إيران تُحذّر الكيان الصهيوني: {إن عدتم عدنا}

قضايا عربية ودولية 2024/04/15
...

 طهران: محمد صالح صدقيان
 بغداد: أنيس الصفار

نفذت الجمهورية الإسلامية في إيران تهديدها ووعيدها بالثأر إزاء جريمة العدوان على قنصليتها في دمشق، الذي راح ضحيته عدد من أبرز قادتها العسكريين، إذ دكّت ليل السبت وفجر أمس الأحد بمئات الصواريخ والمُسيّرات جميع أرجاء الكيان الصهيوني وقواعده التي نفذ منها العدوان على دمشق، وأعلنت القيادة الإيرانية تحقيق أهداف ضربة الانتقام “المحدودة” وحذّرت الدولة العبرية وحلفاءها من أي رد، مؤكدة أن أي تصرف أحمق من تل أبيب سيواجه برد أكبر.
وقال رئيس هيئة الأركان المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، إن قوات بلاده استهدفت موقعين عسكريين إسرائيليين مهمين، هما: المقر الاستخباراتي الإسرائيلي في جبل الشيخ، وقاعدة نوفاتيم العسكرية، وجرى تدميرهما، ضمن العملية التي شنتها ليل السبت على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأشار باقري، إلى أنّ الهجوم الذي تم بصواريخ بالستية وصواريخ كروز، “تم التخطيط له بحيث تم استهداف القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرات الإسرائيلية التي اعتدت على قنصليتنا”، كما أكّد تحقيق إصابات مباشرة في الهجوم الذي “حاولنا أن يكون عقابياً، ولم نستهدف فيه سوى القواعد العسكرية”.
وعن الدور الأميركي في الأزمة الجارية قال باقري: إنّ “أميركا كانت تعلم باستهداف قنصليتنا في دمشق، وهي التي أعطت الضوء الأخضر لكيان الاحتلال”. وأضاف: “إذا قام الكيان الصهيوني بالرد على عملية إيران، فإن ردّنا المقبل، سيكون بالتأكيد أوسع بكثير من هذه العملية”.
من جهته، قال قائد حرس الثورة في إيران اللواء حسين سلامي، إن الإيرانيين اتخذوا “معادلة جديدة مع الكيان الصهيوني”، وهي الرد على أي اعتداء تتعرّض له الأراضي الإيرانية، معلناً البدء بـ”صفحة جديدة من الاشتباك مع العدو الصهيوني”.
وأكد سلامي، أنّ “تجاوز المنظومات الدفاعية الصهيونية والأميركية في المنطقة، وإصابة الأهداف المحددة، لم يكن أمراً سهلاً”، إلا أنّ الخطط العسكرية الإيرانية “كانت إبداعية وتمكّنت من اختراق طبقات المنظومات الدفاعية الصهيونية وحلفاء إسرائيل الأميركيين والفرنسيين”، مشيراً إلى أنه “إذا شاركت واشنطن في أي هجوم ضد إيران فسيتم استهداف قواعدها بالمنطقة ولن تكون بمأمن”.
وختم سلامي بتأكيده نجاح العملية العسكرية، نجاحاً تخطّى توقّعاتهم، محذراً “إسرائيل” من القيام بأي فعل، لأن “الرد سيكون أشد وأقسى”.
وشنّت إيران خلال ليل السبت أول هجوم مباشر على إسرائيل في تاريخها، باستخدام المسيرّات والصواريخ، وجاء ذلك رداً على تعرض قنصلية إيران في دمشق مطلع الشهر الحالي لهجوم صاروخي إسرائيلي أسفر عن مقتل 7 من قيادات الحرس الثوري الإيراني، بينهم الجنرال محمد رضا زاهدي.
وفي تقييمها لهجوم ليل السبت، أكدت وكالة “إرنا” الرسمية أن نصف الصواريخ التي تم إطلاقها باتجاه إسرائيل أصابت أهدافها بنجاح، وقالت إن القوات الإيرانية استهدفت بنجاح قاعدة جوية إسرائيلية في النقب باستخدام صواريخ “خيبر”، وأشارت إلى أن تلك القاعدة كانت منطلقا للهجوم على القنصلية الإيرانية بدمشق.
وأكّد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، عقب عملية “الوعد الصادق”، أنّ القوات المسلحة الإيرانية “لقّنت العدو الصهيوني درس عبرة”، مشدداً على أنّ أي “رد متهور جديد من العدو سيواجه برد أقوى وأقسى”.
وأوضح رئيسي، أنّ “عملية السبت تأتي في إطار الدفاع عن سيادة إيران ومصالحها القومية ومعاقبة الأعداء وتعزيز الأمن الإقليمي”، مضيفاً أنّ “معاقبة الأعداء هي تحقّق للوعد الصادق للسيد علي خامنئي”.
كما بيّن رئيسي، أنّ العمليات المركّبة ليلة الأحد “تحمل رسالة قوة واقتدار للأمة الإسلامية، ورسالة خوف ومذلة لأعداء البشرية”، لافتاً إلى أنّ الإجراء الإيراني “كان ذكياً ومدروساً”، بحيث أنّ المسيّرات والصواريخ “استهدفت قواعد عسكرية للاحتلال، تزعزع الأمن والاستقرار الإقليميين”.
وأضاف الرئيس الإيراني، أنّ “الكيان الصهيوني هو الذي يهدّد الأمن والاستقرار الدوليين في المنطقة عبر انتهاكاته المستمرة وجرائمه الوحشية منذ 6 أشهر في قطاع غزة”.
كما اعتبر رئیس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف، أنّ الصفعة، التي وجّهها الشعب الإيراني للعدو الصهيوني، كانت صفعةً محكمةً، وفيها درس وعبرة، وقال إنّ الرد الإيراني “سيكون أشد وأقوى إذا قام الكيان الصهيوني بأي تحرّك”.
