باريس جسر الحُبّ والأساطير

منصة 2024/03/27
...

 آمنة عبد النبي


رغم أنهُ تسويق ذكيّ لفنون الخيّال وحكايات الاساطير الشعبية، لكن لفرطِ حلاوةِ هذا التقليد الرومانسي العنيد والتولّع بفكرة الحُبٌّ الابديّ، التي تغنى بها كبار الفنانين العالميين، أصبحوا يسمونه بحارسِ القصص والمؤتمن على قلوب العشاق القادمين بلهفة من مشارق الأرض ومغاربها، حاملين أقفالا من حديد بغية عقدها على سياجه البرونزي المكتظ بالأقفال لإبرام العهد وانتظار المعجزة ثم بعد ذلك ترمى المفاتيح في نهر السين ليُصبح الجسر بذلك شاهداً حيّاً على عمر الحكاية. 

فظاهرةُ أقفال الحب المعلقة على سياج جسر الفنون الذي يتوسط العاصمة الفرنسية، مزدحم بعدد يفوق المليون قفل، ويقال إن الفكرة المجنونة بالأساس جاءت من أسطورة إغريقية قديمة وأثناء الحرب العالمية الثانية احياها ضابط صربي، فأصبحت بعد ذلك عادة منتشرة في عواصم القارة الأوروبية، لا سيما مدينة الفنون والعشق الازلي  باريس.

رغم إنها دول غربية مُتحضرة جدا وبثقافة عريقة، لم تسع الى محاربة الفكرة الفنية الاسطورية أو الانتقاص منها كما يعتقد الفنان التشكيلي المُقيم في فرنسا "وليد كويش".. حيث قال: جسر الفنون او العشاق والذي يعود تاريخ أقفال الحب فيه لزمن قديم جداً، على الأقل لمئة سنة أي فترة الحرب العالمية، في حكاية حرب صربية سوداوية ومؤلمة وقعت ما بين معلمة تدعى نادا التي أحبت ضابط صربي اسمه ريليا، وبعد أن ارتبطا ببعضهما البعض، ذهب الضابط إلى الحرب في اليونان حيث وقع في حب امرأة من كورفو. 

ونتيجة لذلك انفصل ريليا التي ماتت من القهر، ومن هنا اصبح العشاق الزائرون يقومون بتعليق أقفال نحاسية على القضبان الحديدية للجسور، تعبيراً عن الحب الأبدي، وكي لا يخلف الوعد أحدهما ويخون العلاقة.

اما الكاتبة وفاء ضياء، والتي يبعد هذا الجسر الرومانسيّ المزدحم عن بيتها حوالي 600 متر، قالت: بصراحة هنالك مقاومة عنيدة من السائحين المتشبثين بالتقليد الرومانسي، فدائماً يتجسد حلم العاشقين في حب أبدي، ولعل فكرة قفل يغلق وترمى مفاتيحه في نهر السين، من وجهة نظر العشاق هي بمثابة العهد الذي لن يتجرأ احدهما على حنثه، لأنه وبعيداً عن السياحة وجماليات المدينة، يعتبر جهة للسائحين العشاق والفرنسيين الراغبين في تخليد حبهم من خلال ربط قفل محفور عليه الأحرف الأولى في سور الجسر.

في حين عبر نشوان الطائي السائح القادم من بلجيكا لزيارة الجسر.. بقوله إن "الاساطير تجعلنا نحتمل عبثية الحياة، لأنها تبعث الاحساس بالأمل حتى رمي القطع النقدية في بحيرة أو نهر، كلها تضفي شعورا جميلا بالحياة، وكانت رؤية الحلم البعيد قد باتت قريبة جدا، والغريب انك لو لففت فرنسا ومن ثم زرت برج إيفل وقوس النصر والشانزليزيه، وحاولت اكتشاف كنوز التاريخ والفنون بروائعه الفنية والأثرية التي تسرد أهم حضارات البشر، ستبقى زيارتك ناقصة او بالأحرى تفتقد لهذا اللغز الرومانسي الجميل، وكان جسر العشاق تعويذة قادرة على جذب كل من يدخل باريس، وتناديه لزيارتها وعقد الوعد  الابدي.