عراق الداخل عراق الخارج

آراء 2019/05/31
...

حمزة مصطفى
حين ينشر هذا المقال يكون كل من رؤساء الجمهورية برهم صالح والوزراء عادل عبد المهدي والبرلمان محمد الحلبوسي عادوا الى البلاد بعد قيامهم بجولات خارجية. صالح الى تركيا والحلبوسي الى المملكة الأردنية وعبد المهدي الى قطر. وبعد نشر المقال ربما يسافر الرؤساء الثلاثة ثانية الى حيث مهام تنتظرهم طبقا لمجريات التصعيد الحالي في المنطقة. الرئيس برهم صالح  الى المملكة العربية السعودية للمشاركة في قمتي مكة العربية والإسلامية وعبد المهدي ربما الى طهران وواشنطن مثلما قال في مؤتمره الصحفي والحلبوسي نفس الشيء برغم إنه لم يؤكد أو ينفي خبر قيامه بزيارة الى كل من واشنطن وطهران.
يحصل هذا في وقت لاتزال فيه الأمور غير واضحة فيما إذا كان العراق مكلفا بدور الوسيط أم ناقل الرسائل أم “طباب خير” أم مطفئ حرائق. الأهم من ذلك أن بغداد تحولت الى محطة للتفاهمات التي نتجت عنها “تنازلات” أميركية ـ إيرانية متبادلة بعد كل التصعيد الذي شهدناه خلال الأسابيع الماضية. المسألة من وجهة نظري هي ليست أن يقوم هذا الرئيس أو ذاك بزيارة الى هذه الدولة أو تلك علما أن بعض الزيارات “شلعان قلب” مثلما يقال لأنها لاتستغرق سوى ساعات. فلم يحمل أي من الرؤساء ومرافقوهم أية حقائب سفر أو سياحة.
مع ذلك نختلف كالعادة في توصيف هذه الزيارات.  مع ذلك فإن  الخلاف يفترض أن لايفسد للود قضية لكنه حين يتحول الى تشكيك إما بجدوى الزيارات وهذا يحتاج الى معطيات أو يقلل من أهميتها نظرا لمجموعة التباسات هنا وهناك (البعض يستحضر نزاع العشائر الذي لم تحله الرئاسات الثلاث حتى تحل أزمة إيران وتركيا, أو يتحدث عن حرائق الحنطة التي لم يتمكن الرؤساء الثلاثة من إطفائها ومن ثم يمكن لهم أن يطفئوا نيران الحرب المحتملة). كما أن هناك من يتحدث عن “صرفيات” هذه الزيارات وكأن الدولة دكان لبيع الرقي والبطيخ وليس كيان ضخم لديه التزامات هائلة كعضو في المجتمع الدولي.
شخصيا أرى في تحركات صالح وعبد المهدي والحلبوسي علامة صحة من زاويتين. الأولى إنهم ينطلقون فيما يقومون به من رؤية موحدة وخطاب سياسي واحد. والثانية أن ماقاموا به أدى حتى الآن دوره في تهدئة الأجواء تمهيدا لخطوات لاحقة  تقوم بلعبها أطراف أخرى لكن من دون أن يتم تجاوز دور 
العراق. 
صحيح أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لم يطلب من العراق القيام بدور الوساطة لسبب بسيط لأن أميركا كانت أثناء زيارته في طور التحشيد. لكنه طلب ماهو أهم وهو أن تقوم بغداد بمسؤولياتها وهوماحصل بالفعل والذي أدى الى مجيء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. وظريف ذهب الى أبعد مما كان متوقعا حيث عرض من بغداد مبادرة عدم الإعتداء مع دول الجوار.
 
لماذا نتجاهل كل هذه المعطيات ونتناول شكليات الزيارة أو هل العراق مؤهل أم لا إنطلاقا من فرضيتي العشائر والحنطة. بصراحة العراق اليوم عراقان. عراق الخارج الذي ينشط فيه الثلاثي الرئاسي بنجاح لافت وعراق الداخل الذي هو عراق الوزراء الشاغرين الأربعة واللجان البرلمانية الشاغرة وحرائق الحنطة والدكات العشائرية. وهذه ليست مسؤولية الرؤساء الثلاثة فقط. بل مسؤوليتنا جميعا بدون .. شلع
 قلع.