علي حسن الفواز
كشفت معطيات نتائج الانتخابات الرئاسيَّة في روسيا عن فوز الرئيس فلاديمير بوتين برئاسة خامسة، وبهذا الفوز فإنه يحقق انتصاراً داخلياً له، وإعلاناً خارجياً عن فشل كلِّ الرهانات على إحداث أيِّ تغيير في السياسة الروسية، وفي خيارات حربها المفتوحة مع أوكرانيا والغرب.
إعلان النتائج، وبالأرقام التي أشارت إليها اللجنة الانتخابية يؤكد مدى الحساسية التي اكتسبتها هذه الانتخابات، ومدى الصعوبة في ضبط إيقاعها، لكي يحظى الرئيس بوتين بفرصة رئاسية جديدة، يُعزز بها جبهاته السياسية والاقتصادية، وقطع الطريق على مشاريع الغرب الساعية إلى تغيير معادلات الصراع الجيوسياسي مع روسيا، وفي فرض قواعد أخرى للاشتباك، فروسيا البوتينية ستظل هي العقبة الكأداء أمام «غربنة العالم» وأمام سياسات الاستحواذ التي تُهدد مصالح الكثير
من الشعوب والدول.
الحملة الغربية الرافضة لنتائج هذه الانتخابات متوقعة، فهي تعكس مدى الاحتقان الذي يعيشه الغرب، وفشل كلِّ محاولات الضغط الإعلامية والعقوباتية في تغيير مساراتها، وهو ما سيدفع إلى مزيد من التأزم الدولي على مستوى دعم الحرب في أوكرانيا، وعلى مستوى فرض المزيد من الحصار والعقوبات على روسيا، لأنَّ ست سنوات جديدة من عمر الرئاسة الروسية تعني ترسيخاً لخيارات كرّسها الرئيس بوتين في قواعد الحرب، وفي مواجهة الغرب الأميركي.
تصريح الرئيس بوتين بعد إعلان النتائج يؤكد طبيعة سياساته، ونظرته لرهانات الصراع مع الغرب، وعدم استبعاده حدوث «صراع واسع النطاق مع حلف شمال الأطلسي، ليكون العالم على بُعد خطوةٍ واحدةٍ فقط من حرب عالمية ثالثة لم يرغب بها أيُّ شخص»
هذا التصريح هو تلويح بالقوة، وبفرضية أن لا تغييرَ في سياق الصراع الذي يريده الغرب لمصالحه، ولحماية أنموذجه البراغماتي في أوكرانيا، والذي سيدفع إلى ممارسات تُزيد من العنف والعسكرة، ومن العقوبات، ومن سباق التسلح وسباق الأسواق والمصالح، لاسيما أنَّ تصريح بوتين الرئاسي شمل الحديث عن تصوراته بشأن محادثات السلام مع أوكرانيا، وأنَّ « الرئيس الحالي في أوكرانيا ليس خياراً فيها» فضلاً عن حديثه عن العلاقة الفاعلة مع الصين، بوصفها أنها تُعطي له وللرئيس الصيني فرصاً لتحقيق نجاحات مشتركة ولتطوير العلاقات بين البلدين بشكل أكبر، لأنها تمثل «عامل استقرار
في العالم» كما قال بوتين.