والتربوية والأخلاقية والسلوكية والتعامل مع التحديات والمشكلات التي تجابه الأمة وفق المقتضيات الشرعية.
وضرورة تصديهم للعمل الصالح والتعاون للخيرات والتضحية والإيثار، وانتهاج الحوار السلمي والإقناع بالدليل والمنطق والبرهان، واختيار  أسلوب السلم والسلام واللين في التعامل، والانتفاع من  ثرواتهم لتنمية ورقي بلدانهم، وعدم اللجوء إلى القوة والعنف إلا في حالات الدفاع عن النفس ،(أدعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدينَ) النحل: 125.