وجدان عبد العزيز
عبر تاريخ احتلال فلسطين وقيام دولة الكيان الصهيوني تبنى انتهاك حقوق الإنسان، ومنذ البداية تبنى، ليس احتلال الأرض، أو اغتصابها فقط، بل القضاء على الشخصية الفلسطينية حتى خارج فلسطين، لا يريد أن يُسمع اسم فلسطين أبدا، ومحاربة كل ما هو فلسطيني، وما نعيشه اليوم هو واقع قائم على الإرهاب، كيان إرهابي في واقعه يعيش ثقافة الاضطهاد والظلم والتمييز العنصري،
حيث تمادى هذا الكيان الإرهابي في جرائمه تحت حماية الولايات المتحدة الأميركية وأمام الملأ بانتهاكه للقانون الدولي، وقانون حقوق الإنسان وجميع الشرائع الدولية، جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949، واتفاقية لاهاي المتعلقة بالتسوية السلمية للنزاعات الدولية واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، لا يوجد بند في ميثاق الأمم المتحدة إلا وانتهكته دولة الكيان الصهيوني، والشاهد تاريخ الإبادة الجماعية فيما حدث في النكبة من تطهير عرقي ولا يزال يحدث، حتى الآن في غزة، مرورا بالمجازر التي ارتكبها الاحتلال في حق الفلسطينيين مثل مجزرة دير ياسين، كفر قاسم، صبرا وشاتيلا وغيرها كثير، واليوم يتمادى في غيه الإجرامي، ويغتصب عالم الطفولة، الذي ينجب لنا الاطفال، كون الطفولة براءة وعفوية وحب للحياة، وكل ما في قلوبهم هو جمال روحي، فهم يشكلون ملائكة الارض وابتسامتها وبهجة البيوت ومرحها الدائم وشريانها النابض، لذا انتفضت الضمائر الانسانية لأجل هذا العالم المشرق ابدا.. حيث ساهمت عدة قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي في دعم جهود تصنيف حماية الأطفال في النزاعات المسلحة، باعتبارها مسألة أمن إنساني، وعلى أساس أن حمايتهم تقع أصلا ضمن حقوق الإنسان، التي ترتكز عليها الاتفاقيات والمعاهدات كاتفاقية حقوق الطفل، لكن الحرب الرعناء، التي شنها العدو الصهيوني لم ترحم أيَّ شيء في فضاء الحياة داخل غزة والضفة الغربية، والأدهى أن العالم يرى المآسي بأم عينه، وهو يتفرج على أفلام الرعب والخوف والقتل بالجملة، وأطفال غزة يقضون أحلى أيام طفولتهم مشردين في العراء، أو يقبعون داخل مخيمات رثة، نصبها اللاجئون من البلاستيك لا تحميهم من البرد ولا من الأمطار، ينتظرون ما يمكن أن ينالوه من طعام ودواء من المنظمات والجمعيات الخيرية، فيما اذا سمحت لهم العصابات الصهيونية!، يقاسون الرعب والخوف من هول الانفجارات والقتل حولهم، التي سرقت براءتهم وأنهت حياة الآلاف منهم، جراء الاعتداء العسكري الصهيوني الغاصب على الآمنين في منازلهم وعلى التلاميذ في مدارسهم، وعلى المصلين بالمساجد والمرضى بالمستشفيات، وكان نصيب الأطفال منها باهظا في حرب غير متكافئة، الآلاف منهم قتلوا بوحشية تحت الأنقاض وبفعل التفجيرات العشوائية، وبسلاح من صنع العالم الحر، الذي يدعي الحقوق، ولم تحرك أمريكا ساكنا لا هي ولا كل أوروبا، سوى تنديد من منظمات إنسانية وشعبية غير رسمية، والأمرّ من هذا، بل والأشد مرارة ترك الأطفال الخدج بدون أوكسجين يموتون داخل الحاضنات!! ناهيك عن الاختطاف وغيرها، ورغم أن المجتمع الدولي اعدّ، ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى سلسلة من القرارات التي تقيد قانونيا وسياسيا انتهاك حقوق الطفل، وتضمن له من ناحية أخرى حمايته في حالات النزاعات المسلحة، نظرا للمآسي التي عاش فيها الأطفال خلال هذه الحرب العالمية، فقررت جمعية الأمم المتحدة عام 1919 إنشاء جمعية حماية الطفولة دون جدوى، فأين صدور القرار رقم 1386 في عام 1959 بشأن إعلان حقوق الطفل،؟؟ ثم أن الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة تبنت الإعلان عن حماية النساء والأطفال في فترة الطوارئ والنزاعات المسلحة عام1970، وبعدها تبنى المجتمع الدولي الاتفاق المتعلق بحقوق الطفل المصدق من 191 دولة، كل هذا لم يحرك العالم ساكنا تجاه أطفال غزة، لكن سيبقى الطفل في غزة نبعا من زلال تسيل منه الروعة والبراءة والجمال، وسيبقى العار يلاحق العالم الساكت عن حقوق الطفولة.. فالأرض صغيرة أمام براءة الأطفال وبسمتهم الجميلة، فهل مرض الضمير الإنساني عند قادة الغرب؟ وعند علماء النفس والاجتماع اذا مرض الضمير.. مات الرقيب، حيث تنغلق باب المحاسبة الذاتية، حينها يعيش الإنسان ميت الضمير.