يوم المرأة العالمي.. أداة تغيير وتطوير المجتمع

منصة 2024/03/11
...

 بغداد : نوارة محمد 

في العالم العربي البعض يعد تاريخ 8 آذار {يوم المرأة العالمي} فرصة للاحتفال، ويجده آخرون مناسبة للاحتجاج على الواقع الاجتماعي المتصدع الذي يعيشه النصف الآخر.. وكثيرون يستذكرون النساء اللواتي رُحن ضحية العنف الأسري والحرب، لكننا عموماً نشهد تساؤلات يثيرها مهتمون تتعلق في حصول المرأة على جزء من حقوقها، وهل تحقق ذلك؟، الكاتبة والشاعرة أفياء أمين الأسدي تقول: كنت أظن حتى وقت قريب أن المرأة في العالم العربي قد استعادت ما لا بأس به من حقوقها الطبيعيَّة، وسط هذه الغابة التي نسميها الحياة، فهي قد أثبتت وجودها وقدرتها في كل مجالات العمل، بل وبرعت في مجالات التي كانت حكراً على الرجل مع تقدم الزمن.

وتغيّر الحاجة نتيجة للحروب الكثيرة التي مرّ ويمرّ بها العالم العربي، ونتيجة اتساع بقعة الرؤية المجتمعيَّة أيضاً، لكن محاولة الكثير من الرجال إثبات مدى تفهمهم لحقّ المرأة في العمل وإكمال الدراسة والسعي نحو طموح مشروع ومستقبل مضيء بدت واضحة رغم ما نسمعه ونراه في الجهة الأخرى من العالم، الأمر الذي  يجعلني أضع يدي على قلبي حين أتحدث عن ذلك!" 

وترى الأسدي أيضا "هناك في أماكنَ عديدة من هذا العالم العربي، هناك أطفال يتزوجونَ بحكم التقاليد المريضة، والعادات المجرمة، هناك من البنات مَن يُقتلن وتنفى حتى جثثهنّ لأنّهن أردنَ اكمال تعليمهنّ، هناك من يقتلهُنَّ الأمل ويدفعهُنَّ للانتحار على عيش نصف حياة ونصف موت، هناك من تُعامل معاملة الشيء ولا حول ولا قوّة لها في الدفاع عن نفسها، لا حقّ لي بأن أتحدث عن النساء السعيدات، في وقت هناك من المعنفّات والمقتولات والتعيسات ما يكفي قارّة". 

الأسدي التي عدّت هذا اليوم فرصة للتفكير في النساء ولدعمهن، والإشادة بالشجاعة التي تحلت بها كثيرات في الوقوف بوجه الوحشيَّة التي كُنَّ ولا زِلْنَ يواجهن بها "عيد المرأة هذا فرصة لنا، لنفكّر فيهنّ، لندعمهنّ، للإشادة بالصمود أمام كل الوحشيَّة التي يتجه لها العالم، قلبي معهنّ وهنّ يستيقظنَ كل صباح لمواجهة كلّ هذا، وحدهنّ! 

ووسط دعوات للتحرر وأخرى لإنصاف المرأة بيومها العالمي يتفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي عبر "الهاشتاك" الذي تصدر قائمة الأكثر تداولاً #عيد-المرأة، عبّر من خلاله كثيرون عن تضامنهم مع المرأة مؤكدين الوقوف بجانبها لتحقيق العدالة الاجتماعية، فرح سالم ناشطة مدنية وتدريسية تشير في حديثها لـ "الصباح" من الملفت أن السنوات الأخيرة شهدت تغييرا كبيرا في المفاهيم التي تتعلق بحصول النساء على حقوقهنَّ وباتت النساء في العراق أكثر انخراطاً في مجالات جديدة كانت ربما حكراً على الرجال، سواء كان عملا ميدانيا أو عبر الإنترنت، وأعتقد ان للانفتاح العالمي و"السوشيال ميديا" دورا مهما في ذلك، فضلا عن ظهور مجموعة من التجارب النسوية الناجحة والتي برزت في السنوات الأخيرة ممن كان لهن تأثير بارز في المجتمع والتغيير فيه. 

هنالك تحول تشهده المجتمعات العربيَّة، لكن التزمت المجتمعي في الخفاء لا يزال يمارس دورا لا يستهان به في التحكّم بحياة ومصائر كثيرات.  

وفي السياق ذاته تبيّن المحامية سناء الحسيني أنّ النساء في العالم العربي تواجه أبشع ممارسات العنف، وهي تتلقى دعوات غير قابلة للتصديق بوقوع انتهاكات ضد النساء والفتيات بما في ذلك حالات اغتصاب وقتل وتعنيف جسدي إلى جانب الحرمان من أبسط حقوق الحياة، "لا تزال نساء كثيرات يَتَحَدَّينَ القواعد القبليَّة والمجتمعيَّة المتشددة، في عام 2024 هناك نساء كثيرات تُقتل بقضايا الشرف وتُزوّج قسراً، وتلد في عمر الخامسة عشرة، في الجانب الآخر من العالم تعيش الفتيات تحت مظلة الشرف بين أربعة جُدران طيلة حياتها، وهي بذلك تُحرم حق الدراسة والعمل وحق الحرية!. 

وتعود الحسيني للقول: رغم أنَّ الأعوام الأخيرة تشهد رغم كل شيء، بعضا من التقدّم نتيجة تقدم الحركات العالميَّة والحكومات المحليَّة وفرض السلطة القضائيَّة هيمنتها وهي تساند المرأة وتدعم هذه القضية إلّا أنَّ الأمر لا يزال شائكاً ومعقداً.

وتثير الصحفيّة والكاتبة زينب المشّاط تساؤلا آخر: هل تعمل النساء ما تريده؟ وترتدي ما يعجبها؟ وتتحدث مثلما يحلو لها!، "أعتقد أن هذا يعتمد بصورة أساسية على الفئة المجتمعيَّة التي انحدرت منها المرأة، وبهذا فإنّ الغالبيَّة لا تزال تعيش تحت مظلة القبيلة والأعراف المجتمعيَّة".

وتتابع المشّاط: حتى القانون الذي يحمي المرأة لا يزال حبراً على ورق ويعاني من الكثير من الثغرات، وأظن أن النساء أنفسهن ما زلنَ خاضعات وغير جاهزات للتغيير او الوقوف بوجه الأعراف النمطية السائدة، وانا هنا أتحدث عن الأعراف التعسفيّة التي تصُنّف المرأة ككائن من الدرجة الثانية. 

وتضيف أنّ "الاحتفال بيوم المرأة أمر جيد، لكنّه مظهري وغير فعّال ما لم تتبنَ المجتمعات المدنية والمؤسسات الحكومية النسوية قضية المرأة بشكل جدّي وتواكب التغيير الحداثوي الذي يعيشهُ العالم، النساء أداة تغيير المجتمع وهي نصفه الآخر الذي يحتاج لدعم وتعزيز حقيقي".