من ناحيته، أكد سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، في رسالة إلى مجلس الأمن مساء السبت، أن الرد الإيراني جاء استناداً إلی المادة 51 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة للدفاع عن النفس، كما انتقد موقف مجلس الأمن الدولي الذي فشل بالقيام بواجباته في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين وسمح للكيان الإسرائيلي بانتهاك الخطوط الحمراء والمبادئ الأساسية للقانون الدولي.
وذكرت مصادر إيرانية، أن إيران أطلقت 180 مسيرة، إضافة الی عشرات الصواريخ البالستية والصواريخ المجنحة من أنواع مختلفة، واستهدفت قاعدة “نيفاتيم” الجوية في صحراء النقب التي انطلقت منها الطائرات التي هاجمت السفارة الإيرانية بدمشق، والتي تعتبر الحظيرة والقاعدة الرئيسية لطائرات إف 35 الأميركية الصنع.
وبموازاة ذلك، أشار موقع “أكسيوس” الأميركي عن مسؤولين، إلى أنّ بايدن “أبلغ نتنياهو أن الولايات المتحدة ستعارض أي هجوم مضاد إسرائيلي ضد إيران”، معبّرين عن “قلقهم البالغ” من أنّ الردّ الإسرائيلي على الهجوم الإيراني على “إسرائيل” سيؤدي إلى حرب إقليمية ذات “عواقب كارثية”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، ندد مساء أمس الأول السبت بالهجمات الإيرانية على إسرائيل، وقال إنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشيراً إلى أنه سيبحث مع زعماء مجموعة السبع رداً موحداً على الهجوم الإيراني، على حد قوله.
وفي وقت سابق، فوض المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت والوزير بيني غانتس، باتخاذ قرارات الرد على الهجوم الإيراني، وفق هيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
وصباح أمس الأحد، تحدث جيش الاحتلال الإسرائيلي عن رصد عشرات المسيرات والصواريخ (أرض - أرض) من نوع “كروز” التي أطلقتها إيران ضد مدن إسرائيلية، وزعم جيش الاحتلال أن معظم هذه الصواريخ تم اعتراضها عبر أنظمة الدفاع الجوي التابعة له ولدول وصفها بـ”الشريكة الستراتيجية”.
وكانت الأردن، أعلنت في وقت سابق، اعتراض مقاتلاتها والدفاع الجوي عشرات من “الأجسام الجوية” التي اخترقت أجواءها قادمة من الشرق.
وأشارت القناة 12 الإسرائيلية، إلى أن مقاتلات أميركية وبريطانية وفرنسية شاركت في إسقاط بعض الطائرات المسيرة التي كانت موجهة إلى إسرائيل  فوق منطقة الحدود العراقية السورية.
وفي تعليقها على الهجوم الإيراني، قالت حركة “حماس” الفلسطينية: “نعتبر العملية العسكرية التي قامت بها الجمهورية الإسلامية في إيران ضد الكيان الصهيوني المحتل حقاً طبيعياً ورداً مستحقاً على جريمة استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال عدد من قادة الحرس الثوري فيها”، ودعت الحركة شعوب المنطقة لمواصلة إسنادهم لـ”طوفان الأقصى”.
كما أصدرت معظم الفصائل الفلسطينية بيانات تبارك فيها لإيران ردها الذي “أذل الكيان الصهيوني” وخلق معادلة جديدة في “موازنة الرعب” ضد الدولة العبرية.
إلى ذلك، نقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عن قيادي عسكري سابق، أن إسرائيل أنفقت ما قد يصل إلى 5 مليارات شيكل (نحو 1.35 مليار دولار) خلال ليلة واحدة من أجل التصدي للهجوم الذي أطلقته إيران باستخدام مئات المسيرات والصواريخ، في المقابل، أنفقت إيران نحو 10 % فقط مما تكبدته إسرائيل.
من جانبه، نشر “معهد دراسات الحرب” الأميركي، تقريراً موسعاً بشأن الهجوم الإيراني، وأشار التقرير الذي ترجمت “الصباح” أجزاء منه، إلى أن “التشكيلة التي استخدمها الإيرانيون في هجماتهم الأخيرة على إسرائيل (من صواريخ كروز والصواريخ البالستية والطائرات المسيرة)، شبيهة بالتشكيلة التي استخدمها الروس في ضرباتهم المتكررة التي استهدفوا بها أوكرانيا، حيث بقيت الضربات الروسية تعيد المحاولة تلو المحاولة من أجل تحديد (الحزمة المثلى) القادرة على اختراق منظومات الدفاع الجوي والصاروخي الغربية”.
وأشار التقرير، إلى أن “الروس استمروا في تجربة تشكيلات متنوعة من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة الإيرانية، واستخدام إيران طائراتها المسيرة إلى جانب الصواريخ على هذا النحو، يكشف عن أن الإيرانيين قد تعلموا من الروس كيف يطورون حزمة أسلحتهم بشكل تصاعدي إلى أن يبلغوا بها مستوى الضربة الخطيرة المؤثرة ضد إسرائيل”.
وخلص التقرير، إلى أن “الهجمات التي وقعت مؤخراً سوف تمكن الإيرانيين من تقييم مدى فعالية تشكيلات مختلفة من (الحزمة الضاربة) ليعلموا كيف يمكنهم تفادي الدفاعات الجوية والبحرية الأميركية والتغلب عليها بصورة فعالة”.