الصيف مقبل.. من سيحلُّ عقدة المولِّدات الأهليَّة في العراق؟

ريبورتاج 2024/02/27
...

 علي غني

أذا أردت أن تختبر قوة حكومة محمد شياع السوداني، فاختبرها بالسيطرة على عقدة المولدات الأهلية، واذا أردت أن تختبر سلطة الامن الوطني، فاختبرها  بطاعة أصحاب المولدات لهذه السلطة، وإذا أردت أن تختبر عدالة الشرطة الاتحادية، فاختبرها بإلقاء القبض على صاحب المولدة الشرعي المخالف للتعليمات، وليس العامل الذي يعمل بها، وإذا أردت أن تختبر صحة إجراءات وزارة النفط، فاختبرها بساعات التشغيل في المولدات، وإذا أردت أن تختبر ازمة وزارة الكهرباء فاختبرها بعدد الساعات التي تمنحها للمولدات، التي تعمل بالعدادات التي أصحبت أدوات زينة، كما وصفها أحد الزملاء الصحفيين، فما هي حقيقة (بعض) المولدات التي تخنقنا بتلوثها وتبتز جيوبنا من دون رقيب.

مشكلة التسعيرة
 يقول المواطن رحيم عدنان: كلما أردت أن أتكلم عن واقع المولدات الأهلية، أقول مع نفسي متى تصحو ضمائر (بعض) أصحاب المولدات الأهلية (وليس الكل)، الذين يبتزّون جيوب الناس، ويلوثون مناطقهم، وإذا أردت أن تشتكي في أي مكان ترى من يحميهم بالسر، فتعبت الناس من الشكاوى الفردية، والتي غالبا ما يكشف أمر صاحبها، فيبقى في المنطقة معزولا، وكأنه ارتكب جريمة، بحق هؤلاء الذين لا يلتزم اغلبهم بما تقرره السلطات الحكومية من تسعيرة، فيقررون هم التسعيرة بحسب حساباتهم، سواء رضيت الحكومة إن لم ترض، وهذا واقع الحال، فهل عجزت تشكيلة حكومية كاملة عنن معالجة هذه الأزمة، التي يراد لها البقاء حتى لو تدخلت الأمم المتحدة، ومنظماتها المتخصصة بالبيئة.

فكرة العداد
 لا أعرف من هو صاحب فكرة العداد (والكلام للمواطن جاسم محمود)، ولو التقي معه سأقول له: هل المشتركون كلهم من المواطنين يفهمون كيفية قراءة العداد؟ ومن يضمن صدق صاحب المولدة؟، وهل لدينا جهاز مراقبة عن عدد ساعات القطع من وزارة الكهرباء، حتى يمكننا أن نناقش أصحاب المولدات المدللين، لقد وضعنا (صاحب فكرة العداد في مأزق كبير)، وادخلنا في نقاشات عقيمة، فالكل وضع العداد، ولكنه يعد بما يراه مناسبا، بل اغلبهم اختار الاسعار القديمة، وهو يحاجج الناس بالعدادات ومدى التزامه بها، فأين سيذهب المواطن؟ سيقول لك المعنيون في كل دائرة، سجل شكواك، واترك اسمك، وسوف
نتخذ الإجراءات بحق المخالف، وبأسرع من الصوت يصل اسمك إلى صاحب المولدة، وتعال ادخل في دوامة أخرى، ومع كل (الهبات) القوية، التي سجن فيها الذين يعملون في المولدات، وليس أصحابها الحقيقيين، عادوا اكثر جشعا، وتعلموا كيفية التخلص من الجهات المختصة، بل ابتدعوا طرقا جديدة للتكيف بالسجن.

