15 شعبان.. مولد الإمام المهدي {عليه السلام}

منصة 2024/02/26
...

 إبراهيم هلال العبودي


ما إن بدأت مسيرة العشق المحمديَّة فرحًا وتزامنًا في هذا الشهر المبارك، ولادات الأئمة الأطهار "الإمام الحسين، وأخيه الإمام العباس، والإمام زين العابدين السجاد، والإمام علي الأكبر، حتى ختمت بمولد الإمام الحجة ابن الحسن المهدي عليهم سلام الله، واستعدت كربلاء المقدسة بفتح ذراعيها لاستقبال ملايين المحبّين والموالين الآتين من مختلف المحافظات العراقيَّة لإحياء تلك الولادات العظيمة.

ولد الإمام المهدي "سلام الله عليه" في دار أبيه الحسن العسكري "عليه السلام" في مدينة سامراء أواخر ليلة الجمعة الخامس عشر من شعبان، وهي من الليالي المباركة التي يُستحب إحياؤها بالعبادة وصوم نهارها طبقاً لروايات شريفة مروية عن أئمة أهل البيت "عليهم السلام".

وكانت سنة ولادته (255 هـ) وفقًا لأشهر الروايات، ولكن ثمة روايات أُخرى تذكر أن سنة الولادة هي (256 هـ) أو (254 هـ) مع الاتفاق على يومها، وروي غير ذلك، إلا أن الأرجح هو التأريخ الأول لشواهد عدة، منها وروده في أقدم المصادر التي سجلت خبر الولادة، وهو كتاب الغيبة للشيخ الثقة الفضل بن شاذان الذي عاصر ولادة المهدي "عليه السلام" وتوفي قبل وفاة أبيه الحسن العسكري "عليهما السلام" بفترة وجيزة فوجد أن النصف من شعبان صادف يوم جمعة في سنة (255 هـ) وحدها من دون السنين الأخرى المذكورة في تلك الروايات.

وذُكر الإمام المهدي في جميع الأديان السماوية، حيث نظرت إلى وجود عامل مشترك فيما بينها، وهذا العامل هو ظهور المصلح، أو المخلص العالمي الذي يقيم الدولة الإلهيَّة، ويطبّق عدل الله تعالى في العالم أجمع. وهذا ما اتفقت عليه الأديان السماويَّة، ولكن الاختلاف الذي نشأ، هو في تحديد هوية المصلح العالمي. 

في وقتنا الحالي، نحن الآن في زمن الغيبة الكبرى، ومما يستوجب علينا هو انتظار الفرج المبارك لحين أن يمنَّ علينا الله بمنه العظيم في تعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان الإمام المهدي "عليه السلام". 

وقد ذكر في الروايات أن انتظار الفرج عبادة، فعن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: (أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج من الله عزّ وجلّ). وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام"، قال: انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح اللّه، فإنّ أحب الأعمال الى اللّه عز وجل انتظار الفرج. 

ويتطلب منا أيضا في حال انتظار ظهوره المبارك المحافظة على التعاليم التي نصها علينا ديننا الإسلامي، وكل ذلك يصب في تعجيل فرج إمامنا المهدي "عليه السلام".

مارس الإمام المهدي (ع) نشاطه طيلة خمس سنوات من أجوبة المسائل والحضور في الأماكن الخاصة التي كان يؤمن فيها عليه من ملاحقة السلطة، وبعد استشهاد أبيه، أقام الأدلّة القاطعة على وجوده حتى تمكن من أن يبدّد الشكوك حول ولادته ووجوده وإمامته، ويمسك بزمام الأمور، ويقوم بالمهام الكبرى، وهو في مرحلة الغيبة الصغرى، كل ذلك في خفاء من عيون الحكّام وعمّالهم.  واستمرّ بالقيام بمهامّه القياديَّة في مرحلة الغيبة الكبرى بعد تمهيد كافٍ لها وتعيينه لمجموعة الوظائف والمهام القياديَّة للعلماء بالله، الأمناء على حلاله وحرامه ليكونوا نوّابه على طول خط الغيبة الكبرى، وليقوموا بمهام المرجعيَّة الدينيَّة في كل الظروف التي ترافق هذه المرحلة، حتى تتوفر له مقدّمات الظهور للإصلاح الشامل الذي وعد الله به الأُمم .

بدأت غيبته الكبرى سنة (329 هـ) وما زالت هذه الغيبة مستمرة حتّى عصرنا هذا. 

وقد واصل الإمام المهدي المنتظر (ع) ارتباطه بأتباعه من خلال نوّابه الأربعة خلال مرحلة الغيبة الصغرى، وبقي يمارس مهامّه القياديَّة وينفع الأُمة كما تنتفع بالشمس إذا ظللها السحاب.