الحرب على الأونروا

قضايا عربية ودولية 2024/03/28
...

علي حسن الفواز

يكشف امتناع الولايات المتحدة عن دعم تمويل الأونروا عن التناقض في مواقفها السياسيَّة، وفي ازدواج معاييرها، ففي الوقت الذي صدر فيه قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزّة، يندفع مجلس الشيوخ الأميركي إلى التهيئة لإصدار قرار يهدف إلى وقف دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” ليكون المشهد دراماتيكياً عن ثنائية اليد التي تُعطي، واليد التي تأخذ.
تصريحات فليبب لازاريني مفوض الوكالة تفضح هذه السياسة، وتكشف عن حجم معاناة العاملين فيها، وعن محدودية إمكاناتها التي لا تكفي حتى شهر أيار المقبل، لاسيما أنَّ العدوان على غزّة قد جعل الوكالة أمام تحديات وتهديدات كبيرة، لإيقاف جهودها، بعد قيام بعض الدول المانحة برفض دعم أعمالها الإغاثية في الأراضي المحتلة، حتى بات الأمر مكشوفاً من خلال الربط بين مواقف هذه الدول، ومنها الولايات المتحدة وبين دعمها للكيان الصهيوني في استمرار عدوانه على غزّة.
سياسات التجويع والتعطيل تعكس خطورة تفاقم الأوضاع في غزّة، فالتوقف عن دعم “الأونروا” سيكون بمثابة إصرار على تلك السياسات، وعلى فرض واقع يتناقض مع أهداف الأمم المتحدة وعمل وكالاتها الإنسانية، حدّ أنَّ بعض الخبراء الدوليين قال إنَّ حرب الجوع الوشيكة لا تقل قسوة عن حرب القصف المتوحش، وهو ما دعا الأمم المتحدة إلى التحذير من مجاعة وشيكة، رغم أنَّ قرار مجلس الأمن الأخير يقتضي الالتزام به، لكي تتيسر الظروف المناسبة لإيصال المساعدات إلى قطاع غزّة.
تصريحات لازاريني تهدف إلى حماية وكالته من العجز في تنفيذ مسؤولياتها، لأنَّ ما يريده الكيان الصهيوني هو فرض واقعٍ يجعل من إيصال المساعدات خاضعاً إلى رقابته الأمنية، ولعل ما حدث في شمال غزة الذي يعاني من خطر المجاعة بعد إيقاف إيصال المساعدات يؤكد هذه السياسة، كما قال
لازاريني.
فضح إجراءات الصهاينة، والوقوف بوجه سياساتهم “النازية” خيار إنساني أولاً، وموقف يتطلب عملاً متواصلاً ثانياً، ليس باتجاه تطبيق قرار مجلس الأمن 2728 الخاص بإيقاف إطلاق النار الفوري في غزة فحسب، بل بصدد دعم عمل وكالات الأمم المتحدة، وتمكينها من القيام بمسؤولياتها الإنسانية في المجالات الصحية والغذائية والتعليمية وبرامج العمل والتشغيل، وهذا ما يعمد الكيان الصهيوني إلى إيقافه، والى اتهام الأونروا بالخروج عن برامجها الأممية، وهو ما نفته الوكالة التي اتهمت الكيان بأنَّ سياساته هي التي تُهدد إيقاف برامجها الإنسانية في الأراضي
المحتلة.