دعمٌ حقيقي
الصباح تبدأ مع أحد اصحاب المولدات (جليل الياسري)، والذي طالب بدعم حقيقي لأصحاب المولدات، لا سيما في مجال زيت الغاز "الكاز" المدعوم، والعطلات التي يواجهونها أيام الصيف الشديد الحرارة، مشيدا بعمل المولدات وتوفيرها الطاقة الكهربائية على مدار اليوم، وهي نعمة يجب أن نشكرها ونديمها بالحوار، إذا وجدت إشكالات بين أصحاب المولدات والمواطنين.
وتابع (الياسري): إذا أرادت الحكومة أن تنجح بتنظيم عمل المولدات، عليها أن تلجأ إلى الاستثمار على وفق ضوابط خاصة تخدم المواطن وصاحب المولدة، وتخلص من المشكلات المزمنة.
وأشار إلى أن بعض المواطنين المشتركين يتهموننا اتهامات
باطلة دون معرفة، ما نقوم به من خدمة كبيرة، فضلا عن سهر العاملين بالمولدة لتوفير الطاقة الكهربائية ليلا ونهارا، ومواجهة أصعب الحالات، لا سيما حين تعطل المولدة.
رسالةٌ واضحة
وربما تكون إجابة رئيس نقابة الميكانيك في العراق/ ستار العبودي/ والمولدات جزء من هذه النقابة/ رسالة واضحة للجهات المعنية، اذ سألناه أسئلة عديدة منها الخلافات المزمنة بين أصحاب المولدات والمواطنين عن التسعيرة الشهرية، وحقيقة مقترح التحول إلى الاستثمار، وما يحتاجه أصحاب المولدات، وأسئلة اخرى، فهو يجيب: لكل قاعدة شواذ، ولكن ليس الجميع وأحياننا المحافظة تكون غير منصفة في التسعيرة، وتعتمد على قرار وزارة الكهرباء، علماً أن تجهيز الطاقة الكهربائية يختلف بين منطقة وأخرى، كون الشبكة الكهربائية مترهلة في معظم نواحي بغداد، وكثرة العطلات وسقوط بعض المغذيات، كل هذا الامر يجعل عدم الالتزام في تسعيرة المحافظة لتجنب الخسارة، كون صاحب المولدة لديه أكثر من عامل، فضلا عن شراء الوقود مع الزيوت، واحياناً عطل يودي الى صرف جباية الشهر، ناهيك عن رزق عائلته.
وتابع (العبودي): أنا أقترح تحويل جميع المولدات إلى الية الاستثمار على وفق عقد اصولي مع وزارة الكهرباء، ويكون سعر الأمبير (5000) آلاف دينار، ويكون صاحب المولدة غير مسؤول عن العمال وعن شراء الكاز، وعن العطل مجرد تسليم موقع مع جرد عدد الأمبيرات على اللجان المشكلة من قبل وزارة الكهرباء، وعلى هذا الأساس يتم التعاقد مع الوزارة، وتكون هي المسؤولة على سعر الأمبير إلى المواطن، ويجب أن تلتزم في بنود العقد من خلال تنظيم صك كل نهاية شهر إلى أصحاب المولدات الذين تم التعاقد معهم.

محاسبة المقصرين
ونوه بأن من واجبات الدولة أن تدعم صاحب المولدة بـ"الكاز" المدعوم والكافي، إلى جانب التزام المواطن مع صاحب المولدة في دفع الاشتراك الشهري، كون هناك معاناة في تسلم الأجور الشهرية، عندما يشعر المواطن باستقرار الكهرباء، وهذا الأمر يحدث في نهاية كل موسم اذا توفرت هذه المطالب، سيكون الالتزام واجبا على كل صاحب مولدة.
وعندما توفر الحكومة الدعم المناسب سوف يكون للنقابة دور كبير ومحاسبة المقصرين في جميع نواحي بغداد، وهذا عهد منا نحن نقابة الميكانيك، سنشكل لجاناً نقابية في جميع مناطق بغداد، فضلا عن خلق تعاون جاد مع محافظة بغداد في المرحلة المقبلة، ونسعى الى حل جميع الخلافات من خلال طاولة الحوار، وإشراكنا في القرارات التي تصدر من المحافظة في المرحلة القادمة.
وكشف (ستار العبودي): أن معدل تجهيز الطاقة الكهربائية في بغداد من قبل اصحاب المولدات ما يعادل (5000) الاف ميكا واط، فاذا أجرينا حسابات حقيقية لوجدنا هذا الرقم كم يساعد الدولة، وبأقل التكاليف، وهذا جهد يجب أن يذكر لاصحاب المولدات، وبوجود ما يقارب (16) ألف مولدة في العاصمة بغداد.
وأضاف إن جزءًا من معاناة اصحاب المولدات، وهي حصة "الكاز"، فعندما يتم الكشف عن سعة مولدة (400) كي في، يتم تنزيل السعة إلى (200) كي في، مما يضطر اصحاب المولدات شراء "الكاز" من القطاع الخاص، والمواطن هو المتضرر من هذا الاجراء.

