هدى رعد
نادراً ما يتم الاهتمام بالنساء البدينات، ودائماً ما يتم تجاهل كيف أنهن يبذلن جهوداً كبيرة في ارتداء ما يناسبهن من ثياب على وفق الموضة. فمهمة العثور في أسواقنا المحليّة على محال تجاريّة تضم أقساماً خاصة بعرض الملابس النسائيّة ذات الأحجام الزائدة أو الكبيرة غاية في الصعوبة وتحتاج لمجهود.. وإن وجدت هذا الاحجام أو المقاسات الكبيرة فهي بالضرورة ليست مثالية بشكل جيد، وكأن الأمر برمته صورة نمطية غير عادلة عن المرأة البدينة - فترى ما يتم عرضه من ملابس بأذرع صغيرة، ومقاسات بأحجام ضيقة.. لا يوجد شيء يناسب جميع النساء، باستثناء ضعيفات البدن أو الرشيقات.
تميل النساء البدينات عادة إلى ارتداء ثياب بعيدة عن الموضة نتيجة تحكم السوق بما يفرضه من مقاسات معينة، وإن حاولت احداهن اتباع تقليعاتها فإنها -وبحسب ما يطرحه السوق أيضا - ستبدو فضفاضة في محاولة لإخفاء ترهلات جسمها البدين، وإظهاره بحجم أكثر تقبلا.
ما دفعني للحديث عن معاناة النساء البدينات في مسألة اختيار الملابس الجاهزة.. هو متابعتي الدائمة لنساء مقربات صادف أن أصبحن بدينات، وكيف أنهن يشعرن في أن ما يعرض من سلع الموضة المناسبة لهن سريعة وقصيرة العمر أو الاستهلاك.
ماذا يعني أن تكوني امرأة بدينة؟، لسبب واحد، هذا يعني أن يُطلب منك باستمرار النظر إلى معيار جمال لا يناسبك، ومن ناحية أخرى، فهذا يعني أن العثور على ملابس عصريّة أمر في غاية الصعوبة.
لكن كل هذا يتغير، ولو ببطء بالنسبة للنساء اللواتي يجبرن أنفسهن على اقتناء ملابس مصممة لإخفاء الترهلات والتي دوماً ما يكون الحصول عليها صدفة، فإنّ هذه التعديلات طال انتظارها.. يقول الكثير من المهتمين بالموضة إن معاناة النساء البدينات مع الملابس لن تتغير ما لم تتغير توجهات وسائل الإعلام.
الكثير من المدافعات عن الأجسام الإيجابية والخبيرات في الموضة يرين أن النساء من أصحاب الأجسام الممتلئة يعانين من العنصريّة في هذا الشأن على الرغم من أن الأسواق بدأت توجهاتها نحو الأزياء ذات الاحجام الكبيرة والمقاسات الشاملة، ومع ذلك، تبقى موضة الملابس العصريّة ذات الأحجام الكبيرة في نطاق ضيق وتحديداً عند القليل من المتاجر.
فكرة مفهوم التعامل بإيجابية مع الجسم بكل أشكاله، وهو مفهوم ولد في الولايات المتحدة في أواخر الستينيات، ويركز على أن جميع الأشخاص يستحقون الحصول على صورة إيجابية للجسم، بغض النظر عن نظرة المجتمع والثقافة الشعبيّة للشكل والحجم والمظهر المثالي، عبر تحدي نظرة المجتمع إلى الجسد، ومساعدة الناس على الثقة بأنفسهم وقبول أجسادهم، ومعالجة معايير الجسم غير الواقعيّة.
إن عدم وجود خيارات للنساء
البدينات هو نتيجة مباشرة للأعراف المجتمعيّة ضد الأفكار المتمثلة حول معنى أن "تكون المرأة جميلة"، وكيف وضع هذا المجتمع معايير خاصة بالصورة النمطية لأجسام الجميلات، مما فعل "رهاب البدانة".
على الرغم من أن هذا الأمر لا علاقة له تماماً بسوق العرض والطلب، بل يتعلق بنظرة المجتمع تجاه النساء في حجم معين.
ما يزال تجار وأصحاب محال بيع الملابس النسائية ينظرون إلى الزبونات البدينات على أنهن فكرة لاحقة. وهذه النظرة هي متجذرة في الثقافة تلك التي جعلت من صناعة كلٍّ من الأزياء والسينما تساوي صناعة بين الجمال والنحافة.
أتذكر قريبة لي كانت تعاني كثيراً في ايجاد ما يناسبها من ثياب بتقليعات عصريّة أو بألوان تحبها، وكانت دوماً ما تتحدث وهي محبطة "لا يمكن لعدد قليل من الأوزان أن تمثل هذا المجتمع بأكمله"، وكأن صناعة الملابس نخبويّة.
حتى اذا ما عثرنا على ثياب عصريّة بأحجام كبيرة تجد الإعلان عنها يكون بطريقة فيها الكثير من التمييز، بينما الواقع هو أن النساء البدينات موجودات في المجتمع أكثر من النحيفات. ايضا هناك مسالة مهمة تتعلق بالعلامات التجارية للأزياء الراقية التي لا تعرض أبدا مقاسات كبيرة، بل يعارضون فكرة امكانية ان تعرض متاجرهم الملابس ذات الاحجام الكبيرة أو الاستثنائية.