الشرق الأوسط وموازين القوى

قضايا عربية ودولية 2024/03/14
...

علي حسن الفواز

تغيّر موازين القوى في الشرق الأوسط يكشف عن سلسلة من التغيّرات التي يمكن أن تحدث في المنطقة، أو في العالم، فـ»الكيان الصهيوني» لم يعد يملك قوة البعبع التي كانت تُهدد الآخرين، وما يحدث في عدوانٍ متواصل على غزة يجعل من واقعية التغيير، فاضحة للهشاشة التي انهارت معها صورة «الجيش القديم» الذي فقد قدرته على صناعة انتصارات فنطازية، وعلى أن يجعل من العسكرة عنصر ضغط في فرض سياسات إيهامية تقود البعض إلى خيار التطبيع.
انكشاف ضعف العسكرة الصهيونية، يعني الفشل في مواجهة التغيير، كما أنَّ عدم القدرة على فرض معادلات توهم بـ”النصر الحاسم” يعني أنَّ جيش الاحتلال يعاني مشكلات بنيوية عميقة، تعكس مدى التدهور في بنية النظام السياسي والاقتصادي، وحتى الأمني، وفي التغطية على خطابه العنصري، ونزعته العدوانية التي باتت تواجه رفضاً دولياً، حتى داخل الكيان ذاته، لأنَّ الكثيرين يجدون في عدم تمكن الجيش الصهيوني من العثور على الرهائن دليلاً على ذلك الفشل.
من جانب آخر، فإنَّ توسّع الحرب إلى مناطق أخرى سيضع العالم في مأزق خطير، ويدفع سياسات الولايات المتحدة والغرب إلى مزيد من الفضائح، لأنَّ انتشار عدوى هذه الحرب في الشرق الأوسط سيكون الشرارة التي قد تُشعل الحرائق في جغرافيا النفط والغاز والممرات المائية، وعند حدود كثيرٍ من الدول، كما يحدث الآن في لبنان واليمن وسوريا، واحتمال امتدادها إلى دول أخرى، لاسيما أنَّ عدوان الكيان الصهيوني على غزة قد تحوّل إلى رهان سياسي وانتخابي وشوفيني، دفع “حكومة نتنياهو” إلى مزيد من التوحش والتدمير، والإصرار على مواصلة العدوان وتحدي الإرادة الدولية، ورفض كل الدعوات لإيقاف إطلاق النار.
 إمكانية تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط، سيفضح أيضاً ستراتيجيات الكيان الصهيوني، في تنفيذ مشروعه الاستيطاني، وربما في البحث عن مبررات لفرض سياسة التهجير تحت يافطة “الحرب المفتوحة” وهي إجراءات لا تحظى بقبول دولي، وتضع الولايات المتحدة وحلفاءها في حرج كبير، لأنَّ هذه السياسية غير واقعية، ولا شرعية لها، فضلاً عن أنها تواجه مقاومة شديدة من الشعب الفلسطيني في غزة، ومن جماعات متعددة في هذه الدولة أو تلك، وهو ما يعني إضعاف الخيارات الصهيونية، ووضعها أمام واقع دولي وإقليمي بالغ التعقيد، ينعكس على فرضية “قوتها” التي فقدت كثيراً من بريقها بعد “طوفان الأقصى” الذي تحول إلى جرحٍ تاريخي، و”نرجسي” يؤرق المؤسسة الصهيونية وسياساتها العنصرية.