ضعف الرقابة
ورأت النائبة سهيلة السلطاني /كتلة صادقون/ عضو لجنة الكهرباء والطاقة، أن مشكلة المولدات الأهلية أن البعض منهم يستغل وضع الكهرباء المتردي، وهؤلاء يعمدون لرفع التسعيرة، وبالتالي فإنهم يستغلون أبناء جلدتهم، من أجل الثراء والربح السريع، وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة اجراءات عديدة، إلا أنها في حقيقة الأمر تفتقر إلى التطبيق الفعلي نتيجة لضعف الرقابة، ولو كنا نمتلك نظاما رقابيا قويا قادرا على محاسبة المخالف، لما تجرأ اصحاب النفوس الضعيفة  استغلال المواطنين بهذا الشكل، وما زال حتى الآن مستوى العقوبة لا يرقى لمستوى الجرم، فلو عوقب صاحب المولدة المخالف بالغرامة والمنع من الاستمرار بالعمل، لوجدنا أن المخالفات تكاد لا تذكر.
وما الحل (قلت للسيدة النائبة)، فاجابتني: يجب على وزارة الكهرباء أن تجد الحلول المناسبة لأن بقاء المولدات في الشوارع، ستولد أضرارا بيئية واجتماعية، لكن لا أخفيك القول، إن هناك مبادرات مثل مبادرة البنك المركزي، التي تتضمن منح قروض ميسرة الدفع إلى المواطنين الراغبين بنصب منظومات الطاقة الشمسية على أسطح المنازل، لتخلصنا من جشع بعض أصحاب المولدات الاهلية، ونوفر الطاقة من الشمس، فضلا عن المحافظة على البيئة والانتقال إلى الطاقة النظيفة.

جولاتٌ ميدانيَّة
من جهتها بيَّنت محافظة بغداد موقفها على لسان معاون محافظ بغداد لشؤون الطاقة المهندس قيس الكلابي، الذي دعا جميع أصحاب المولدات إلى نصب العدادات في المولدات الاهلية والحكومية باعتبارها من القرارات الصادرة عن أمانة مجلس الوزراء، وقد تم عقد اجتماع قبل فترة في ديوان محافظة بغداد مع جميع مديري النواحي، (والقائم مقامين)، ومسؤولي الوحدات الإدارية، وجرى توجيههم من المحافظ ،بضرورة متابعة وحث جميع أصحاب المولدات، بنصب هذه العدادات في المولدات العاملة في العاصمة بغداد.
وتابع: أبلغنا جميع أصحاب المولدات لغرض أن تكون الجباية في نهاية كل شهر، وليس كما معمول سابقا في بداية كل شهر، وتردنا بعض الشكاوى من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، وكذلك من خلال قسم شؤون المواطنين، ومن مكتبنا بوجود مخالفات على بعض اصحاب المولدات، مما نضطر لمتابعتها من خلال الجولات الميدانية لجميع مديري النواحي، وإلزام اصحاب المولدات الالتزام بالضوابط والتعليمات الصادرة عن المحافظة.

الحل الحقيقي
أرى أن حل مشكلة الخلافات الشهرية بين المواطنين واصحاب المولدات حول التسعيرة، بان تتبنى محافظة بغداد حوارا حقيقيا مع من يمثل أصحاب المولدات، وهي نقابة المولدات، واختيار عدد من المواطنين في مناطق بغداد، للاتفاق بصيغة ترضي الجميع من ناحية التسعيرة، لأن الغرض من موضوعنا هو معالجة هذه المشكلة من جذورها، وتنظيم عمل المولدات بنحو ثابت في جميع الفصول، وإزالة الغبن عن المواطن وأصحاب المولدات في بغداد، وفي حال نجاح الحلول في بغداد يمكن إعمامها على جميع المحافظات.