رفح وفضيحة العدوان

قضايا عربية ودولية 2024/03/26
...

علي حسن الفواز

تتواتر الأخبار حول ما يجري في رفح، مع استمرار القصف الوحشي على المدينة، وكأن لعبة الحرب التي يمارسها الكيان الصهيوني، تريد حرق الأرض للرهان على تكريس بند القوة الهمجية، وعلى وضع «المفاوضات» عبر الوسطاء تحت هذا البند الذي يفرض الحلول
من خلال القتل العمد.
التصريحات الأميركية الباردة إزاء جرائم الكيان في رفح، تبدو تمثيلا مفضوحا لخيارات السياسة الأميركية، في عدم إحراج الصهاينة جرّاء جرائمهم، وجرّاء تحويل قطاع غزة ومدنه إلى «درس أميركي» في توصيف العنف وتسويقه، وفي صياغة رسائل إلى الآخرين، رغم أن ما يجري «على الأرض» لم يحقق غايات الكيان، ولا حتى التعبير عن «شهوته الدامية» في الحصول على مآربه، وفي التعرّف على أماكن رهائنه، فكل الوقائع تُشير إلى الفشل الصهيوني، وإلى جعل المفاوضات، وحتى الضغط الأميركي الافتراضي، غطاء للخروج من المأزق.
ما يحدث في رفح هو جريمة إبادة، وتوصيف عنصري لهذه الجريمة، فالطائرات ما زالت تمارس طقوسها اليومية في القصف، والمستشفيات ما زالت محاصرة، والطواقم الطبية والدفاع المدني غير قادرة على إنجاز واجباتها بالكامل، فالشهداء يرتقون إلى عليين أمام «المجتمع الدولي» العاجز عن إيقاف إطلاق النار، حدّ أن الكثيرين باتوا يصفون مجلس الأمن الدولي بأنه «مجلس أميركي»، وأن السياسات والقرارات تخضع إلى مزاج الفاعل الأميركي، وإلى رؤيته في تفسير الوقائع.
التحذيرات بأن الهجوم البري على رفح سيكون كارثة، لم تمنع جيش الاحتلال من قصفها بوحشية، فهذه المدينة التي تؤوي أكثر من مليون فلسطيني، تحولت إلى «جورنيكا» أخرى، تقف صامدة أمام العدوان، وما يحدث فيها لا يقل بشاعة عن تدمير البنى التحتية في قطاع غزة، وفي قتل أكثر من 32 ألف شهيد فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ.
ما يجري على الأرض، ومن خلال سياسة الكراهية التي يمارسها «نتانياهو»، يكشف عن دوافع العدوان، وعن الإصرار على خلط الأوراق، وبهدف البحث عن «الرهائن» وعن «قادة حماس»، وهي تورية لممارسة أبشع عملية تصفية عنصرية في القرن الواحد  والعشرين، إذ ستكون هذه العملية العسكرية تحديا حقيقيا لـ»المجتمع الدولي» الذي يخضع للتوصيفات الأميركية، والعاجز عن اتخاذ كل الإجراءات القانونية لمنع
حدوث الإبادة الجماعية.